الرباط - علي عبد اللطيف
حسم مجلس النواب نهائيًا في مشروع قانون يتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بعدما تم التصويت عليه بالأغلبية نهائيًا لينشر في الجريدة الرسمية قبل شروع العمل فيه، حيث وافق على المشروع 95 برلمانيًا فيما عارضه 49 برلمانيًا، لوم يمتنع أي أحد من البرلمانيين.
ويهدف القانون الجديد إلى تخليق الحياة العامة للمغاربة لاسيما في المؤسسات العمومية والخاصة، وفي الحياة العامة بشكل عام، إذ جاء بالعديد من البنود تحاول محاربة الفساد ومحاصرة آفة الرشوة، بحيث تعتبر ديباجة المشروع أنّ محارفة هذه الآفة تعد عنوانًا للمواطنة الحقة وطريقًا آمنًا نحو الديمقراطية ودعامة أساسية للاقتصاد المغربي ليكون قادرًا على التنافسية، بعدما خرجت عدة تقرير تشير إلى أنّ آفة الرشوة عائقًا أمام تحسن المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية أساسًا.
وأثارت عدة بنود من هذا القانون جدلًا كبيرًا بين البرلمانيين، لاسيما النقطة المتعلقة "بالإحالة الذاتية"، أي أنّ الهيئة المتعلقة بالنزاهة والشفافية تبادر من تلقاء نفسها أو بطلب من الحكومة أو مجلسي البرلمان لإبداء الرأي حول مشاريع ومقترحات القوانين ذات الصلة بالوقاية من الرشوة، وكذلك الأمر بالنسبة للبرامج أو المبادرات التي ترمي إلى الوقاية من الفساد ومحاربته.
وكان مجلس المستشارين قد فرض عبارة "بمبادرة منها" أي بمبادرة من الهيئة، رغم أنّ الحكومة اعترضت عليها، حسبما أكد الوزير محمد الوفا. واعتبر هذا الأخير أنّ الحكومة اعترضت على الصيغة المذكورة لأنها تعتبرها تنقيصًا من دور الحكومة، ونوع من "الفيتو" عليها وعلى الحكومة تفرضه هذه الهيئة، ما دفع مجلس النواب إلى إلغاء هذه الصيغة التي أدخلها مجلس المستشارين، خوًفا من أن يبقى البرلماني مُلزمًا بانتظار رأي الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة، ومحاربتها عند عزم البرلماني على تقديم مقترح قانون معين، فوافق البرلمانيون الحكومة على الرأي، واعتبروه تقييدًا على البرلماني ومبادراته التشريعية، ما قد يؤدي إلى اختلال في توازن السلطة.
وشدد البرلمانيون على أنّ إقرار تعديل مجلس المستشارين يجعل البلاد أمام غرفة برلمانية ثالثة ممثلة في هيئة الرشوة، ستُضاف إلى مجلس النواب ومجلس المستشارين، وهو ما اعتبروه بأنه أمر غير دستوري، وسيزيد من هدر الزمن التشريعي.
واعتبروا أنّ تقوية المبادرة الذاتية للهيئة في مجال وضع البرامج والتدابير والمبادرات التي ترمي إلى الوقاية من الفساد فهو أمر معقول يجب أن يمنح للهيئة، وهو ما منحه لها الدستور أساسًا ولا خلاف حوله.
وأكد البرلمانيون الذي صادقوا على النص، أنّ حذف صيغة المبادرة الذاتية من صلاحيات الهيئة في مجال المراقبة على تشريعات الحكومة والبرلمان لا ينتزع من الهيئة صفة المبادرة الذاتية، مُعتبرين أنّ النص يعطيها هذه المبادرات في عدة مجالات، مثل تنظيم عمليات البحث، وإعداد برامج الوقاية، وقواعد الحكامة، وبرامج التواصل وتقديم مقترحات للحكومة.
وأكد عدد من البرلمانيين على أنّ الهيئة لا يجب أنّ تتمتع بصلاحيات تقريرية لأنّ الدستور منحها صلاحيات استشارية فقط.