الجزائر - سميرة عوام
يُعتبَر ملفّ الأمهات العازبات في الجزائر من الموضوعات الكبرى، خاصة بالنسبة إلى الحركات الأهلية وخبراء علم الاجتماع، والذين يجدون عائقًا كبيرًا في دراسة هذه الظاهرة، من أجل تشخيصها، وتقديم أرقام حقيقية عن وضع الأم العازبة، والأطفال مجهولي الوالدين، في المجتمع الجزائري، ونظرًا إلى التحولات الاجتماعية والاقتصادية الأخيرة، والتي ساهمت في تنامي الظاهرة، خاصة مع اتساع جيوب البطالة، وتدني القدرة الشرائية، فإن المرأة الجزائرية أصبحت مهدَّدة في الشارع، ومن ثم انحرافها الأخلاقي من خلال التورط في عملية الإنجاب غير الشرعي قبل الزواج والتسترِ على وضعها،
وعَدَمِ البوح بحملها حيث يتم التخلص منه في المستشفيات أو ترويجه كسلعة للعائلات الأرستقراطية والتي تبحث عن أبناء، لكن أكثر الأشياء ضررًا هو التخلص من الطفل في المستشفى ثم المغادرة من دون تمكن المرأة العازبة إعطائه اسم عائلته، فيما أوضحت إحصاءات مركز علم الاجتماع أن أكبر متورِّط في إنجاب الأطفال غير الشرعيين في الجزائر يسجل بالنسبة إلى بنات الشارع بنسبة 25 في المائة ثم في الجامعة بـ 14في المائة، وأخيرًا المناطق المحافظة بـ 10 في المائة.
وفي هذا الشأن، أكَّدَت وزارة الضمان الاجتماعي خلال الدراسات المقدمة لها هو إحصاء قرابة 5600 مولود سنويًا خارج إطار القانون، أي ولادة غير شرعية على المستوى الوطني، ونجد هذه الظاهرة أكثر تناميًا في المدن الكبرى في الجزائر منها إحصاء نسبة 20 في المائة من الأمهات العازبات في العاصمة، تليها وهران بـ 15 في المائة ثم عنابة بـ 10 في المائة، وهي أرقام مرعبة وفي تنامٍ كبير، وحسب مركز علم الاجتماع في جامعة الجزائر فإن أكبر متورِّط في إنجاب الأطفال غير الشرعيين في الجزائر يسجل بالنسبة إلى بنات الشارع بنسبة 25 في المائة ثم في الجامعة بـ 14في المائة، وأخيرًا المناطق المحافظة بـ 10 في المائة.
من جهته، أكد مركز علم الاجتماع أن 30 في المائة من الأطفال الذين هم خارج الزواج أمهاتهم إما عاهرات، أو بائعات هوى أو متزوجات زواجًا عرفيًا وُلدوا بعد علاقة زنا مع زوج الأم والأب والأخ والعم والخال وحتى الجار، وخلال الدراسة لم يهمل المركز أن أكثر الاعتداء الجنسي على النساء حدث في فترة التسعينات حيث كانت الفتاة الجزائرية تتعرض لاغتصاب من طرف الجماعات المسلحة وأمام أهلها، إلى جانب إنجاب أطفال من أرباب العمل، وحتى أصحاب الشركات الاقتصادية والذين يستغلون الموظفات في إقامة العلاقات غير الشرعية ثم الإنجاب غير الشرعي للرضع، وترك المرأة العازبة تتجرع مرارة المجتمع، حيث تجد أن التخلص من طفلها كحل لحماية نفسها من توبيخ أهلها لها، وكذلك من المجتمع والذي ينبذها وينعتها بالساقطة.
ولاحتواء ملف الأمهات العازبات في الجزائر نصبت وزارة الضمان الاجتماعي خلية أزمة في مختلف أرجاء الوطن من أجل فتح الحوار مع الأم العازبة، والإصغاء إليها لمعرفة نسب ابنها، ومحاولة انتسابه لوالده الحقيقي وذلك وفق قانون الأسرة، والذي يحمي المرأة من اعتداء الشارع لها، إلى جانب الإفراج عن مراكز خاصة بالأمهات العازبات، تستغلها هذه الفئة في التعايش مع وضعها وكيفية الوصول إلى حلول ناجعة تخفف هذه الظاهرة على المجتمع الجزائري باعتباره مجتمعًا إسلاميًا، ينبذ مثل هذه الانحرافات غير الأخلاقية.