بغداد ـ نجلاء الطائي
أكَّدت "لجنة المرأة والأسرة والطفولة" النيابية، أن "إعطاء كل طالب في المرحلة الابتدائية مبلغ قدره 105 آلاف دينار، شرط ألا يتسرب عن الدراسة، ويأتي هذا ضمن قانون الحماية الاجتماعية".وأضافت عضو اللجنة النائبة، هدى سجاد، إلى "العرب اليوم"، أن "قانون الحماية الاجتماعية دستوري، وينسجم مع المادة 30 من الدستور، ويحمي الفئات الهشة من الطلبة، ويمنعهم من التسرب في مدارسهم، ولاسيما الأيتام الفقراء والأرامل والمعوزات، وتمت فيه زيادة الفئات المشمولة، حيث تم شمول الطلبة في المراحل الابتدائية فقط".وأوضحت سجاد، أن "القانون أعطى إعانات شهرية وخدمات اجتماعية، وأهمها؛ السكن والتعليم والتربية، على أن تكون مشروطة، حيث إن الأسرة المُكوَّنة من 4 أفراد ولديها أطفال في المدرسة، تتسلم راتبًا قدره 420 ألف دينار، لكن إذا لم يراع أحد أفراد تلك الأسرة رعاية صحية أولية، أو تسرب من المدرسة، فستقطع عنها الإعانة، وذلك لضمان عدم توارث الفقر".وبيَّنت أن "القانون فيه أبعاد كبيرة باعتبار أن كل فرد وأسرة تعيش تحت خط الفقر، تشمل بهذا القانون"، مشيرة إلى أن "خط الفقر، هو الذي أقره الجهاز المركزي للإحصاء، في وزارة التخطيط، بأن دخل أي فرد أقل من 105 آلاف دينار شهريًّا فهو يعيش تحت خط الفقر".وأعربت سجاد، عن "إحالة وزير التربية إلى لجنة تحقيقية من قِبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء على خلفية تدني نسبة إنجاز 500 مدرسة، والتي لم يصل الإنجاز فيها إلى نحو 10%".وختمت عضو لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية، النائبة هدى سجاد، قائلة "هذا القانون سيُولد ميتًا إذا لم تقر الموازنة المالية الاتحادية العامة للعام الجاري، لذلك ندعو جميع الكتل السياسية إلى تمرير قانون الموازنة كي تكون هناك جدوى فعلية وحقيقية لتشريع قانون الحماية الاجتماعية، الذي يتضمن محو الأمية".ويشهد العراق منذ سنوات مشكلات اجتماعية واقتصادية عديدة تمس غالبية الشعب، ومن التحديات التي تواجه الطلاب على وجه الخصوص تدهور أوضاعهم الاقتصادية؛ لدرجة تدفعهم إلى هجر مقاعد الدراسة، إضافة إلى ارتباط العملية التربوية ارتباطًا وثيقًا بالاستقرار السياسي.ومن العاصمة، وفي منطقة القاهرة، شمال بغداد، تحديدًا كانت لنا وقفة مع أهالي الطلبة، الذين شكوا من سوء الأوضاع داخل المدارس، وكانت البداية مع أم حسن، التي قالت، "ابني طالب في الصف الأول الابتدائي، وعدد التلاميذ في فصله أكثر من 50 تلميذًا في كل شعبة، ويجلس في الرحلة الواحدة 3 تلاميذ، وهو مقيد بالحركة، ولا يستطيع حتى أن يكتب المادة أو ينتبه إلى المدرس، ولا يتمكن من الكتابة بطريقة مريحة لصغر مساحة المكان الذي يجلس فيه، إضافة إلى عدم قدرة المعلم على إيصال المادة لجميع التلاميذ، وذلك لكثرة الضجيج داخل الصف، مما اضطررت إلى نقل ابني إلى مدارس أهلية، يتلقى فيها عناية أفضل، مما جعل ابني يستيقظ من الصباح ليذهب إلى المدرسة بينما كان العكس في المدرسة الحكومية".وأضافت أم لينا، وهي أم لطالبة في المرحلة الرابعة، في منطقة الأعظمية، "أشكو بشكل مستمر من الرحلات المهمشة، ولا يوجد فيها لوحة خشبية للجلوس عليها، بل تجلس التلميذات على الحديد المتبقي من الرحلة، والتي لا يتجاوز عرضها الـ5 سم، وتصور أن ابنتك تجلس على حديد بهذا الحجم، ولمدة 5 ساعات ونصف، كيف تكون حالتها الصحية والنفسية، واستقبالها للمادة وحبها للدراسة؟، هل يعقل بلد الخير والثروات ليس لديه مدارس تستقبل أجيال المستقبل".