الدار البيضاء - جميلة عمر
بعد جرأته ، والعمل بما يمليه عليه القانون ، دخل القاضي الهيني في حرب لا مخرج منها إلا الإنحناء للعاصفة ، وترك المياه تجري بما يشتهيه رؤساؤه.
القاضي محمد الهيني وهو مستشار في المحكمة الإدارية في الرباط وعضو في نادي قضاة المغرب، اعتقد حين أصدر حكما قضائيا بما يمليه عليه ضميره والمسطرة القانونية المعمول بها في قضية عشرات الأحكام لصالح الموقعين على محضر 20 يوليو/ تموز، أنه قام بواجبه ، ناسيا أنه سيدخل بإصداره لهذا الحكم في متاهات لم يخرج منها، إذ مجرد ما كتب خاطرة على صفحة التواصل الاجتماعي "فايسبوك" تحت عنوان: "مواصفات مدير الشؤون المدنية المنتظر لا نريد أسدا ولا نمرا"، وهي الخاطرة التي تضمنت تأملات في المواصفات التي يجب توفرها في المدير المنتظر تعيينه، حتى بدأت سهام الاتهامات توجه إليه من طرف وزارة العدل، آخرها إحالته من طرف وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، على المجلس الأعلى للقضاء، بسبب ما اعتبره كلاما مشينا في حق رئيس الشؤون الإدارية في وزارة العدل.
الهيني وبعد عدة محاولات ، رفع طلبا إلى رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، من أجل التحقيق والتدخل لإيقاف انتهاكات حرية التعبير، وحقوق الدفاع المكرسة دستوريا إطار المتابعات التأديبية للقضاة. موضحا من خلال طلبه أن الفصل 25 من الدستور ينص على أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكاله، وبأن حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمونة.
و أضاف الهيني ، أن الخاطرة التي هي أساس المتابعة منشورة في صفحة التواصل الاجتماعي، تضمنت تأملات في المواصفات التي يجب توفرها في المدير المنتظر تعيينه، ولم يكن المقصود منها توجيهها لأي شخص بحيث تم فيها استعمال أساليب لغوية مجازية تعبر عن حالة يعاني منها مشكل التعيين في المناصب العليا على مستوى المديريات المركزية.
و أردف الهيني أن الخاطرة مجرد نص إبداعي ينتمي إلى الأجناس الأدبية، ويتضمن تعبيرات مجازية، لأن الإبداع هو إنتاج الخيال، ولا يمكن قراءته بالقانون الجنائي أو القانون التأديبي، إذ أن الأدب موضوع اللذة والقراءة النقدية، كما أنه خيال حر لا يحاكم عليه الأديب، حيث انتهى عصر المحاكمات الأدبية.
كما اعتبر الهيني أن موضوع متابعته ليس هي الخاطرة، ولكنه مرتبط بأحكام قضائية لا زالت في طور الاستئناف تتعلق بقضايا محضر 20 يوليو.