الرباط - سناء بنصالح
أكدت وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، أن الأسرة، كانت وستبقى، أهم مؤسسة في الإصلاح والتكافل الاجتماعي والبعث الحضاري، مبرزة في كلمة لها خلال في أشغال الدورة الأولى لمؤتمر منظمة التعاون الإسلامي حول مؤسسة الزواج والأسرة والحفاظ على قيمها في الدول الأعضاء أن النواة الأولية للجماعة، ومن خلالها يتحقق الارتقاء بمسيرة المجتمع وبنائه واستمراره.
وقد خص المغرب، بناءً على هذا الأساس، كباقي المجتمعات الإسلامية، هذه المؤسسة، ومن قبلها الأسرة، بكامل الاهتمام، حيث حرص على إحاطتهما بكافة الضمانات الكفيلة بحمايتهما اقتصاديا واجتماعيا وقانونيا.
وأبرزت الحقاوي أيضا أن الأسرة في صلب مختلف البرامج التنموية باعتبارها المؤسسة الأكثر استحقاقا للدعم لتتمكن من مواصلة أدوار الرعاية الواجبة والتحصين لمكوناتها، واعتبرت أنه اهتمام فرضته التحولات العميقة التي شهدها المغرب، على غرار باقي الدول، والتي لا تقتصر على التقدم التكنولوجي الذي أدى إلى تغيير في جميع مجالات الحياة ومرافقها، ومنها الحياة الاجتماعية وعمليات التنشئة الأسرية، بل كذلك العولمة والإعلام، وما أفرزته من تحولات على مظاهر الحياة الاجتماعية، سواء على مستوى الفرد في الأسرة، أو على مستوى المجتمعات بصورة عامة، ناهيك عن انعكاسات التحولات الاقتصادية والهجرة وتطور التمدن ونمط السكن.
واستحضارا لهذه التحولات، تؤكد المتحدثة ذاتها انخرط المغرب مبكرا في مسلسل إصلاحات شملت مستويات تشريعية واقتصادية واجتماعية وحقوقية، تمثلت في الإصلاحات الدستورية، والتي توجت بدسترة مفهوم الأسرة القائمة على أساس الزواج الشرعي لمواجهة كل المحاولات التي تهدف إلى خلق فجوات قانونية للاعتراف بأشكال الأسر التي لا تنسجم وسياق الدول الإسلامية، حيث عرّف الفصل 32 من دستور المملكة الجديد الأسرة بـ"الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع"، كما نص على واجب الدولة في العمل على "ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها"، وسعيها لـ"توفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية"، كما نص على أن "التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة"، وإحداث "مجلس استشاري للأسرة والطفولة".
الحقاوي أوضحت أيضا أن الإصلاحات القانونية، حيث التنصيص على أهمية الأسرة دستوريا لم يأت وليد صدفة، بل ثمرة مختلف الإصلاحات القانونية التي أطلقها المغرب منذ 2004، ومن أهمها مدونة الأسرة، مشددة أن الملك محمد السادس، عبر عن ذلك أثناء الإعلان عن هذه المدونة في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2003، التي تستجيب فلسفة إصلاح مدونة الأسرة على المبادئ والمرجعيات المتعلقة بعدم تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحله؛ الأخذ بمقاصد الإسلام السمحة في تكريم الإنسان، والعدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف، والاجتهاد الذي يجعل الإسلام صالحا لكل زمان ومكان لوضع مدونة عصرية للأسرة منسجمة مع روح ديننا الحنيف؛ وعدم اعتبار المدونة قانونا للمرأة وحدها، بل مدونة للأسرة أبا وأما وأطفالا، والحرص على أن تجمع بين رفع الحيف عن النساء، وحماية حقوق الأطفال، وصيانة كرامة الرجل.
وأكدت على أن عشرة أعوام مكنت من تفعيل مدونة الأسرة من التقليص التدريجي من كثير من مظاهر الحيف والظلم التي كانت تطال مكوناتها، كما تشهد على ذلك بعض إحصائيات التقييم السنوي التي تصدرها وزارة العدل والحريات، وكذا مؤشرات التقييم التي أفرزتها الدراسة الميدانية التي أنجزتها وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية تحت عنوان "عشرة أعوام من تطبيق مدونة الأسرة: أي تغيرات في تمثلات ومواقف وممارسات المواطنين والمواطنات"، والتي تبرز عودة قوية وثقة في مؤسسة الزواج، بفضل الترويج والتحسيس بجاذبية مؤسسة الزواج القائمة على قيم العدل والرحمة والإنصاف والمسؤولية المشتركة في مواجهة التحديات.
وقد واكب إصلاح هذه المدونة إصلاحات على مستوى التنظيم القضائي، حيث تم إحداث أقسام قضاء الأسرة داخل المحاكم الابتدائية، وعلى مستوى قانون الحالة المدنية الذي جاء بمبادئ عدة، منها ضرورة تقييد بيانات رسم الزواج، وانحلال ميثاق الزوجية بسجلات الحالة المدنية، من أجل الحفاظ على هوية الأسرة واستقرارها.