الكاتبة المغربية أسماء حيان تتقاسم مع القراء تجربتها مع سرطان الثدي
آخر تحديث GMT 03:18:45
المغرب اليوم -

الكاتبة المغربية أسماء حيان تتقاسم مع القراء تجربتها مع سرطان الثدي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الكاتبة المغربية أسماء حيان تتقاسم مع القراء تجربتها مع سرطان الثدي

سرطان الثدي
الرباط -المغرب اليوم

"حين يصبح السرطان لحظة ميلاد" هو العنوان الذي اختارته أسماء حيان لكتابها الذي يعتبر أول إصدار لها .ويحكي هذا الكتاب، الصادر عن دار النشر مقاربات"، عن التجربة الشخصية للكاتبة مع سرطان الثدي وتداعياته النفسية والجسدية .

تقول حيان عن باكورة أعمالها: "عندما يتلقى المريض خبر إصابته بورم خبيث تكاد تتوقف الأرض عن الدوران، وربما يبدأ في العد التنازلي لنبضات قلبه وأنفاسه ظنا منه أنها لحظات عمره الأخيرة" .. مضيفة "كنت واحدة من هؤلاء الذين عاشوا تلك المشاعر القاسية ولكن سرعان ما انتبهت على أنها مجرد مكائد شيطانية تسعى لأن تضعك في قبضة القنوط واليأس ثم الاستسلام .."
فهل يمكن للسرطان أن يصبح لحظة ميلاد؟ كتاب أسماء حيان، الذي يندرج ضمن جنس المذكرات، يجيب على هذا السؤال .وفيما يلي مقتطف من فقرة من فقرات كتاب "حين يصبح السرطان لحظة ميلاد":

المطالعة في زمن الحظر

طيلة الأسبوع كان حَظْرُ الحركة والإنارة في بيتنا يبدأ عند نهاية الغروب باستثناء يومي السبت والأحد كان يجود علينا والدي فيمدده إلى ما بعد صلاة العشاء.. كان النوم إجباريا حاله حال الكثير من السلوكيات..

منذ طفولتي كان النوم يعاندني ويعاند عنادي وكثيرا ما كان يخاصم جفوني.. بعدما يغط الكل في عالم السبات أقوم بإخراج قصة أو رواية أو مجلة أو حتى صفحة من جريدة كنت قد دسستها تحت الوسادة بعيدا عن تعليمات والدي الصارمة التي تحظُر كل صوت أو حركة تصدر داخل زمن الحَظْر اللهم حركة الأنفاس بين صعود ونزول.. كنت أستعين على القراءة بشعاع ضئيل قادم من الإضاءة الخافتة بالشارع يتسلل عبر ثقوب النافذة.. وإذا تعطل المصباح كنت أنام على جوع وظمئ، وجداني تناشد فيه روحي عالم الأحلام أن يجود عليها بما لم يجد به عالم اليقظة.

لست أذكر على وجه الدقة في أي سن بدأ ولعي بالقراءة، إنما كان ذلك قبل سن الثانية عشر..

وجَدْتُنِي أحمل بداخلي تلك الشعلة ولكني لست أدري كيف اتقدت ومن أوقدها..

نعم وَجَدْتُنِي أرتع بين السطور أقرأ بنهم ولا تزيدني الحروف إلا شراهة ولا يزيدني رشْفُها إلا ظمئا.

لم تكن أسرتي من الذين يملكون مكتبة أو الذين يهتمون باقتناء الكتب ويحرصون على مواكبة المعارض الموسمية للكتاب.. لم يكن والدي من الذين يقرؤون من الأصل، بل كان يكافح طوال اليوم وهمه الوحيد توفير المأكل والمشرب والكتب المدرسية الضرورية (جلها مستعملة) ..
أما والدتي فكانت تستطيع القراءة ولكن كل طاقتها ووقتها كان ينصرف نحو التربية والبيت.. لكل هذه الأسباب لم يكن توفري على الكتب بالأمر السهل، ولم يكن لدي الخيار لقراءة ما يناسب سني وذوقي، بل كنت ألتهم كل ما أجده في طريقي وكل ما يلتقطه بصري .لحسن حظي كانت بعض المكتبات تسمح باستبدال الكتب مقابل مبلغ زهيد.. كنت أحتفظ بكل فلس يقع في يدي لهذه الغاية.. رغم طعم الحلوى الذي يغري طفلة في مثل سني بالتذوق والتلذذ ولكنها تبقى متعة لحظية تنتهي بانتهاء طعمها.. أما نشوة القراءة فعمرها طويل مازال يصاحبني وقد بلغت من الكبر عتيا.

