الدار البيضاء - ليلى بنزروال
قسموا الآراء في الشارع بين مؤيد ومعارض، ولم يسلم أحد من تعليقاتهم، جعلوا من الكلمة نكتة ومن الصورة قصة، لا سياسة تخيفهم، ولا نفوذ يقدر على إيقاف تعليقاتهم، فهم شئنا أم أبينا أضحوا نجوم العصر في بلاد المغرب بامتياز، نجوم خرقوا قاعدة النجومية، وفرضوا السيطرة على الصفحات الإلكترونية،
خطفوا بريق الفنانين، وتجاوز عدد معجبيهم حدود الرياضيين، شخصيات ما هي إلا وهمية أصبحت لسان مجموعة من الشباب، تحاكي واقعهم جرأتهم عباراتهم وأفكارهم بسلبياتها و إيجابياتها.
قررنا في تحقيقنا هذا تسليط الضوء على من سلبوا كل الأضواء في صفحات "فيسبوك" المغربية لاكتشاف أي منطق يحكمهم؟ وعدد جماهيرهم ومحبيهم؟ وكيف هي ردة فعل الناس بشأن مضمون صفحاتهم؟.
اختلفت أسماء الصفحات وتنوعت شخصياتهم، طغى البعض والبعض الآخر اكتفى بالتقليد، منهم من طفا على السطح ومنهم من لم تنجح فكرته ولم ترق الفيسبوكيين، لكن السخرية والكوميديا وحدتهم، والجرأة ميزتهم. وأما أكثر الصفحات انتقادًا تلك التي قدست المرأة السويدية على حساب المغربية، فكرة واحدة ملئت عددا من الصفحات كل همها الإساءة للأنثى في المغرب وتلقيبها " بالموسطاشة " مصطلح انطلق من الجزائر ليصل اليوم إلى حدود كل بلدان المغرب العربي.
"الموسطاشات" صراع ذكوري ضد الفتاة المغربية.
"أنتي موسطاشة" و "ضد الموسطاشات" و "متقيسينيش" صفحات وغيرها كان خلفها شخصيات مختلفة اختبأت حول ستار الفايسبوك لتعبر عن كل ما تحمله من مشاعر كره و استنفار للفتاة المغربية، تصفها بأبشع الأسماء وتهينها بمختلف الوسائل ولا تفوت فرصة ولا صورة لسرد سلسلة من التعليقات النابية، ففي نظر هذه الشخصيات المتخفية والتي لا أحد يعلم عنها شيء ولا حتى من تكون، المرأة في المغرب كائن غريب عن جنس النساء ولا تمت له بصلة، وتواجدها معهم في بلد واحد يعتبر ظلما لهم. رأي هذه الشخصيات أو هذه الصفحات التي اختارت فتيات المغرب مادة خام يجدبون بها أكبر عدد من دوي العقد النفسية اتجاه المغربية، لقيت معارضة شرسة لمن له غيرة على الفتاة المغربية، التي في نظرهم معيارا للجمال الحقيقي ورمزا للأخلاق. فنجد شخصيات أخرى كانت بالمرصاد وحملت على عاتقها مهمة الدفاع عن أنوثة المغرب، دخلها كل من لديه أخت أو بنت أو حتى غيرة على الأم التي تضل مغربية، غير أن الغريب في الأمر تباين الفرق بين معجبين صفحات الموسطاشات وبين المدافعين عن المغربيات ليتضح أن عدد المهينين لها يتجاوز حدود المعقول، خصوصا إدا أخدنا بعين الاعتبار انتشار صفحات بهذا الإسم " اللجنة الأمنية لمحاربة الموسطاشات"، "وزارة الموسطاشات والتكفل بالبايرات" مفردات تعكس مستوى هذه الشخصيات الوهمية من الناحية الفكرية.
لو براسون لاعب رجاوي حقيقي
كان يحلم ولا يزال يحلم بأن يكون "لاعب رجاوي حقيقي" بهذه الجملة أثار شفقة عدد من الناس، وبهذه الجملة أصبح أشهر طفل في عالم "فيسبوك" بلا منازع، طفل رجاوي حقيقي بالأمس لم يكن أحد يعرفه واليوم بات مدلل جماهير الماكانا الخاصة بالرجاء البيضاوي، لوبراسون ابن منطقة فقيرة يسكن ووالدته في دور الصفيح، صوره شاب وهو يتكلم عن الرجاء ويغني لها ويعلق ببراءة الأطفال على السياسة والسياسيين، بجرأة كبيرة وبكوميدية يفتقدها عدد من الكوميديين عبر الشاشة في رمضان، وأصبحت مقاطع الفيديو الخاصة به تستقطب أكبر عدد من المشاهدين، أمر عرفت كيف تستغله بعض الجمعيات التي رفعت صورته كشعار لها. أما اليوم فهذا الطفل الصغير بات من أشهر المشاهير وأضحى الكثيرون يحلمون بصورة معه خصوصًا بعدما دخل قلب القلعة الخضراء وبات صديق عدد من اللاعبين، وحضر مناسبات عدة تهم الفريق آخرها حفلة الفوز بكأس العرش التي حضرها عمدة الدار البيضاء، وكان لوبراسون ضيف شرف فيها، فهل هناك من نجومية أكبر من هذه؟؟
بعد نجاح شخصية بوزبال التي تجاوز سقف نجوميته حدود المغرب، وبعد أن أصبح محمد نصيب أشهر من النار في رأس العلم، حيث تجاوز عدد المعجبين 370000 معجب مكسرا بهذا العدد كل الأرقام. كان من الضروري أن تتقدم عائلته للساحة وتشارك رب الأسرة النجومية فكانت هذه النتيجة، أما "ولد بوزبال" الفتى المشاكس الذي وصل جمهوره إلى 177490 معجب، يمشي بتبات مع خطوات والده الوهمي في العالم الفيسبوكي، يحصد حب الجمهور في كل تعليق له أو تدخل، يمتاز بروح الدعابة، والنكتة تكاد لا تخلوا من صفحته.
