الرئيسية » آخر أخبار المرأة
"فحص العذرية"

الرباط -المغرب اليوم

في غمرة أجواء الفرح والزغاريد تعالت فجأة أصوات النحيب والعويل ليتحول زفاف سامية (اسم مستعار) بإحدى القرى ضواحي تارودانت، جنوبي المغرب، إلى مأساة حقيقة، كان ورائها تشكيك العريس في "عذرية" عروسه بعد أن دخل يها ليلة الدخلة.تقول سامية، البالغة من العمر 33 عاما،  " كل ما كنت أفكر فيه تلك الليلة هو أن أضع حدا لحياتي، نتيجة ما تعرضت له من تعنيف من طرف زوجي ونظرات السخط والعار من كل أفراد عائلتي وعائلته. مشهد سيظل عالقا في ذاكرتي ما حييت، وأتساءل دائما كيف تحولت فرحة ليلة العمر إلى كابوس".

تضيف سامية: "خضعت لفحص تقليدي للعذرية قبل الزواج من طرف إحدى المولدات التي أكدت سلامة بكارتي غير أن عدم ظهور ’الدم‘ تلك الليلة كان بالنسبة لزوجي والعائلة دليلا قاطعا على فقدان عفتي وشرفي".وتربط عدد من العائلات المحافظة في المغرب خاصة في البوادي بين ملاءة السرير الملطخة بالدم وعذرية الفتاة، ما يدفع بعض الأسر إلى مطالبة بناتها المقبلات على الزواج بضرورة إجراء "فحص العذرية"، وهو ما يمثل صك عذرية وشهادة شرف تستدل بها أمام عائلة العريس عند التشكيك في فتاتهم البكر ليلة الدخلة.

وأعادت الحركة البديلة للدفاع عن الحريات الفردية المعروفة اختصارا بـ "مالي" الجدل بخصوص فحوص العذرية في المغرب، إلى الواجهة، بعد أن أطلقت حملة رقمية تناهض من خلالها هذا الفحص وتعتبره حاطا من كرامة المرأة ومهينا لها، في الوقت الذي يؤكد فيه الأطباء على أهمية التوعية بأنواع غشاء البكارة المختلفة حتى لا تسقط الفتاة ضحية جهل مجتمعي وفريسة لقانون التقاليد والأعراف.

تحكي سامية  كيف اقتادها عريسها الغاضب وعائلته في ساعات الصباح الأولى إلى إحدى العيادات الطبية من أجل إجراء فحص للبكارة دون مراعاة لحالتها النفسية أو الجسدية.تقول الشابة: " لا يمكنني أن أصف حجم الضرر النفسي، ولا يمكنني نسيان شعوري تلك الليلة. لقد وجدت نفسي ورغما عني في موقف محرج أمام الطبيب الذي فحصني وأثبت عذريتي في النهاية".

تستطرد سامية قائلة "موقف لن أنساه إنه كابوس حياتي وبسببه لم أستطيع أن أعيش حياتي الزوجية بشكل طبيعي، ولأن علاقتنا طغى عليها الشك وعدم الثقة، طلبت الطلاق بعد مرور أربع أشهر فقط من الزواج".وعلى امتداد سنوات من العمل وقف الدكتور الاختصاصي في أمراض النساء والولادة شفيق الشرايبي على العديد من القصص المشابهة لقصة سامية، وكان شاهدا على حالات فتيات وجدن أنفسهن واقفات أمام الطبيب من أجل فحص عذريتهن لإثبات براءتهن أمام الزوج والعائلة والمجتمع.

يقول الشرايبي : "بحكم اشتغالي كطبيب نساء غالبا ما كنت أستقبل خلال ساعات الصباح الأولى عائلات يصطحبون العروس معهم إلى العيادة في ليلة زفافها وهي في حالة من الصدمة والذعر، ملتمسين مني إجراء فحص العذرية في مشهد محرج أتمنى أن يتم تجاوزه".وتعتبر حركة "مالي" في حملتها الرقمية لمناهضة "فحوص العذرية" أن عدم نزيف المرأة ليلة الدخلة قد يعرضها لأخطار كبيرة، قد تبدأ بالتعنيف اللفظي والجسدي مرورا إلى النبذ والرفض الاجتماعي أو الاغتصاب والطلاق ناهيك عن جرائم الشرف والانتحار.

ويقوم الموقع الخاص بالحملة الرقمية بمحاكاة عملية بيع إلكترونية لاختبار العذرية التقليدي عبر طرح ملاءة سرير بيضاء مطرزة تضمن امتصاص الدم للبيع، وفور إضافة الملاءة إلى سلة المشتريات يحيلك الموقع مباشرة على شهادات حقيقية لنساء يحكين عن تجربتهن مع اختبار البكارة قبل الزواج.على الجانب الآخر، يرى الشرايبي أن القضايا التي تطرحها حركة "مالي" للنقاش المجتمعي لا تساير الواقع ولا تلائم المجتمع المغربي التقليدي، لأنها تحمل في طياتها نظرة تقدمية لا يمكن للعقليات المحافظة مسايرتها، ويلزم الكثير من الوقت والعمل للتوعية بالحقوق الفردية وبمشاكل النساء.

