تونس ـ أزهار الجربوعي
أكّد المتحدث الأسبق باسم الجيش التونسي مختار بن نصر أنَّ قرار واشنطن تصنيف تنظيم "أنصار الشريعة" في تونس وليببا في خانة "الإرهاب الدولي"، ينطوي على تبعات أمنية وسياسية وقانونية، محذرًا من ردود الفعل "الانتقامية" لهذا التنظيم، يأتي ذلك فيما تعيش الشوارع التونسية على صفيح ساخن من العنف، وسط استمرار المواجهات، ومحاولات اقتحام مراكز
الأمن والشرطة، على الرغم من استقالة رئيس الحكومة علي العريض، وتكليف مهدي جمعة بتشكيل حكومة غير حزبية، حيث فشل التغيير الحكومي في تهدئة الأوضاع الأمنية، والاجتماعية، المحتقنة منذ أكثر من أسبوع.
وأوضح العميد مختار بن نصر، في حديث إلى "العرب اليوم"، أنَّ "القرار الأميركي يتيح للكونغرس تقديم دعم مباشر لتونس، لوجستي ومالي، في مقاومة الإرهاب"، مشيرًا إلى أنَّ "الولايات المتحدة لا يمكنها تقديم دعم لتونس على هذا الصعيد، إلا من بعد قرار رسمي بحظر أنصار الشريعة، وتصنيفه في خندق التنظيمات الإرهابية الدولية".
واعتبر المتحدث الأسبق باسم الجيش التونسي أنَّ "قرار حظر أنصار الشريعة دوليًا ينطوي على تبعات سياسية وقانونية إلزامية على الدول، وحتى بالنسبة للأمم المتحدة، وهو ما يجعل كل دولة تتعاطى بجدية مع قرار منع تنظيم محظور من الحركة، والتمويل، والتنظم، وهو ما سيشكل دعمًا كبيرًا لتونس، في إطار ردع التطرف والإرهاب"، حسب تعبيره.
وحذّر بن نصر مما وصفه بـ"ردود الفعل الانتقامية لتنظيم أنصار الشريعة"، مؤكدًا أنَّ "قوات الأمن والجيش في وضع استنفار كلي، بغية التصدي لأيَّة هجمات محتملة"، مشيرًا إلى أنَّ "الاضطرابات الأمنية والاجتماعية التي تعيشها تونس، من اعتداء على مقرات الشرطة ومؤسسات الدولة وحرق، يقف وراءها جزء من التنظيم المحظور، الذي يسعى للتخريب، وبث العنف والفوضى".
واعتبر مختار بن نصر أنَّ "قرار تصنيف أنصار الشريعة كتنظيم إرهابي دولي، من طرف واشنطن، بعد 6 أشهر من قرار مماثل اتخذته الحكومة التونسية، يؤكّد أنَّ الولايات المتحدة، ومصالحها، قد أحاطت بجميع الإثباتات والقرائن التي تؤكد خطورة هذا التنظيم، وتورطه في أعمال إرهابية"، مشدّدًا على أنَّ "واشنطن تراعي مصالحها بالدرجة الأولى، وما يهمها قبل كل شيء تأمين مواطنيها، الذين تعرضوا للخطر من طرف أنصار الشريعة، سواء في الهجوم على السفارة الأميركية لدى تونس أو ليبيا"، نافيًا أنَّ "يحمل القرار تبعات بشأن التدخل في السيادة التونسية، وأنه يهدف للتغلب على ظاهرة الإرهاب".
ميدانيًا، فشلت استقالة حكومة ائتلاف "الترويكا" الحاكم، الذي يسيطر على غالبيته حزب "النهضة" الإسلامي، في تهدئة الأوضاع، خلافًا لما توقعه مراقبون، حيث استمر العنف والمواجهات في الشوارع والمدن التونسية، لاسيما عند النقاط الحدودية، على غرار سيدي بوزيد، والقصرين، ومنطقة حي التضامن في العاصمة، التي تعتبر معقل التيار السلفي المتشدّد، ومركزًا لتفشي الجريمة والعنف، وقد تصدّت قوات الأمن لمحاولة اقتحام مركز أمن في مدينة المرسي، من طرف أكثر من 150 شخصًا، كما تحركت التعزيزات الأمنية إلى المكان لحماية المركز.
وفي محافظة سوسة (200 كيلومتر وسط البلاد)،استعملت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع، في تفريق مسيرة للعشرات من المنتمين لتيار "أنصار الشريعة"، الذين أعربوا عن رفضهم لحظر التنظيم، وتصنيفه في خانة "الإرهاب الدولي"، متهمين الحكومة بـ"موالاة الغرب في حربه على الإسلام".
واستغل عدد من المجموعات المنحرفة توتر الوضع الأمن، في الحرق والنهب والسرقة، حيث سجّلت قوات الأمن حرق العديد من مقرات دوائر تحصيل الضرائب، والبنوك، في العاصمة وضواحيها القريبة، وهو ما اضطر الأمن لاستعمال الرصاص المطاطي لتفريق المحتجين، بغية الرد على الحجارة والزجاجات الحارقة، وحرق العجلات المطاطية، فيما أكّدت وزارة الداخلية اعتقال 25 شخصًا في منطقة حى التضامن، إثر مواجهات ليلية مع قوات الأمن.
ويخشى التونسيون من أنّ تغرق بلادهم مجدّدًا في أتون العنف، رغم أنها بدأت بإحراز تقدم على الصعيد السياسي، لاسيما في إطار المصادقة على الدستور، واستقالة حكومة الائتلاف الحاكم، واقتراب تحديد موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، إلا أنَّ الوضع الأمني ينذر بتطورات خطيرة، لاسيما إثر قرار واشنطن المذكور، وهو ما صعّد المخاوف من تكرار سيناريو اغتيال سياسي جديد في البلاد، يقضي على حلم الثورة والديمقراطية الناشئة في تونس، التي تكافح لإنجاح نموذج "الربيع العربي"، الذي مُني بهزائم في دول أخرى.