بغداد – نجلاء صلاح الدين
بغداد – نجلاء صلاح الدين
أنها بنت دجلة والفرات، وعّدت بحمّالة الهموم والأسى، فالعراق ومنذ عصور قديمة وإلى الوقت الحاضر هو سيناريو للقتل والدمار والاضطهاد من قبل أحزاب كانت أو حكومات دكتاتوريّة أو عقائد عشائريّة مقيتة تحمل في طّياتها الإجرام ووسائل التعذيب التي عرفتها البشرية، جعلت من المرأة العراقية رجلاً معيلاً لعائلته بعد فقدانها المعيل والراعي، ودائمًا تحلم أن ينصفها الزمن يوماً ما ويرفع عن كاهلها
الهموم والفقر والعوز والظلم والجبروت الذي حل بها، بعد أعوام من المحن وكتمان الألم وتصارع النفس لتعيش وتعيل هي وعائلتها في أسوأ الظروف التي يمكن أن يمر بها البشر بعد أعوام من الظلم في الزمن السابق التي كان يسميها حاكمها الماجدة وهي من دون أمجاد والآن هي متسولة في الطرق والأزقة والشوارع وفي أحضانها وأكتافها أطفالها وهي تعيش في أغنى بلد في العالم وهو العراق مع الأسف.
وأكدّ عضو اللّجنة القانونيّة النيابيّة عادل المالكي، أنّ للظروف السياسيّة والأمنيّة غير المُستقرة في البلاد دوراً كبيراً بتأجيل الكثير من المشاريع والانجازات التي تعنى بالمرأة العراقيّة، مشيرًا إلى أنّ 2013 لم يشهد أي حراك نسوي يستحق الإشارة إليه، لأن أغلب المشاريع لم تنفذ.
وأعلّن المالكي لـ"المغرب اليوم"، "عن قرب انتهاء تشريع قانون شبكة الرعاية الاجتماعية الذي سيحقق زيادة تخصيصات المستفيدين منه من 150 إلى 400 ألف دينار شهرياً".
وأوضح أنّ "اللجنة استكملت النقاط المهمة في مسودة القانون بعد أن تمت قراءته القراءة الأولى، حيث من المؤمل تصويت مجلس النواب عليه بعد أنّ تم التصويت من قبل مجلس الوزراء"، مستدركاً إلى "أن أبرز فقرات القانون ستتضمن زيادة دخل المستفيد من القانون إلى 400 ألف دينار بعد أنّ استطعنا زيادتها في وقت سابق من 50 إلى 120 ألفًا، وهذا الأمر سيسمح بتقليل ولو جزء بسيط من معاناة طبقة مهمة من الأرامل والأيتام وآخرين ممن لم تسمح لهم الظروف في إيجاد مصدرًا للرزق".
وشدّد المالكي على ضرورة تفعيل مهمة البحث الاجتماعي في النواحي والقرى والقصبات التابعة للمحافظة، مشيرًا إلى أنّ هناك أعداداً كبيرة من العائلات الفقيرة والمتعففة لا تستطيع الوصول إلى مركز المحافظة والمطالبة بحقوقهم، إضافة إلى صعوبة التنقل والمصاريف التي تقع على عاتقهم. وطالب بزيادة تخصيصات المال والآليات التي تمكن الموظفين من الوصول إلى هذه الأماكن ومعرفة المُستحقين الحقيقيين ليتسنى لهم شمولهم في رواتب شبكة الحماية. ونوّه إلى أنه في حالة إيقاف الراتب يتم جلب الوثائق الأصوليّة ليتسنى للدائرة إطلاق الراتب وحسب الضوابط المعمول بها، وفي حالة التأكد أنّ المستفيد يتسلم راتباً من جهة حكوميّة سيقطع الراتب عنه نهائيًا، متمنيًا إنشاء إستراتيجية وطنية لبحث أوضاع الأرامل، واتخاذ إجراءات بشأن التسريع بإصدار القوانين ذات الصلة المباشرة بتمكين المرأة بلا مُعيل.
ولفت إلى انجاز القراءة الثانيّة لمشروع قانون وزارة المرأة وشؤون الأسرة. معرباً عن أمله في أنّ يُسهم هذا القانون في ضمان حقوق الأرامل والمطلقات فاقدات المعيل، لافتاً إلى أنّ العراق يشهد يوميًا ترمل 90 إلى 100 امرأة بسبب أعمال العنف والقتل و"الإرهاب"، وأنّ عدد المطلقات وصل إلى أكثر من 112 ألف مُطلقة.