وبعيدا عن الجانب الحقوقي وانطلاقا من منظور طبي يدعو الشرايبي بدوره إلى ضرورة تجاوز إجراء فحوص العذرية التي تخلف حسبه أضرار نفسية كبيرة للفتيات المقبلات على الزواج، حيث يتم الحكم مسبقا على أخلاقهن والتشكيك في شرفهن.علميا لا يعتبر نزيف الفتاة خلال أول علاقة جنسية لها مؤشرا على عذريتها، إذ تختلف نوعية غشاء البكارة من فتاة إلى أخرى ومنهن من تولد خلقيا دون غشاء بكارة أو لا تتعرض لأي نزيف أثناء العلاقة الأولى.

في السياق يقول الاخصائي في أمراض النساء والولادة، هشام بن عباس التعريجي، أن هناك أنواع كثيرة ومختلفة لغشاء البكارة لدى النساء، حيث "هناك منهن من لديها غشاء مطاطي لا ينتج عنه ظهور دم أثناء أول لقاء جنسي كامل"، ويلفت إلى ضرورة الوعي بهذه الاختلافات وأهمية التوعية بها لتجنب الوقوع في أخطاء يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة وخطيرة.

وعن مطلب إلغاء فحص العذرية يقول التعريجي أن العملية برمتها تختلف في المغرب عن دول أجنبية حيث لا تعتبر حاطة من كرامة المرأة، لأن الفتاة من تطلب في الغالب إجراء ذلك الفحص وبشكل اختياري لتبرهن لعائلتها وزوجها عن عدم دخولها سابقا في أي علاقة جنسية خارج إطار الزواج".وانطلاقا من الحالات التي يعاينها التعريجي داخل عيادته يشدد على ضرورة بناء العلاقة بين الأزواج على الثقة المتبادلة وعدم ربط العذرية بسلامة غشاء البكارة، لأن "هناك طرق عديدة لإقامات العلاقة الجنسية دون الحاجة إلى فض غشاء البكارة".

تمثلات اجتماعية

مفهوم العذرية يختلف حسب الباحث في علم الاجتماع فؤاد بلمير، من منطقة إلى أخرى، موضحا أنه "في البوادي لازال الأمر يكتسي أهمية كبيرة مقارنة بالمدن التي تحررت نسبيا من بعض السلوكيات التي ترافق ليلة الدخلة، مثل استعراض القماش الملطخ بالدم تباهيا بعذرية العروس".ويعتبر بلمير  أن المرأة المغربية ورغم عدم حصولها على كافة حقوقها، إلا أنها حظيت خلال العقدين الاخرين باهتمام كبير منحها مكانة مهمة داخل المجتمع.

وعليه يرى الباحث أنه من حق الحركات النسائية أن تطالب بالمزيد من الحقوق، من ضمنها المطالبة بإلغاء فحص العذرية والابتعاد عن معاملة المرأة ككائن بيولوجي، في الوقت الذي لا يطلب فيه من الرجل إثبات عذريته سواء أمام عائلته أو زوجته المستقبلية.ويلفت المتحدث، إلى أن محاولة إرضاء الغير والانصهار وسط بعض التمثلات الاجتماعية هو ما يدفع العائلة إلى إخضاع ابنتها لفحص العذرية ويخلق سجالا بين الرافض والمؤيد لهذا السلوك.ويرى الباحث في علم الاجتماع، أن مثل هذه النقاشات داخل المجتمع تعتبر نقاشات صحية من شأنه أن تساعد على تكوين فرد مغربي متوازن بإمكانه المساهمة في التحديات المفروضة على المجتمع.

قد يهمك ايضا :

.قصة ارتباط الأميرة للا أسماء كما يرويها والد زوجها

 

سيدة بريطانية تهدي خاتم زواجها لعروسين شابين في "عيد الحب"

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

كيت ميدلتون تعود للفعاليات الملكية وتشارك العائلة المالكة في…
النساء في الضواحي شريحة سكانية محط اهتمام في الانتخابات…
كامالا هاريس تصف ترامب بأنه "غير متزن" ولا يفكر…
دبي تستضيف منتدى المرأة العالمي للمرة الثالثة نوفمبر المقبل
هاريس تحث الناخبين على عدم اليأس وربط أنفسهم بالواقع…

اخر الاخبار

الأردن يؤكد ضرورة دعم سوريا بدون تدخلات خارجية ويدين…
حزب التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة المغربية بالكشف عن مَبالغُ…
إشادة فلسطينية بالدعم المغربي المستمر لصمود الشعب الفلسطيني وثباته
الملك محمد السادس يُؤكد على عمق العلاقات الأخوية بين…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في "جاني…
هبة مجدي تكشف أسباب مشاركتها في الجزء الخامس من…
بشرى تكشف عن أمنياتها الفنية في المرحلة المقبلة
الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

كيت ميدلتون تعود للفعاليات الملكية وتشارك العائلة المالكة في…
النساء في الضواحي شريحة سكانية محط اهتمام في الانتخابات…
كامالا هاريس تصف ترامب بأنه "غير متزن" ولا يفكر…
دبي تستضيف منتدى المرأة العالمي للمرة الثالثة نوفمبر المقبل
هاريس تحث الناخبين على عدم اليأس وربط أنفسهم بالواقع…