الجزائر ـ عبد القادر محمد
قام مواطنون جزائريون في مناطق كولومبشار ومغنية، بإحراق العلم الوطني ورفعوا بدلاً منه العلم الوطني المغربي، ورددوا شعارات تنديدية واستنكارية بإجراءات الحكومة الجزائرية، التي "مسّت لقمة عيشهم، وحَدَّتْ من نشاطاتهم التجارية، ومنها الزيادة في المواد الاستهلاكية". وتدخلت القوات الجزائرية، بعنف لإخماد نيران التظاهرات التي اندلعت بعد الإجراءات الجديدة التي مسّت أنشطة التهريب المعيشي لسكان المناطق الحدودية الغربية الجزائرية، حيث شبّت شرارة انتفاضات شعبية كتلك التي وقعت في تشرين الثاني/نوفمبر 2005، واتسمت التظاهرات بأعمال الشغب وإضرام النيران، وقامت القوات الجزائرية باعتقالات في صفوف المتظاهرين من السكان الجزائريين الذي يعيش غالبهم من التجارة الحدودية، وتكرر السيناريو هذه المرة، أواخر الشهر الماضي، حيث أشعل العشرات من الشباب العجلات المطاطية، ووضعوا المتاريس قاطعين مسلكًا مؤديًا إلى الطريق السيار على مستوى دوار عمر، ما بين بلديتي مغنية وحمام بوغرارة في تلمسان، مباشرةً بعد الإفطار، تطلبت تدخل عناصر الدرك الجزائري حيث لاحقت المحتجين، الذين أثاروا هلعًا وصخبًا في المنطقة، استمر قرابة الأربعين دقيقة، احتجاجًا على الإجراءات المتخذة من قبل مصالح الدولة الإدارية والأمنية لمحاربة التهريب. ولجأت السلطات الجزائرية، في خطوة غير مسبوقة، إلى أئمة المساجد الذين بادروا إلى إلقاء خطبهم، في ما يقرب من 500 مسجد تثؤدى فيها صلاة الجمعة في الولاية الحدودية، لإقناع مواطنيها في المناطق الحدودية الذين يشتغلون في أنشطة التهريب المعيشي في غياب أي تنمية تغنيهم عن ذلك، حيث شنّ الأئمة حربًا على المهربين، واصفين من يقوم بتهريب الوقود وغيره من المواد المدعمة لصالح المواطنين إلى تراب بلد أجنبي، ليقوم مقابل ذلك بتوريد المخدرات، بفعل الخيانة العظمى، وهي بمثابة فتوى تصدرها وزارة الشؤون الدينية للمرة الأولى لتحريم وتجريم فعل التهريب. وأعلنت الحكومة الجزائية حالة الاستنفار القصوى لمواجهة التهريب، الذي ألحق ضررًا بالغًا بالاقتصاد الوطني، وجعل الشعبين التونسي والمغربي يزاحمان الجزائريين على أموال الدعم والتحويلات الاجتماعية، التي تغطي كلفة المواد الاستهلاكية المدعمة، مما دعا وزارة العدل الجزائرية إلى رفع الإجراءات الردعية إلى أقصاها، سواء ما تعلق بعقوبة السجن والغرامة المالية والإجراءات العقابية التكميلية، كتحديد الإقامة ومنع الإقامة، فبين السجن المؤبد وغرامة تصل إلى 20 مرة قيمة البضائع المصادرة، إلى عقوبات تلحق المتسترين على فعل التهريب، والمتواطئين من أصحاب المسؤوليات على الردع، وكذلك قررت الحكومة تضييق الخناق على مهربي الوقود "الحلابة"، الذين تحولوا إلى شبكات "مافيا" وبارونات ينشّطون شبكات فرعية للتهريب، وتلجأ أحيانًا حتى إلى تجنيد المواطنين. وشددت الجزائر من عقوبة السجن على تهريب المحروقات والوقود أو الحبوب أو الدقيق أو المواد المطحونة المماثلة، أو المواد الغذائية أو الماشية أو منتجات البحر أو الكحول والتبغ والمواد الصيدلانية والأسمدة التجارية، أو التحف الفنية أو الممتلكات الأثرية، و المفرقعات أو أي بضاعة أخرى، حيث ستتراوح من 5 سنوات إلى 10 سنوات، وغرامة مالية تساوي 10 مرات قيمة البضاعة المُصادرة، وعندما يرتكب قضايا التهريب من 3 أشخاص وأكثر تكون العقوبة من 5 سنوات إلى 15 سنة، وغرامة تساوي 15 مرة إلى 20 مرة قيمة السلع المُصادرة لصالح الدولة، ويُعاقب بالحبس من سنة إلى 10 سنوات وبغرامة تصل إلى 500 ألف دينار جزائري كل شخص ثبت علمه بوقوع فعل من أفعال التهريب ولم يبلّغ السلطات العمومية، وتضاعف العقوبة إذا كان الشخص قد تحصّل على المعلومات بحكم وظيفته أو مهنته، وترافق هذه الإدانة مجموعة من العقوبات التكميلية كتحديد الإقامة ومنع الإقامة وإغلاق المؤسسة نهائيًا، إذا كان المهرب صاحب مؤسسة، والإقصاء من الصفقات وسحب رخصة السياقة ومنع صدورها ثانية لكل من يتورط في فعل التهريب، ولا يستفيد الشخص المثدان في فعل التهريب من ظروف التخفيف التي يتضمنها قانون العقوبات.