وكشفت عضو لجنة المرأة والطفل النيابيّة عن "دولة ائتلاف القانون" هدى سجاد عن استحصالها الموافقة الرسمية من قبل الأمين العام لمجلس الوزراء علي العلاق، وتم التباحث بشأن موضوع قرار دولة رئيس الوزراء والقاضي بتوزيع قطع أرض على شريحة الفقراء، وطالبت النائب بشمول شريحة النساء من الأرامل والمطلقات والمستفيدات بقانون شبكة الحماية الاجتماعيّة في هذا القرار.
وأوضحت سجاد لـ"المغرب اليوم"، "أنّ شمول هذه الشريحة ما هو إلا رد بسيط لما قدمته المرأة العراقية التي عانت أقسى أنواع الظروف، وتثميناً لدورها في بناء المجتمع. وأبلغ الأمين سجاد عن اللجنة المشكلة بهذا الخصوص والتي يترأسها دولة رئيس الوزراء المالكي وعضوية كل من وزير البلديات وأمين بغداد وسيكون عمل هذه اللجنة ابتداءً تخصيص قطع الأراضي وفرزها ووضع آليات تخصيص هذه الأراضي على أن تكون الأولويّة للنساء الأرامل والمطلقات والمشمولات بشبكة الرعاية الاجتماعية".
وتطرقت سجاد إلى أنّ "تخصيص عدد من التعيينات بموافقة مجلس الوزراء في وزارة التربية بنسبة 5% لأرامل وحصول على 36 ألف درجة وظيفية، ولكن للأسف الشديد وزير التربية حال دون تنفيذ الأمر وتسبب بقطع أرزاق عدد من الأرامل والمطلقات في حق العيش"، مؤكدة أنّ "الحصول على 85 دونماً في محافظة الديوانيّة، وسوف يتم فرز القطع وتوزيعها"، إضافة إلى تخصيص قطع أراضي من قبل المجلس الوطني بدفع 25% على شكل أقساط ولمدة 50 سنة، أما البقية التي نسبتها 75 % تكون على الدولة، وباشرت وزارة المرأة بالتنسيق مع الحكومات المحلية بتنفيذ القرار وتم في كل من محافظة.
وأكدت الناشطة النسويّة كوريا الشماني "أنّ الحكومة العراقية وللأسف الشديد لم تقدم أيّ شيء للمرأة بوزارتها (وزارة المرأة )التي هي مجرد إسقاط فرض من دون حقيبة" إضافة إلى لجنة المرأة والطفولة البرلمانية ولجنة رعاية المرأة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لم يقدموا شيئاً إلى المرأة العراقية، ولكن الذي حصل العكس المرأة الآن متسولة على أرصفة دائرة الرعاية الاجتماعية والمصارف والبطاقة الغبية، التي تسمى ذكية"، منوهة إلى "وجود أحياء كاملة تسكنها نساء مهمشات متسولات يجمعنَّ العلب والقناني الفارغة، ويتسولنّ في الشوارع، ويأكلنّ من القمامة مع أطفالهن، هُنّ ضحايا الإرهاب، متسولات أمام لجنة التعويضات التي أمرت بها الحكومة بإعطاء مبلغ 3750000 ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف دينار لضحايا الإرهاب، وتدفع العائلة مبالغ مالية كبيرة إضافة إلى تصوير المستمسكات والانتظار لمدة أشهر حتى تحصل على المبلغ".
وأعربت الشماني أنّ انجازات 2013 للمرأة العراقيّة يتمثل في الاقتراح الذي لم يشهد النور بسبب رفضه "إصدار القانون الجعفري الذي يعطي الحق للفتاة الزواج بعمر 10 سنوات بدلاً من عمر 19 سنة، مع ترويج الحشمة للمرأة في لبس الحجاب". موضحةً إلى أنها "ليست ضد الحجاب هي قضية شخصيّة، ولابد من احترامها، مبينة أنّ "الله أراد أن يكون الكون متعدداً بأطيافه بعلمانيته بالدين، حتى الكافر خالقه الله (سبحانه وتعالى )، إذن هذه العملية للأسف أصبحت تجارة لإغراض انتخابيّة ولمصالح أحزاب سياسية" متصورة "أنّ عدد النساء في العراق ما يقارب 25%، وهذه النسبة لا توجد حتى في السويد التي لا تشكل النسبة العالية، ولها حقوق وواجبات".
وتؤكد مديرة رعاية الأرامل والمطلقات ناهدة حميد جبر، لـ"العرب اليوم"، "شهد عام 2013 الكثير من الانجازات المالية، حيث بلغت زيادة في الموارد المالية لتصل إلى 98ملياراً، شملت إعانة 58 ألف أسرة إضافية، حتى أصبح المجموع 450 أسرة ترعاها دائرة الرعاية للمطلقات والأرامل، حيث كانت في السنوات الماضية 370 أسرة والمعوقين من النساء ما يقارب 24 ألفاً، هذا يشمل التخصيص من المالية".
وتابعت جبر "توفير وحدات سكنية بالتنسيق مع وزارة الإعمار والإسكان وإسكان ما يقارب 300 أسرة في عموم العراق، إضافة إلى مبادرة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مع محافظة بغداد بتسكين 400 أرملة لديها ثلاثة قاصرين فما فوق"، مستدركة "إلى تحقيق دفع قانون شبكة الحماية الاجتماعية الذي صوت عليه مجلس الوزراء وفي الأيام القليلة المقبلة يتم التصويت عليه من قبل مجلس النواب"، مشيرة "إلى انفراج اقتصادي للمرأة العراقية ذات المستوى المعيشي المتدني من خلال مشروع إسكان الطبقات الفقيرة". وبيّنت أنها تتفق مع ما ورد في تقرير المنظمة الدوليّة، وأكدت أنّ 2% فقط من الأرامل يحصلنّ على الدعم الحكومي الذي لا يكفي لسد رمق عائلة فقيرة، معربة عن أملها بتفعيل القوانين التي من شأنها تحسين أوضاع شريحة الأرامل. ولفتت إلى وجود تقصير واضح من جانب الحكومة، داعية إياها إلى وضع برامج دعم كبيرة لشريحة الأرامل، وخصوصًا من حملة الشهادات وذلك من خلال توفير فرص عمل لهنّ أو إصدار قانون يضمن لهن نسبة من فرص التعيينات، وبإمكان القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية أيضًا أنّ تلعب دوراً في مساعدة هذه الشريحة.
وشهد عام 2013 حراكاً على مستوى القرارات والمشاريع التي تعنى بواقع المرأة العراقيّة، وتبني منظمات المجتمع المدني قضايا العنف والاضطهاد وتعديل قانون الأحوال الشخصية والتمثيل والصلاحيات وغيرها.
وتؤكد الناشطة النسويّة شعوب كاظم "أنّ المرأة كان لها حضور بارز على شتى الأصعدة عام 2013، خاصة فيما يتعلق بقضايا الحقوق المدنيّة"، لكن "بالرغم من هذا الحراك، إلا أن واقع المرأة العراقية لم يشهد تغيّراً واضحاً، مشيرة إلى أن الثقافة السائدة في المجتمع العراقي، تسعى إلى عزل المرأة في شتى جوانب الحياة بحجة العادات والتقاليد العشائرية والمعتقدات الدينية".
وعلى صعيد الكوتا والتمثيل في البرلمان، أوضحت أن هذا الأمر ظل محتاجاً إلى إستراتيجية واضحة، لأن المرأة مازالت أساس الجدل في قضية المساواة مع الرجل، والمشاركة الحقيقية في صنع القرار.
وتعتقد مديرة جمعية المرأة الريفية عهود الفضلي، أن المبادرات والمشاريع الحكومية التي طرحت على الساحة لم تكن بالمستوى المطلوب، وتذكر أنّ مشروع "المبادرة الزراعية الخاصة بالمرأة الريفية " قد يكون الوحيد الذي وضع لانتشال المرأة الريفية من معاناتها، برغم أنه يشكل تطوراً لواقعها، لأن الصلاحيات ظلت بيد الرجل في حين بقيت المرأة تابعة له، مؤكدةً أنّ أساس مشكلة المرأة الريفيّة تكمن في افتقارها لحق تقرير المصير. أما عن الأرامل فإن هناك إهمالاً كبيراً لهذه الشريحة من المجتمع العراقي، وأكدت أن هذا العام لم يشهد أيّ مساع حقيقية سوى استحصال رواتب دائرة الرعاية الاجتماعيّة التي لا تسد الحاجة.