انتهيت من قراءة المجموعة القصصية للأطفال واليافعين ورأيت بعين خيالي الضفدع القبيح الذي تحول إلى أمير وسيم واستيقظت الأميرة النائمة بعد سبات سنين واستمتعت بغناء الأقزام السبعة ومرحهم وهمتهم وأبحرت مع سندباد وياسمينته الظريفة نحو جزر الوقواق وخلف السبعة بحار وخضت معه جل المغامرات حتى كاد قلبي الصغير يقفز من بين ضلوعي، وأوقدت بخيالي مصباح علاء الدين ورأيت العفريت الظريف.. ثم انتقلت إلى مرحلة أخرى وبدأت أجوب الحارة القديمة مع بطلها محسن وتعرفت على التفاصيل الدقيقة لحي السيدة زينب في رواية عودة الروح لتوفيق الحكيم، لم تكن شخصية السي السيد في ثلاثية نجيب محفوظ تختلف كثيرا عن ملامح شخصية والدي.. ذرفت ما يكفي من العبرات مع نوال بطلة رواية في بيتنا رجل لإحسان عبد القدوس وجلنا أحب إبراهيم الشاب الشجاع.. جلست العصر تحت ظلال الزيزفون وشربت الخمر في كؤوس من أثير في فنجان قصائد جبران خليل جبران، كم تألمت لحال البؤساء، وحزنت لأجل بائعة الكبريت التي قضت من شدة الجوع والبرد.. بعد النكبة بسنين عدت مع والديْ خلدون إلى حيفا التي تغيرت معالمها عدنا من أجل البحث عنه لنجد أبويه بالتبني قد هَوٌدَاه وأعطياه اسم دوف عوض خلدون وأوقدا في صدره نار الحقد وطمسا هويته العربية.. تعلمت منطق الطير ولغة الحيوان بين دفتي كليلة ودمنة وعشت ألف ليلة وليلة ولم أستيقظ حتى صاح الديك وأذن الفجر بالبزوغ ..

ثم التحقت بالتعليم الإعدادي فالثانوي وبالرغم من الرصيد الضعيف لمكتبة المؤسسة لكنها ساعدتني على اقتناء نوع آخر من الكتب والروايات العالمية.. قضيت معظمها في التجوال بين كتب نقشت على ذاكرتي سطورا متنوعة من المعرفة وزودتني برصيد لا بأس به من المعاني.. أجل كنت أقرأ لأجل المتعة في ظروف صعبة.. أما الآن كل شيء متوفر: كتب كثيرة وإضاءة كاملة ولكننا للأسف زهدنا في القراءة.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

مواد كيميائية في المنتجات الاستهلاكية قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي

تقنية جديدة للتصوير الجراحي لسرطان الثدي تحسن فرص العلاج

   

 

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكاتبة المغربية أسماء حيان تتقاسم مع القراء تجربتها مع سرطان الثدي الكاتبة المغربية أسماء حيان تتقاسم مع القراء تجربتها مع سرطان الثدي



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 03:18 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق
المغرب اليوم - أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق

GMT 06:44 2024 الأحد ,04 شباط / فبراير

توقعات الأبراج اليوم الأحد 04 فبراير / شباط 2024

GMT 12:48 2021 الأحد ,05 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يتلقي حصة تدريبية خفيفة بعد هزم الأردن

GMT 04:10 2021 الجمعة ,14 أيار / مايو

الروسي حبيب نورمحمدوف يوجه رسالة للمسلمين

GMT 16:57 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاح كورونا سيكون مجانًا للجميع في المغرب تحت إشراف "الصحة"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib