دمشق -المغرب اليوم
لم يكد يستوعب تنظيم "داعش" الإرهابي مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي في أكتوبر المنصرم، حتى توالى تساقط العديد من قياداته ما بين قتيل وأسير، إذ أعلن المركز الإعلامي لميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، في 20 من يناير الحالي، مقتل المدعو "أبي الورد العراقي"، وهو مسؤول بارز في التنظيم يحمل الجنسية العراقية، وقد عرف بأنه يتولى مهمة إدارة النفط داخل "داعش".
وقبل ذلك بأيام قليلة، كشفت السلطات العراقية اعتقال مفتي التنظيم المعروف بـ"أبي عبد الباري- شفاء النعمة"، في الجانب الأيمن من الموصل، والذي كان يفتي بقتل المواطنين ورجال الدين، ما شكل ضربة جديدة لتنظيم "داعش"، الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة حول أسباب ودلالات تساقط قيادات تنظيم "داعش" بعد مقتل زعيم التنظيم السابق أبو بكر البغدادي.
ورقة بحثية منشورة في مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، تحمل عنوان "لماذا تساقط قادة "داعش" بعد مقتل البغدادي؟"، فسرت تسارع وتيرة تساقط قادة تنظيم "داعش" بعد مقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي على ضوء اعتبارات عديدة؛ يتمثل أبرزها في "الاعترافات الأمنية"؛ إذ ألقت الولايات المتحدة القبض على مجموعة من مرافقي البغدادي خلال العملية العسكرية.
تبعا لذلك، نقلت هذه المجموعة من لدن القوة الخاصة المكلفة بالعملية إلى إحدى القواعد الآمنة من أجل استجواب أفرادها، نظراً لأنهم يمثلون مصدراً مهماً للمعلومات حول القدرات التنظيمية والعسكرية لـ"داعش"، على نحو لا يمكن فصله عن نجاح الأطراف السابقة في القبض على بعض القيادات، خاصة في ظل التنسيق الأمني المستمر مع واشنطن، توضح المقالة.
العامل الثاني هو "استمرار الاختراق"، فرغم أن اتجاهات عديدة رجحت أن تقوم القيادة الجديدة لـ"داعش"، ممثلة في أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، بإعادة هيكلة التنظيم، بما يسمح له بمنع الاختراقات المتصاعدة داخله خلال الأشهر الماضية، إلا أنه لا يبدو أنها حققت نتائج بارزة في هذا السياق، بدليل تواصل الضربات التي يتعرض لها التنظيم من جانب الأجهزة الأمنية العراقية والقوى الأخرى المنخرطة في الحرب ضده، على غرار ميليشيا "قسد".
ويتجسد العامل الثالث في تراجع دور "الأوكار الآمنة"؛ إذ تشير المقالة إلى أن الضغوط والضربات القوية التي تعرض لها "داعش" دفعت قيادته إلى تبني سياسة جديدة تقوم على التوسع في الانتشار التنظيمي، والتخلي تماماً عن مبدأ السيطرة المكانية، على نحو أدى إلى تراجع دور "الأوكار الآمنة" التي كان يتم اللجوء إليها لتقليص قدرة الأجهزة الأمنية على تعقب قيادات وعناصر التنظيم.
العامل الرابع، وفق المركز البحثي، هو "الفجوات التنظيمية"، إذ تشير العمليات الأمنية المتتالية التي أسفرت عن القبض على بعض قادة "داعش" إلى وجود حالة من الترهل التنظيمي، لاسيما بعد أن أصبح يعمل بطريقة لا مركزية، إذ تقوم كل مجموعة بممارسة مهامها وتنفيذ عملياتها الإرهابية بطريقة شبه منفصلة، وهو ما خصم من قدرتها على التنسيق في ما بينها.
على ضوء ما سبق، تخلص الورقة إلى أن الهزائم التي مني بها "داعش" في الفترة الماضية قلصت من قدرته على الحفاظ على قياداته الرئيسية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انهياره تنظيمياً بشكل كبير خلال المرحلة القادمة، على نحو ربما يدفع ما تبقى من كوادره إما إلى الهروب والتخفي، أو اللجوء إلى الإرهاب الفردي في إطار ما يطلق عليه "الذئاب الداعشية المنفردة"، أو الانضمام إلى التنظيمات المنافسة، وفي مقدمتها تنظيم "القاعدة".
قد يهمك ايضا :