الرباط- رشيدة لملاحي
كشفت آخر دراسة إحصائية قامت بها الهيئة الوطنية للتقييم التابعة للمجلس الأعلى للحسابات، أن التلاميذ المغاربة يعانون مشكلات كبرى في تعلم اللغات، وهي الدراسة التي تعتبر نتائجها صادمة مرة أخرى. ووفق الدراسة ذاتها فإن مستوى التلاميذ المغاربة ضعيف جدا، حيث أن 4 في المائة فقط من التلاميذ لهم مستوى متوسط فما فوق في التحكم في اللغتين العربية والفرنسية، وهو ما يعني، حسب الدراسة ذاتها أن 96 في المائة موزعين بين مستوى دون المتوسط وضعيف.
وفي تفاعله مع هذه الإحصاءات، أكد وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار أن الوزارة قامت بتجربتين بخصوص هذا المشروع، وشملت مدارس ذات خلفيات اجتماعية ومجالية مختلفة، الأولى تهمُّ التحكم في اللغة العربية، وتم الاشتغال على المناهج والطرق، حيث تم الاعتماد على مناهج جديدة في تدريس اللغة العربية مع إعطاء الأولوية ليس لنطق اللغة العربية كلغة بل للغة العربية المعيشة، والتي يمكن توظيفها في تدريس مواد أخرى.
وأضاف بلمختار أن الهدف هو تسهيل تعلمها وتسهيل استعمالها من طرف التلاميذ، ففي الطرق التقليدية تضعنا أمام مشكلة المعجم، وهو معجم مجرد حيث يتعلم الأطفال كلمات ليس لها وجود مادي ملموس، بينما الطريقة الجديدة هي تعليمهم كلمات يستعملونها ويلمسون مدلولها ماديا.
وقال إن المشكلة الثانية التي تمت مواجهتها هي أن كل الكلمات الممنوحة للتلاميذ لا تتكرر أكثر من خمس مرات، مع أنه علميًا لا يمكن أن يترسخ بتكرار أكبر بكثير قد يصل الى 60 مرة، فالمنهجية التي تم اعتمادها هي تبسيط الكلمات وأيضا خلق دينامية في القسم، فليس المعلم وحده من يعلم بل التلميذ أيضا يشارك، وهذا يفترض هندسة جديدة للأقسام، لاحتضان مختلف الأنشطة الفردية و الجماعية، وأيضا القراءة بصوت مرتفع، وهو الأمر الذي لم يكن في وقت سابق، فضلا عن اعتماد القراءة المقطعية الحديثة بدل القراءة الشمولية التقليدية، مضيفًا أنه اليوم هناك 160 مدرسة تطبق هذه التجربة التي يستفيد منه حوالي 50 ألف تلميذ.
وذكر وزير التعليم بلمختار أن تطبيق هذه الطرق الجيدة في تدريس اللغة في التعليم الابتدائي يفترض أيضا تكوينا جيدا للمدرسين على هذه الطرق، وهذا مشروع آخر، بمعنى لا يمكن حل مشكلة المناهج دون المرور عبر مشكلة الموارد البشرية، فالوزارة أمام وضع قائم وهي أن المدرسين بأقسامهم الدراسية ولا يمكن توقيف الدراسة لإعادة تكوينهم، والحال الذي توصلت إليه الوزارة هو تبني ما يسمى بالأستاذ المصاحب، وهو أستاذ مؤهل ذو تجربة يتم تكوينه تكوينًا معينًا ليكون مرافقا للأساتذة الآخرين ويساعدهم على تطوير ممارساتهم. وهذا العمل الذي قامت به الوزارة في التعليم الابتدائي يتم نقله الآن لتعليم الاعدادي لتحسين تعلمات تلاميذ هذا السلك هم أيضا، عبر آلية الدعم التربوي الموجه لتلاميذ الخامسة و السادسة ثم الرفع من عتبات الانتقال.
يذكر أن مسألة تعلم اللغات هي إحدى المشكلات الرئيسية في التعليم المغربي، ذلك أن مختلف التقارير التي قامت بها الجهات الرسمية منذ 2008، بصدور أول تقرير للمجلس الأعلى للتعليم، وصولا إلى آخر دراسة له، تؤكد بالأرقام استفحال مشكلة تعلم اللغات، بما في ذلك اللغة العربية.