الرباط - المغرب اليوم
أكد وزير الداخلية المغربي الجديد، عبد الوافي لفتيت، أن السلطات عازمة على التجاوب مع نبض سكان إقليم الحسيمة، ومطالبهم ذات الطابع الاجتماعي، باعتبار ذلك واجبًا من واجباتهًا، لاسيما وأن المطالب مشروعة ومعقولة، لكنه لفت انتباه الحاضرين، في اللقاء الذي جمعه بالمنتخبين والمسؤولين في عمالة الحسيمة، الثلاثاء، بحديثه عن وجود ما أسماه "أياد خفية"، تساهم في هذه الاحتجاجات.
وأضاف لفتيت، الذي أكد للحضور أنه توجه إلى المنطقة بتعليمات ملكية، تجسيدًا للعناية الملكية الخاصة بالمنطقة، أن المثير للانتباه أن بعض العناصر تعمل على استغلال مختلف التحركات الاحتجاجية التي شهدتها المنطقة لأهداف "مشبوهة"، لأن سلوكها يتجاوز حدود التعبير عن مطالب اجتماعية ملحة، إلى البحث عن تصدير حالة من الاحتقان الاجتماعي والسياسي، وخلق فضاءات للمواجهة بين المحتجين والقوات العمومية.
وأوضح أن هذا الأمر تأكد عبر العديد من الممارسات، قبل أن يتساءل: "من له مصلحة في دفع المحتجين إلى أفق مسدود؟، ومن له مصلحة في خلق جو من التوتر في الشارع العام؟ ومن له أهداف خفية تتجاوز سياق الاحتجاجات الاجتماعية، ذات الأهداف المحددة، إلى سياق يستهدف المساس بجو الأمن والاطمئنان؟".
وبنفس اللهجة، قال وزير الداخلية: "هناك عناصر وجهات، نعرفها جميعًا، تسعى بكل الوسائل الممكنة إلى اختراق واستغلال أي حركة احتجاجية، كيفما كانت مطالبها، لتأجيج الوضع الاجتماعي، وتوسيع رقعة الاحتجاجات". ودعا وزير الداخلية جمعيات المجتمع المدني في المنطقة إلى ممارسة دورها في تحديد المطالب الاجتماعية للمواطنين، انطلاقًا مما يخوله لها القانون من صلاحيات مهمة، والحفاظ في نفس الوقت على المكتسبات التي تحققت على جميع المستويات، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعدم ترك المجال مفتوحًا للعناصر "المشبوهة"، الساعية إلى المساس بهذه المكتسبات.
وحرص نشطاء الحراك الاحتجاجي الذي تشهده مدينة الحسيمة، منذ وفاة بائع السمك محسن فكري، على الرد على ما صرح به وزير الداخلية، حيث قال نبيل أحمجيق، وهو من أبرز نشطاء الحراك، إنه منذ بداية شرارة الحراك الشعبي، في أسابيعه الأولى، والدولة المغربية، سواء الحكومة أو أجهزتها، تروج في وسائل الإعلام أن هناك أياد خفية، قبل أن يضيف: "لو فعلا هناك أياد خفية لكان على الدولة أن تكشف عنها، وتمسك بهم، وتطبق عليهم القانون".
وأشار محمد المجاوي، وهو ناشط بارز أيضًا في الحراك، إلى أن اليد الخفية الوحيدة التي يمكن أن تلعب في الحراك هي أيادي الدولة، مبينًا أنه لن يقبل، لا هو ولا غيره من الناشطين، أن يتحولوا إلى دمى في يد أحد، ومؤكدًا على السقف الاجتماعي والاقتصادي للحراك، نافيًا وجود أي مطالب ذات طبيعة سياسية. وحتى عندما أخذ لفتيت الكلمة، ردًا على ما جاء على لسان النشطاء، قال إن "السم في الدسم"، في إشارة إلى أن هناك جهات لها دور في الاحتجاجات التي تشهدها المنطقة. وأضاف أن الصورة التي تظهر ليست هي الحقيقة دائمًا، قبل أن يردد كلمة "حذار" ثلاث مرات، قائلاً: "هناك أيادٍ تلعب، ولا تنخدعوا بالمظاهر، الجميع يجب أن يكون واعيًا لهذا الأمر".
وفي رد ضمني على المسؤول الحكومي، قال إلياس العماري، رئيس جهة "طنجة- تطوان- الحسيمة" إنها ليست المرة الأولى التي يحتج فيها أبناء الريف، ولا أول مرة تتعرض احتجاجاتهم للتخوين أو التوجيه. وذكَّر بما حدث لزعيم المقاومة في الريف، محمد بن عبد الكريم الخطابي، قائلاً: "حتى في زمن المقاومة، قبل الاستقلال، محمد بن عبد الكريم الخطابي أُحرق منزله ثلاث مرات، لاتهامه بأنه كان عميلاً للاستعمار الإسباني، هذا الرجل الذي قاد فيما بعد مدرسة تحررية عبر العالم".
من جهته، طلب مكي الحنودي، رئيس جماعة لوطا، الواقعة في ضواحي الحسيمة، من وزير الداخلية العمل على إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الأحداث والمواجهات الأخيرة. أما المستشار البرلماني عن حزب البيجيدي، نبيل الأندلوسي، فاعتبر أن هناك مجموعة من الأسباب التي تراكمت، وتسببت في الاحتقان الذي تشهده المنطقة، ومن بين هذه الأسباب الاختناق الاقتصادي الذي تعيشه المنطقة.