الرئيسية » ناس في الأخبار
سرطان الثدي

الرباط -المغرب اليوم

"حين يصبح السرطان لحظة ميلاد" هو العنوان الذي اختارته أسماء حيان لكتابها الذي يعتبر أول إصدار لها .ويحكي هذا الكتاب، الصادر عن دار النشر مقاربات"، عن التجربة الشخصية للكاتبة مع سرطان الثدي وتداعياته النفسية والجسدية .

تقول حيان عن باكورة أعمالها: "عندما يتلقى المريض خبر إصابته بورم خبيث تكاد تتوقف الأرض عن الدوران، وربما يبدأ في العد التنازلي لنبضات قلبه وأنفاسه ظنا منه أنها لحظات عمره الأخيرة" .. مضيفة "كنت واحدة من هؤلاء الذين عاشوا تلك المشاعر القاسية ولكن سرعان ما انتبهت على أنها مجرد مكائد شيطانية تسعى لأن تضعك في قبضة القنوط واليأس ثم الاستسلام .."
فهل يمكن للسرطان أن يصبح لحظة ميلاد؟ كتاب أسماء حيان، الذي يندرج ضمن جنس المذكرات، يجيب على هذا السؤال .وفيما يلي مقتطف من فقرة من فقرات كتاب "حين يصبح السرطان لحظة ميلاد":

المطالعة في زمن الحظر

طيلة الأسبوع كان حَظْرُ الحركة والإنارة في بيتنا يبدأ عند نهاية الغروب باستثناء يومي السبت والأحد كان يجود علينا والدي فيمدده إلى ما بعد صلاة العشاء.. كان النوم إجباريا حاله حال الكثير من السلوكيات..

منذ طفولتي كان النوم يعاندني ويعاند عنادي وكثيرا ما كان يخاصم جفوني.. بعدما يغط الكل في عالم السبات أقوم بإخراج قصة أو رواية أو مجلة أو حتى صفحة من جريدة كنت قد دسستها تحت الوسادة بعيدا عن تعليمات والدي الصارمة التي تحظُر كل صوت أو حركة تصدر داخل زمن الحَظْر اللهم حركة الأنفاس بين صعود ونزول.. كنت أستعين على القراءة بشعاع ضئيل قادم من الإضاءة الخافتة بالشارع يتسلل عبر ثقوب النافذة.. وإذا تعطل المصباح كنت أنام على جوع وظمئ، وجداني تناشد فيه روحي عالم الأحلام أن يجود عليها بما لم يجد به عالم اليقظة.

لست أذكر على وجه الدقة في أي سن بدأ ولعي بالقراءة، إنما كان ذلك قبل سن الثانية عشر..

وجَدْتُنِي أحمل بداخلي تلك الشعلة ولكني لست أدري كيف اتقدت ومن أوقدها..

نعم وَجَدْتُنِي أرتع بين السطور أقرأ بنهم ولا تزيدني الحروف إلا شراهة ولا يزيدني رشْفُها إلا ظمئا.

لم تكن أسرتي من الذين يملكون مكتبة أو الذين يهتمون باقتناء الكتب ويحرصون على مواكبة المعارض الموسمية للكتاب.. لم يكن والدي من الذين يقرؤون من الأصل، بل كان يكافح طوال اليوم وهمه الوحيد توفير المأكل والمشرب والكتب المدرسية الضرورية (جلها مستعملة) ..
أما والدتي فكانت تستطيع القراءة ولكن كل طاقتها ووقتها كان ينصرف نحو التربية والبيت.. لكل هذه الأسباب لم يكن توفري على الكتب بالأمر السهل، ولم يكن لدي الخيار لقراءة ما يناسب سني وذوقي، بل كنت ألتهم كل ما أجده في طريقي وكل ما يلتقطه بصري .لحسن حظي كانت بعض المكتبات تسمح باستبدال الكتب مقابل مبلغ زهيد.. كنت أحتفظ بكل فلس يقع في يدي لهذه الغاية.. رغم طعم الحلوى الذي يغري طفلة في مثل سني بالتذوق والتلذذ ولكنها تبقى متعة لحظية تنتهي بانتهاء طعمها.. أما نشوة القراءة فعمرها طويل مازال يصاحبني وقد بلغت من الكبر عتيا.