في حين مرات بوزبال هذه الشخصية الأنثوية وراءها شاب مراكشي، وصل عدد معجبيها إلى 223400 رقم لم تصل إليه بعد مجموعة من الفنانات المغربيات، لتؤكد هذه الصورة العجيبة أنها الأنثى الأشهر في الـ"فيسبوك" المغربي بامتياز فمن تتحدى مرات بوزبال؟؟ ولأن الأخ غالبًا ما يأخذ طباع الأخ ظهر "خو بوزبال" في صورة مشرفة لمثله الأعلى بوزبال، وحصد أكثر من 37000 معجب في حين حصد ابنه الوهمي الملقب بـ "ولد خو بوزبال" 17052 معجب، مع العلم أن الصفحات تقريبًا متشابهة، وما يفصل بينها ذكاء كل شخصية وتقديمها للجديد في عالم السخرية الإلكترونية.
بعدما نجح في حصد المعجبين وصارت له سلسلة كوميدية يتتبعها المشاهدون ولا يفوتون فرصة التعليق عليها، قرر بوزبال نسج شخصيات جديدة تكون لها البطولة في السلسلة، وأنشأ لها صفحات أخرى سرعان ما اكتسحت ساحة الشخصيات، وحصدت حب الجماهير ومن أبرزها.
"عنيبة" هي شخصية وهمية تابعة لبوزبال، أحبها الجمهور نظرًا إلى انتقاداته اللاذعة وحبه للتجديد، ودائمًا تحس في صفحته بلمسة الاجتهاد، ووصل جمهوره اليوم إلى ما يزيد على 122 ألف معجب.
"راس البيضة" ظهرت هذه الشخصية في سلسلة بوزبال بحيث كان يعتبر صديقًا مقربًا له فيها، ويمثل الفئة الفقيرة والمتمردة في المجتمع والتي تعيش نوعًا من التهميش، شخصية وهمية أثارت استفزاز البعض ورضا وإعجاب البعض الآخر، ويصل جمهورها اليوم إلى 30 ألف معجب.
"قريقيبة" اسم اختاره بوزبال وهو من ابتكر صورته، لكن صفحة قريقيبة التابعة له لم تكن بالمهيمنة بعدما برز قريقيبة آخر من مدينة البهجة مراكش، وأوقف احتكار بوزبال لهذه الصفحات بعدما لقيت صفحته النجاح الأكبر وتجاوز حدودها 190 ألف معجب مكسرًا كل أرقام باقي شخصيات قريقيبة، أكثر ما ميز صفحته توفره على موقع إلكتروني خاص يبث فيه فيديوهات فكاهية، تعكس حسه الكوميدي العالي، جدير بالذكر أن قريقيبة عضو في صفحة مرات بوزبال وهو صاحب الصفحة الكوميدية "الضحك من القلب"، وهي الأخرى وصل جمهورها اليوم حدود 300030 معجب.
كيليميني مفردة انتشرت بشكل كبير في السنوات الماضية، وتوحي لمستوى الشخص من الناحية الاجتماعية، فهي ترمز للأشخاص ذوي المكانة الراقية، وتعتبر بمثابة قذف في الأوساط الشعبية، وكيليميني اليوم شخصية فيسبوكية قسمت "فيسبوك" إلى نصف مع بوزبال والنصف الآخر ينتمي لها، وجعلت من "فيسبوك" وسطًا للصراع الطبقي، نالت إعجاب شباب الأحياء الراقية في حين عرفت الشخصية استنفار شباب الأحياء الشعبية.