وتطرقت أم لينا، إلى "طريقة التدريس التي مازالت في إطارها التقليدي القديم، ومازال هناك بعض المعلمين والمعلمات يستخدمون أسلوب الضرب، كوسيلة لعقاب التلاميذ عن أي تقصير، إضافة إلى الصفوف المليئة بالأتربة والأوساخ، والتي يتم تنظيفها من الطلبة".وتحدث المواطن نصير الخفاجي، عن مدرسة ابنه الواقعة في منطقة الدورة أبودشير، قائلًا، "بعد أيام من تسجيل ابني في المدرسة، بدأ المعلمون بتسليم الكتب إلى التلاميذ، وهي كتب قديمة جدًّا، فقررت أن اشتري له من السوق، كتابي القراءة والرياضيات، كونهما الأساس في المرحلة الأولى الابتدائية، ولا اعلم كيف يتم توفير هذه الكتب في الأسواق، رغم شحتها في المدارس".وأضاف الخفاجي، "كوني اعمل سائق تاكسي، فأثناء تنقلي في السيارة لاحظت أن هناك مدارس عدة يرممونها في بداية العام الدراسي، ولا يستغلون مدة العطلة الصيفية في ترميمها، وهذا يُؤثِّر كثيرًا في الطلبة والمدرسين والعملية التدريسية بكاملها".والتقينا المواطنة، أم جعفر، وهي أم لخمسة أطفال، تسكن منطقة العبيدي، التي تكلمت عن معاناة المدارس، قائلة، "نحن نعاني من عدم وجود مدارس قريبة من بيوتنا، ولدي 5 أطفال، وجميعهم طلبة، وأنا أجلس معهم من الصباح، واذهب معهم إلى المدارس، التي تم نقلهم إليها خوفًا عليهم من بُعد الطريق، والأمور المجهولة التي تحدث في الطريق من عمليات خطف أو قتل وغيرها، علمًا أن تلك المدارس تستقبل التلاميذ على ثلاث وجبات تدريسية، لكثرة أعداد الطلبة الذين لجأوا إليها، بعد تهديم مدارسهم، يعني من الطبيعي أن يعود الطفل إلى بيته بعد مدة غروب الشمس، وأنا أوجه سؤالًا إلى وزير التربية؛ إلى متى نبقى نعاني بسبب وزارة التربية التي أجهدتنا بقراراتها؟ ولم نرِ منها أي خير يذكر، وبدلًا من بناء المدارس، قامت بهدم ما هو موجود منها، وأطفالنا الآن يدرسون في "كرفانات".وتحدث هيثم التميمي، الذي يعمل مُعلِّمًا في مدرس ابتدائية، عن أن "عددًا من الطلبة يتركون الدراسة، بسبب وفاة آبائهم أو إعانة والداتهم، لقضاء الأعمال اليومية، ومراعاة أخواتها الصغار"، مضيفًا أن "هؤلاء الطلبة من المتفوقين في الدراسة بشكل كبير مما جعلنا نتأسف عليهم".وهناك مجموعة من أهالي الحسينية يشتكون من بعض الحالات التي يعانون منها، ففي إحدى المدارس الابتدائية الواقعة ضمن منطقة الحسينية، قالت إحدى أولياء الأمور، وفضلت عدم ذكر اسمها، "بعد أن تم فصل البنين عن البنات في المدارس الابتدائية، وهو عمل غير لائق في بلد ديمقراطي، اضطررنا إلى تحويل أبنائنا إلى الوجبة المسائية، مما خلق إرباكًا في العملية التعليمية، ولا نعلم من أين جاء بذلك القرار؟ ولمصلحة مَنْ؟ علمًا أنني أسكن في منطقة بعيدة عن المدرسة، وأشعر بالخوف والقلق من ذهاب ابني، لأنه يصل إلى البيت في وقت متأخر، مما اضطرني إلى تركه الدراسة حفاظًا على سلامته".وأشارت بعض الإحصاءات إلى ارتفاع نسبة استيعاب الأطفال في عمر المدرسة الابتدائية, حيث أن التسرب من المدرسة لاحقًا يحصد هذه النسب ويضعف نتائج الاستيعاب, بل يصل بها إلى حافة الانهيار شبه الكامل لمؤسسة التعليم الابتدائي.يذكر أن إحصاءات حديثة نسبيًّا، تشير إلى أن نسبة عدد التلاميذ الذين يلتحقون بالمرحلة الأولى، ويصلون إلى الصف الخامس، ارتفعت في العام 2006؛ لتصل إلى 90%, إلا أن تلك المؤشرات غير مطمئنة، ولا تعكس حقيقة هذا الانجاز عند النظر إلى كل محافظة على انفراد, لأن تلك النسبة العالية هي تعبير عن متوسط النسبة المئوية، في عموم العراق، ولا تعكس حقيقة الأوضاع الجارية في مختلف المحافظات, ناهيك عن أن الاستقرار النسبي لإقليم كردستان يعكس جزءًا كبيرًا من تلك النسبة".