انتهيت من قراءة المجموعة القصصية للأطفال واليافعين ورأيت بعين خيالي الضفدع القبيح الذي تحول إلى أمير وسيم واستيقظت الأميرة النائمة بعد سبات سنين واستمتعت بغناء الأقزام السبعة ومرحهم وهمتهم وأبحرت مع سندباد وياسمينته الظريفة نحو جزر الوقواق وخلف السبعة بحار وخضت معه جل المغامرات حتى كاد قلبي الصغير يقفز من بين ضلوعي، وأوقدت بخيالي مصباح علاء الدين ورأيت العفريت الظريف.. ثم انتقلت إلى مرحلة أخرى وبدأت أجوب الحارة القديمة مع بطلها محسن وتعرفت على التفاصيل الدقيقة لحي السيدة زينب في رواية عودة الروح لتوفيق الحكيم، لم تكن شخصية السي السيد في ثلاثية نجيب محفوظ تختلف كثيرا عن ملامح شخصية والدي.. ذرفت ما يكفي من العبرات مع نوال بطلة رواية في بيتنا رجل لإحسان عبد القدوس وجلنا أحب إبراهيم الشاب الشجاع.. جلست العصر تحت ظلال الزيزفون وشربت الخمر في كؤوس من أثير في فنجان قصائد جبران خليل جبران، كم تألمت لحال البؤساء، وحزنت لأجل بائعة الكبريت التي قضت من شدة الجوع والبرد.. بعد النكبة بسنين عدت مع والديْ خلدون إلى حيفا التي تغيرت معالمها عدنا من أجل البحث عنه لنجد أبويه بالتبني قد هَوٌدَاه وأعطياه اسم دوف عوض خلدون وأوقدا في صدره نار الحقد وطمسا هويته العربية.. تعلمت منطق الطير ولغة الحيوان بين دفتي كليلة ودمنة وعشت ألف ليلة وليلة ولم أستيقظ حتى صاح الديك وأذن الفجر بالبزوغ ..

ثم التحقت بالتعليم الإعدادي فالثانوي وبالرغم من الرصيد الضعيف لمكتبة المؤسسة لكنها ساعدتني على اقتناء نوع آخر من الكتب والروايات العالمية.. قضيت معظمها في التجوال بين كتب نقشت على ذاكرتي سطورا متنوعة من المعرفة وزودتني برصيد لا بأس به من المعاني.. أجل كنت أقرأ لأجل المتعة في ظروف صعبة.. أما الآن كل شيء متوفر: كتب كثيرة وإضاءة كاملة ولكننا للأسف زهدنا في القراءة.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

مواد كيميائية في المنتجات الاستهلاكية قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي

تقنية جديدة للتصوير الجراحي لسرطان الثدي تحسن فرص العلاج

   

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الرئيس الغامبي يحل في المملكة المغربية لقضاء جزء من…
الرئيس الفرنسي وزوجته يزُوران ضريح الملك محمد الخامس
الملك محمد السادس يُقيم مأدبة عشاء رسمية على شرف…
طلاب فلسطنيون يشيدون بدعم الملك محمد السادس للتعليم في…
انتخاب محمد ولد الرشيد رئيساً لمجلس المستشارين خلفاً للنعم…

اخر الاخبار

بوريطة يُؤكد أن وزارة الخارجية ساهمت في تطور التجارة…
اتهام موظف أميركي بتسريب خطط إسرائيل لضرب إيران
مجلس النواب المغربي يكشف عن أسماء البرلمانيين المتغيبين بدون…
المغرب والسعودية يتفقان على تسهيل عملية ترحيل المحكوم عليهم…

فن وموسيقى

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…
كاظم الساهر يتألق في مهرجان الغناء بالفصحى ويقدم ليلة…

أخبار النجوم

محمود حميدة يكشف تفاصيل شخصية "ياسين" في مسلسل موعد…
إسعاد يونس تُعرب عن سعادتها البالغة بعودتها للمسرح
هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجدداً بعد غياب 12…
محمد هنيدي يُعلن دخوله منافسات دراما رمضان 2025 بمسلسل…

رياضة

الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم
إصابة في الرباط الصليبي تبعد إلياس أخوماش عن الملاعب…
المغربي ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة…
وليد الركراكي يخطط لثورة في تشكيلة المنتخب المغربي قبيل…

صحة وتغذية

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…
أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…
حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

الأخبار الأكثر قراءة

الأمير هشام يشكر الملك محمد السادس لمساعدته في إجلاء…
مهرجان فيلم المرأة في سلا يُكرّم سعدية لديب والغنانة…
إيلون ماسك يثير جدلًا واسعًا بعد تعليقه على محاولة…
الملك تشارلز يعايد الأمير هاري بيوم ميلاده رغم توتر…
بشرى تحتفل بزفافها للمرة الثانية على الطريقة المغربية