لندن - ماريا طبراني
كشف بحث جديد أن الاسماك تموت ولا تستطيع الوصول الى مرحلة النضوج بسبب القمامة البلاستيكية الموجودة في المحيطات، وعثر الباحثون على بعض الأسماك الصغيرة التي تتغذى على البلاستيك بدل الغذاء الطبيعي مما يؤثر على قدرتها على التكاثر.
ودق جرس الخطر على الاسماك منذ سنوات، ولكن الدراسة التي نشرت يوم الخميس أثبتت الضرر في تنامي مشكلة جزيئات البلاستيك وخصوصا بلاستيك البوليمر المستخدم في نوع من الصناعة الحديثة، وجاء في الدراسة أن البلاستيك الصغير غير قابل للتحلل في البيئة الطبيعية، وأنه يدخل الى المحيطات من خلال القمامة، تحديدا عند التخلص من النفايات مثل أكياس البلاستيك والمواد الاخرى وتزيد أنظمة التخلص من النفايات الضعيفة ومصبات الصرف الصحي من جزئيات البلاستيك الصغيرة في البحر.
ويعتبر المصدر الاول لهذه النفايات هو ميكوربيدات وهي جزئيات صغيرة جدا من البلاستيك الصلب تستخدم في مستحضرات التجميل، والتي تتدخل بسهولة في الممرات المائية، وتذهب من خلال المصاريف الى المحيطات وتتجمع على مر عشرات السنين، وكان يصعب على العلماء قياس أثر هذه المواد في ظل تزايد القلق، وعثر على جزئيات من البلاستيك الصغير في الطيور البحرية والأسماك والحيتان التي ابعتلها ولكنها لم تتمكن من هضمها فتراكمت في الجهاز الهضمي لهذه المخلوقات.
واستطاع العلماء لأول مرة أن يثبتوا أن الاسماك التي تتعرض لمثل هذه المواد يختل نموها مما يؤدي الى توقفه في بعض الاحيان، وتزداد معدلات الوفيات بينها، ويتغير سلوكها مما يعرضها للخطر، وأظهرت عينات من يرقات الاسماك انها لا تتناول البلاستيك فقط ولكنها تفضله على طعامها الطبيعي، وتأكل هذه اليرقات البلاستيك فقط وتتجاهل مصدر غذائها الطبيعي من العوالق، ووجدت الدراسة التي نشرت في مجلة العلوم يوم الخميس أن الاسماك التي ولدت في بيئة غنية بجزيئات البلاستيك الصغيرة التي يصل حجمها لأقل من 5 ملم انخفضت لديها البيوض ومعدل النضوج، ولم تتمكن هذه الأسماك من فهم الاشارات الكيميائية التي تحذرها من وجود حيوانات مفترسة تهدد حياتها، وعثر على هذه الجزيئات بوفرة في المحيطات وفي المناطق الساحلية الضحلة حيث يكون البحر مكب للنفايات وأنظمة الصرف الصحي.
وأوضح مؤلف الدراسة بيتر اكلوف " هذه المرة الأولى التي نكتشف فيها أن نوع من الحيوانات يفضل تناول البلاستيك على طعامه الطبيعي وهو أمر مدعاة للقلق، فاليرقات التي تتعرض لجزيئات صغيرة من البلاستيك خلال نموها تتعرض لتغير سلوكيتها، لتصبح أقل نشاطا مقارنة بالأسماك في المياه الخالية من هذه الجزيئات."
ودعت حملات حماية البيئة الى الحد من النفايات التي تصل الى الانهار والبحار والمحيطات، والي الحد من استخدام البلاستيك الصناعي في مستحضرات التجميل، وأطلقت جرينسباس حمل ضد الميكوربيدات في وقت مبكر من هذا العام، وبدأت العديد من الشركات الملتزمة بالحملة التخلص منه تدريجيا.
وتشير دراسة أن الضرر قد حصل بالفعل، وأن منع تسرب المزيد من جزئيات البلاستيك الى المحيطات يجب أن يكون عاجل، وإلا سيكون من الصعب التخلص منها، واكتشفت الدراسة أن اليرقات التي تتعرض لجزيئات بلاستيكية صغيرة يسهل على الحيوانات المفترسة في بيئتها اصطيادها أسرع بأربع مرات مقارنة بالأسماك التي لا تتعرض للبلاستيك.
ولقيت كل الاسماك التي قامت عليها الدراسة والتي تعرضت للبلاستيك حتفها بعد 48 ساعة، ويشير هذا الى ان اثار جزيئات البلاستيك الصغيرة ستكون بعيدة وطويلة الامد، فالآثار المباشرة اليوم واضحة على الجهاز الهضمي للأسماك، ولكن قد يكون البلاستيك سببا في سلوك مختلف للأسماك والذي يثبط دورة تطور الشعور بالخطر لديها من خلال اليات غير مفهومة بعد.
وأضيف هذا البحث الى أبحاث أخرى خلصت أن نوعا من الاسماك الساحلية يتراجع بشكل ملحوظ في السنوات الاخيرة في حين تزيد كمية النفايات البلاستيكية في المحيطات، وحذرت المساعدة في البحث أونا لونستيت " اذا تأثرت المراحل المبكرة من حياة الانواع الاخرى من الاسماك فان هذا سيترجم الى زيادة معدلات الوفيات، وستكون التأثيرات على النظم الايكولوجية المائية أكثر عمقا."