في كل يوم أفتح فيه صفحة "فيسبوك" الخاصة بي أكون في شوق لمعرفة جديد قريقيبة وبوزبال، فهذه الصفحات نجحت في الترفيه علينا وهو الأمر الذي عجزت عنه البرامج والقنوات المغربية، فهم شباب من عمق المجتمع يفهموننا ويقدرون ذوقنا دائمًا ما يركزون على الأشياء التي من شأنها إدخال البهجة إلى قلوبنا، أما بالنسبة لصفحة السويديات والموسطاشات فلا أكثرت لمضمونها أبدًا فقد جمعت كل من لديه عقدة من فتاة مغربية نظرًا لقمع أو إحراج فقط، أما عنا كفتيات فالكل يعرف من هي البنت المغربية، والكل يعترف أنها من بين أجمل نساء العالم، ونصيحتي لشباب هذه الصفحات أن يوفروا جهدهم لما هو أحسن وقد يفيدنا ويفيدهم.
وحقيقة لن أخفيكم القول أنه لديّ بعض الملاحظات السلبية بشأن ظاهرة انتشار بعض الصفحات والشخصيات الوهمية، ودائمًا أقول إن الشيء إن زاد عن حده فسد، وهذا ما بتنا نلحظه اليوم، كما لا بد من الإشارة إلى أنه من غير اللائق التطاول على خصوصيات البعض، وجعلها نكتة مضحكة للبعض الآخر، كتصوير شخص في وضعية ليست ملائمة وعرضها أمام الكل وفضحه، فهذا الأمر لا يجوز بتاتًا، ومع الأسف هو أمر انتشر بشكل كبير، كما أنني أدين العشوائية التي يعمل بها هؤلاء الشباب فلا رقابة ولا قوانين ولا أي شيء، كل من خطرت في دهنه فكرة عجز عن تطبيقها في الواقع يقوم بتطبيقها في العالم الفيسبوكي، والناس يتقبلونها بضحك ومرح من دون الانتباه لخطورة الموقف.
قريقيبة: لـ"العرب اليوم" الصفحات الإلكترونية فيها ربح كبير... والإعلانات تدعمنا
بداية وكما يعلم الجميع لست من ابتكر شخصية قريقيبة لكنك الأكثر شعبية فيم يكمن السبب؟
بالفعل فالكل يعلم أن شخصية قريقيبة ابتكرها بوزبال الذي كان من أصدقاء فينما أسس صفحة قريقيبة أعجبت بالشخصية وعلمت أني سأنجح فيها فقررت تأسيس صفحة ثانية والحمد لله اليوم أصبحت صفحتي هي الأساسية، وهي الحاصلة على أكبر عدد من المعجبين والشباب يتتبعها عن كثب ويعجب بكل ما أقدم.
دعنا نتعرف على قريقيبة الشاب الحقيقي وليس الوهمي
شاب من مدينة مراكش الحمراء من مواليد سنة 1995 أدرس في السنة الثانية ثانوي والاسم الحقيقي هو يونس أيت أوحمان
يونس ما سبب تميز صفحتك عن باقي الصفحات ولم هذا الكم الهائل من المعجبين؟
لدي موقع خاص بي أبث فيه جديد الفيديوهات الساخرة والكوميدية أبتكر أشياء جديدة، نادرًا ما أستعين بالتقليد، وأفضل تقديم الجديد.
ومن أين تستمد هذه الأفكار؟
لقد كرست وقتي كله للصفحة من أجل نجاح الشخصية، وطوال الوقت أفكر فيها في البيت أثناء الدراسة، وحينما تخطر في بالي فكرة أسارع إلى تطبيقها عن طريق الفوتوشوب.
وهل هناك من استفادة بالنسبة إليك حتى تكرس كل هذا الجهد لشخصية افتراضية؟
طبعا هناك استفادة وإلا ما كنت أفعله لمجرد إضاعة وقتي، من جهة أنا أعشق الإنترنت منذ الصغر، ومن جهة أستفيد من الإشهارات.
حسنا وبخصوص الإشهارات هل يمكن القول أنه ثمن رمزي فقط؟
لا على العكس فأنا أستفيد بشكل جيد والحمد لله.
هل لنا أن نعرف أول مبلغ تلقيته في هذا المجال؟
كان 2000 درهم وحينها لم أكن أصدق أنني قد أنجح في هذا المجال وقد أحقق ربحًا، وكان شعورًا رائعًا.
لاحظت أنك لا تزال صغيرًا في السن واليوم أصبحت قادرًا على تحمل مسؤوليتك من الناحية المادية ما رأي الأسرة في الموضوع؟
أسرتي تعرف بالأمر، وتشجعني لكنها تركز على فكرة الموازاة ما بين الدراسة والعمل وهو أمر صعب بالنسبة إلي.
وهل لديك صفحات أخرى؟
أنا عضو في صفحة مرات بوزبال التي يملكها صديقي، كما لدي صفحة الضحك من القلب وهي الأكثر شعبية في الوسط الفيسبوكي ويصل جمهورها اليوم إلى 300040 معجب وهناك أفكار أخرى لصفحات جديدة مقبلة.
هل تعلم أن عدد زوار صفحتك قريقيبة يوميًا في المغرب يفوق عدد من يدخل صفحة تامر حسني مثلاً؟
"يضحك" لا أظن ذلك لكن الفضل في نجاح صفحتي يعود لرغبتي في إرضاء الشباب وتقديم الأحسن دائمًا.