موسكو ـ المغرب اليوم
أثار الإعلان عن تعاقد قناة «روسيا اليوم» مع المعلق الأميركي لاري كينغ، نجم «سي إن إن» السابق سخط واحتجاج الكثيرين من ممثلي الأوساط الاجتماعية والصحافية الروسية، في الوقت نفسه، الذي أكدت فيه قناة «دوجد» التلفزيونية عدم صحة ما قالته مارغريتا سيمونيان رئيسة القناة، حول انضمام النجم الأميركي إلى القناة الروسية، واعتبرت ما قيل حول هذا الشأن «محض كذب وتلفيق».
وكانت سيمونيان رئيسة تحرير قنوات «روسيا اليوم» الثلاث الناطقة بالإنكليزية والعربية والإسبانية أعلنت عن تعاقد المؤسسة الصحافية الروسية مع المعلق الأميركي البالغ من العمر 80 عاما لتقديم برنامج «السياسة مع لاري كينغ» من استوديو «روسيا اليوم» في واشنطن دون الكشف عن حجم راتبه الذي قال كثيرون أنه «يتجاوز المألوف»، في نفس الوقت الذي تعاني فيه هذه المؤسسة «وليدة الكرملين» من متاعب مالية وإهدار للمال العام تسبب في تسريح الكثيرين من مؤسسيها، إلى جانب تخفيض مرتبات عدد كبير من بقية العاملين فيها. ومن المعروف أن «روسيا اليوم» كانت حصلت على الجزء الأعظم من دعم الكرملين للمؤسسات الإعلامية الروسية بما يقدر بـ11 مليار روبل، أي ما يقرب من 350 مليون دولار هذا العام. وقد شن الكثيرون من المشاركين في مواقع التواصل الاجتماعي هجوما حادا ضد سيمونيان المعروفة تحت اسم «دلوعة الكرملين» منذ اختارها الجهاز الصحافي للكرملين لرئاسة قناة «روسيا اليوم»، ولم يكن عمرها تجاوز الـ25 عاما، وكان أقصى ما وصلت إليه في عملها التلفزيوني هو مراسلة التلفزيون لدى الكرملين، وبهذا الصدد انتقدت قناة «دوجد» الخاصة المستقلة ما وصفته بـ«التضليل الإعلامي» والذي تمثل ضمنا فيما أشار إليه موقع القناة الروسية على الشبكة الإلكترونية حول أن «المعلق التلفزيوني الأميركي المعروف لاري كينغ أحد مقدمي البرامج في قناة (آر تي) الناطقة باللغة الإنجليزية». وأشارت مصادر القناة على الموقع نفسه في الـ29 من مايو (أيار) إلى أن «مارغريتا سيمونيان رئيسة تحرير القناة الفضائية الروسية أعلنت ذلك في حسابها في (تويتر)، مؤكدة انضمام النجم الأميركي إلى القناة التلفزيونية الموجهة باللغة الروسية».
وأضافت أن «برنامج كينغ الجديد سينطلق علي قناة (آر تي أميركا) في أوائل يونيو (حزيران) المقبل، وسيبث يوميا باستثناء يومي السبت والأحد». ومضت المصادر لتؤكد أن «البرنامج سيجري تصويره في استوديو (آر تي) في واشنطن، وكذلك في لوس أنجليس»، مشيرة إلى «احتمالات أن يدعو لاري كينغ أحد السياسيين الروس للمشاركة في برنامجه».
ونقلت عن كينغ قوله: «إنه كان دائما مهتما جدا بنظام الدولة، وكل ما يؤثر في المجتمع»، معربا عن ارتياحه بشأن هذه الفرصة التي تتيح مناقشة مواضيع سياسية مع أبرز الشخصيات في واشنطن والبلاد بأكملها. وأكدت رئيسة تحرير قناة «آر تي»: «يسرنا التعاون مع لاري كينغ، الذي يعتبر الأسطورة الحقيقية للبث التلفزيوني»، مشيرة إلى أنه يطرح دائما أسئلة حادة على رجال الأعمال ورؤساء الدول والنجوم، وقالت إن ذلك يتطابق تماما مع منهج قناة «آر تي». وأضافت مصادر القناة الروسية على الموقع نفسه أن لاري كينغ يعمل في مجال الصحافة، منذ أكثر من 56 عاما، وأجرى خلال هذه المدة أكثر من 50 ألف حوار، وحاور جميع رؤساء الولايات المتحدة، بدءا من ريتشارد نيكسون.
