الرباط- علي عبد اللطيف
شهد اجتماع لجنة المناهج التابعة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، أمس الخميس، نقاشًا حادًا وساخنًا يتعلق بلغات التدريس وتدريس اللغات؛ تحضيرًا لإعداد التقرير الاستراتيجي لإصلاح التعليم في المغرب، بناءً على طلب الملك محمد السادس.
وكشف مصدر مطلع إلى "المغرب اليوم" أنَّ نقاشًا حادًا دارت رحاه بين تيارين، الأول يمثل الجهات المدافعة عن اعتماد اللغة الفرنسية اللغة الأساسية للتدريس في المدارس الحكومية والخاصة، فيما يمثل التيار الآخر، الجهات المدافعة عن التدريس باللغة العربية فقط.
وأوضح المصدر أنَّ اجتماع اللجنة شهد نقاشًا حادًا آخر يتعلق بإدخال لغة التواصل الشعبية في مناهج التدريس في المدرسة الحكومية والخاصة، مبررًا ذلك بكونها لغة التواصل الشعبي وسيسهل معها استيعاب المقررات الدراسية بكل سهولة.
وبيّن أنَّ هذه الفكرة بدت "شاذة" داخل اللجنة ولم يدافع عنها إلا صاحبها نور الدين عيوش، الذي سبق أن أعد مقترحًا رفعه إلى جهات عدة يحاول من خلاله إقناع المسؤولين المغاربة بضرورة إدخال اللغة الشعبية في التدريس.
وأبرز أنَّ النقاش حول تدريس اللغات ولغات التدريس داخل اللجنة بدا متوازنًا بين المدافعين عن الفرنسية ومناصري اللغة العربية، متوقعًا أن يميل النقاش في الجمعية العمومية المجلس الأعلى التي ستنعقد نهاية الشهر الجاري لصالح اللغة الفرنسية كلغة أساسية في التدريس داخل المدارس المغربية.
وفي المقابل، أكد المصدر أنَّ التيار المحافظ المدافع عن اللغة العربية لن يترك النقاش يمر بسلام في اتجاه الانتصار إلى اللغة الفرنسية، موضحًا أنَّ بعض الذين دافعوا عن التدريس باللغة العربية شددوا على ضرورة الانفتاح على اللغات الأخرى وليست اللغة الفرنسية فقط.
وأما الذين دافعوا عن التدريس بالفرنسية، فبرروا أنَّ تعريب المدرسة العمومية بعد نهاية الاستعمار الفرنسي للمغرب لم ينتج إلا الفشل في المدارس الحكومية المغربية، داعين إلى ضرورة الانقلاب على اللغة العربية وتعويضها باللغة الفرنسية ابتداء من التعليم الثانوي، بعدما اعتبروا أنَّ الفرنسية هي لغة تدريس العلوم وأنَّ اللغة العربية لم تستطع أن تتكيف مع التحولات العلمية والفكرية التي يشهدها العالم.
هذا الموقف الذي عبر عنه المدافعون عن التدريس باللغة الفرنسية اعتبره المخالفون لهذا الموقف بأنَّ إقرار لغة التدريس بالفرنسية سيقتل الهوية المغربية بعد قتل اللغة العربية، معتبرين أنَّ محاربة اللغة العربية يعني محاربة الهوية المغربية، لوجود ارتباط وثيق بينهما.
وتوقع المصدر أن يشهد النقاش حول هذا الموضوع في الجمعية العمومية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين نقاشًا حامي الوطيس، بالنظر إلى أنَّ غالبية أعضاء المجلس يمثلون التيار المدافع عن التدريس بالفرنسية.
يُشار إلى أنَّه بعد وضع الخلاصات وإعداد التقرير الاستراتيجي لإصلاح التعليم في المغرب من قبل المجلس الأعلى للتعليم سيحال هذا التقرير إلى العاهل المغربي محمد السادس أولًا، وبعد ذلك سيحيل الملك التقرير ذاته إلى رئيس الحكومة لدارسته داخل المجلس الحكومي قبل المصادقة عليه وإحالته إلى البرلمان للمناقشة وإصدار توصيات في الموضوع.
الأمر الذي ينذر بنقاش غير مسبوق بين التيار المحافظ الذي يدافع عن اللغة العربية ويعتبر أنَّ العربية مستهدفة من قبل القوى الفرنكوفونية في المغرب، وبين التيار المدافع عن التدريس بالفرنسية بعدما اعتبر أنَّ تعريب التعليم في المغرب آل إلى الفشل ولا مناص من إنقاذ التعليم باعتماد اللغة الفرنسية في التدريس.