وفي عام 2000، حاور كينغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقد أثار كل ذلك سخط واستهجان العقلاء في الساحة الإعلامية ممن يتابعون ما يجري على الساحة الإعلامية وما يدور في أروقة عدد من الأجهزة والقنوات التلفزيونية التي ترتبط بشكل أو بآخر بالسلطة الرسمية وأجهزتها المختلفة.
وفي هذا الصدد، سارع هؤلاء إلى الاستشهاد بداية بما قاله كينغ، ونفى فيه عدم صحة ارتباطه وتعاقده حول العمل مع قناة «روسيا اليوم» الناطقة بالإنجليزية، حيث أشار إلى أن ارتباطه بهذه القناة الروسية الرسمية لا يتعدى كونها تعاقدت على شراء برنامجه، الذي قال إنه من إعداد وإنتاج مؤسسة «أورا تي في» الأميركية التي تبث على الإنترنت، أسسها كينغ مع «عملاق الاتصالات» الملياردير المكسيكي كارلوس سليم، العام الماضي، ويمكن مشاهدته عبر قنوات أخرى، وليس كما قالت سيمونيان إن البرنامج سيكون خاصا بالقناة الروسية.
وحين واجهت قناة «دوجد» التلفزيونية بحقيقة ما قاله النجم التلفزيوني الأميركي حول عدم صحة ما قيل حول أنه صار أحد العاملين في قناة «روسيا اليوم»، اضطرت سيمونيان إلى محاولة التراجع عن تصريحاتها السابقة بهذا الشأن، مؤكدة في حديثها لقناة «دوجد» عدم صحة ما جرى نقله عنها، دون اعتبار لأن موقع القناة الإلكتروني، وحتى كتابة هذه السطور (ظهر أول يونيو «حزيران» الحالي) يظل محتفظا بما نشره في تمام الساعة 15:37 في التاسع والعشرين من مايو تحت عنوان «لاري كينغ ينتقل للعمل في قناة (آر تي)». وكانت سيمونيان قالت في تعليقها: «لاري كينغ نفى المعلومات حول أنه تعاقد للعمل في قناة (روسيا اليوم). ونحن أيضا لم نقل أبدا إننا تعاقدنا معه للعمل ضمن قوام العاملين في القناة».
وأضافت سيمونيان أن القناة ترتبط مع لاري كينغ بعقد يقضي بتسجيل برنامجه في استوديوهات «روسيا اليوم»، وهو «البرنامج الذي سيكون بثه قاصرا على شاشتنا». واستطردت لتقول: «أما فيما يتعلق بما رددته بعض وسائل الإعلام، لا سيما الناطقة بالإنجليزية حول أننا تعاقدنا معه للعمل ضمن كوادرنا، فهو ما سارعنا إلى دحضه وما أؤكده مرة أخرى أنه ليس ضمن العاملين معنا، فلم نستخرج له تصريحا للعمل، وليس ملتزما بسداد الضرائب». ولعل التدقيق في مثل هذه التصريحات يستطيع استبيان محاولة التراجع عما حرصت سيمونيان على الترويج له تحت عنوان «لاري كينغ ينتقل للعمل في قناة (روسيا اليوم)». ومن المثير واللافت بهذا الصدد ما تحظى به سيمونيان من اهتمام خاص منذ قدمها الرئيس بوتين إلى ضيفه إمام علي رحمن رئيس طاجيكستان، في ختام مباحثاتهما في الكرملين، ومشاركته في تهنئتها بعيد ميلادها الـ25، وهو ما انضم إليه الرئيس الطاجيكي بدعوتها لزيارة بلاده. وكانت سيمونيان آنذاك مجرد مراسلة للتلفزيون الروسي، وهو الموقع الذي سرعان ما انتقلت منه بين عشية وضحاها لتحتل منصب رئيسة قناة «روسيا اليوم» الناطقة بالإنجليزية، الذي أضافت إليه منصبي رئيسي تحرير «الشقيقتين» الناطقتين بالعربية والإسبانية، فضلا عن وجودها المكثف واللافت للأنظار كضيفة في كثير من برامج الـ«توك شو»، إلى جانب استئثارها بتقديم برنامجين خاصين في قناتي «إن تي في» و«رين تي في» واسعتي الانتشار، مما يثير كثيرا من التساؤلات!