واشنطن ـ عادل سلامة
يعقد مجلس الأمن، الجمعة، جلسة مشاورات مغلقة للنظر في الأوضاع الإنسانية المتردية بشكل مطرد في غزة بسبب الحصار المطبق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع تحت شعار القضاء على مقاتلي «حماس» والفصائل الفلسطينية الأخرى، فيما بدأت الأصوات الدولية ترتفع تحذيراً من «كارثة هائلة»، بسبب سياسة «العقاب الجماعي» الإسرائيلية المتمثلة بقطع إمدادات الكهرباء والوقود والمياه والغذاء عن أكثر من مليونين و300 ألف من المدنيين.
وجاءت الدعوة إلى عقد هذا الاجتماع لمجلس الأمن من البرازيل قبل أن تنضم إليها الإمارات العربية المتحدة، بالتزامن مع التحذيرات المتزايدة من المنظمات الإغاثية الدولية من تفاقم الأزمة الإنسانية، على إثر إعلان إسرائيل وقف كل الإمدادات الحياتية إلى القطاع، بما فيها عبر مصر، تطبيقاً لأوامر الحكومة الإسرائيلية، التي أعلن وزير الطاقة فيها، إسرائيل كاتس، عبر وسائل التواصل الاجتماعي أنه «لن يُشغل مفتاح كهرباء واحداً، ولن يشغل صنبوراً واحداً، ولن تدخل شاحنة وقود واحدة حتى إعادة الرهائن الإسرائيليين إلى ديارهم».
تسوية المنازل بالأرض
وأفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن الغارات الإسرائيلية من السبت الماضي وحتى الخميس، سوّت أكثر من ألف منزل بالأرض، كما صارت 560 وحدة سكنية أخرى غير صالحة للسكن. وأكد أن قطع إسرائيل إمدادات المياه أدى إلى نقص حاد لأكثر من 650 ألف شخص، مضيفاً أن شبكات الصرف الصحي دمرت، مما أدى إلى سيل مياه الصرف الصحي النتنة إلى الشوارع في المدينة.
«الوضع خطير»
وأعلن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث عبر منصة «إكس» أن مكتبه خصص 9 ملايين دولار إضافية من الصندوق المركزي للاستجابة لحالات الطوارئ بغية لتمويل الجهود الإنسانية الفورية في الأرض الفلسطينية المحتلة. وأوضح مكتبه أن عدد النازحين في غزة تجاوز 263 ألف شخص ليل الأربعاء، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 40 في المائة منذ الثلاثاء.
ونقل مكتبه عن المسؤول في عن تنسيق الشؤون الإنسانية في غزة حمادة البياري أن الوضع على الأرض في القطاع «يبدو خطيراً جداً» وإن التحديات قد تكون «غير مسبوقة»، منبهاً إلى أن تقديم الخدمات الإنسانية في تلك الظروف «محفوف بالمخاطر».
وكذلك نسبت صحيفة «نيويورك تايمز» عن المستشار الإعلامي لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى «الأونروا» في غزة عدنان أبو حسنة، أن انقطاع المياه والكهرباء والوقود، والأزمة التي تواجهها المستشفيات «يضاعفان المخاوف من وقوع كارثة إنسانية». وأضاف: «نحن أمام كارثة هائلة». ولفت إلى أن «أمامنا إمدادات كافية من الوقود لمدة أربعة وخمسة أيام» لمواصلة عمليات الإغاثة.
المستشفيات تعطلت
وكذلك قال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن «كل المستشفيات الثلاثة عشرة والمرافق الصحية الأخرى في غزة لا تعمل إلا بشكل جزئي بسبب نقص الإمدادات وتقنين الوقود»، مضيفاً أنه «لا يمكن الوصول أيضاً إلى مستشفى بيت حانون بسبب الأضرار التي لحقت بالمنطقة المحيطة به». وحذر من أن هناك نقصاً حاداً في مياه الشرب يؤثر على 650 ألف شخص مع انقطاع إمدادات المياه. وقال: «ألحقت الغارات الجوية الإسرائيلية أضراراً بسبع منشآت كانت توفر خدمات المياه والصرف الصحي لأكثر من مليون شخص. وفي بعض المناطق، تتراكم الآن مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة في الشوارع، مما يشكل خطراً صحياً شديداً وواضحاً».
محدودية الغذاء والمياه
إلى ذلك، أفادت وكالة «الأونروا» بأن الملاجئ التي تؤوي النازحين في غزة تعاني الاكتظاظ ومحدودية المواد الغذائية وغير الغذائية والمياه الصالحة للشرب. وحذرت من «أزمة مياه تلوح في الأفق» في الملاجئ الطارئة التابعة للوكالة الأممية في كل أنحاء غزة بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية ونقص الكهرباء اللازمة لتشغيل المضخات ومحطات تحلية المياه ومحدودية إمدادات المياه في السوق المحلية. وعزت السبب إلى «الحصار الكامل» الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية على القطاع.
عدد القتلى
ونقلت «الأونروا» عن وزارة الصحة في غزة أن 1100 شخص قتلوا، بينهم 171 نساء و326 طفلاً، بالإضافة 5339 من الجرحى، بينهم 744 امرأة و1217 طفلاً منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وكذلك نقلت عن مصادر إسرائيلية أن 1200 شخص قتلوا في إسرائيل. وأوضحت الوكالة أن 12 من موظفيها بين القتلى. وأصيب خمسة من النازحين الذين كانوا يحتمون في مدرستين تابعتين لـ«الأونروا» نتيجة الغارات الجوية القريبة، ليرتفع عدد الجرحى من النازحين المحتمين بالوكالة الأممية إلى 33 شخصاً.
وأوضحت الوكالة أن أكثر من 5300 من موظفيها يعملون على الأرض للاستجابة لحالة الطوارئ في ظل ظروف صعبة للغاية، بسبب تدمير الطرق أو الحطام، فضلاً عن استمرار الغارات الجوية.
موضحاً أن «الوضع قد يكون غير مسبوق بالنسبة لتوفر الكهرباء»؛ إذ إن محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة أوقفت كل عملياتها بسبب نقص الوقود. ونبه إلى أن هذا الأمر يمكن أن يؤثر بشكل كبير على «حصول السكان المدنيين على الخدمات الأساسية كالصحة والمياه وغيرها من الخدمات».
هدنة إنسانية؟
وقال البياري إن المطلوب في المرحلة الحالية بالدرجة الأولى هو «وقف النار، أو هدنة إنسانية قد تمكن عمال الإغاثة من تقييم الأوضاع، فنحن لم نستطع حتى اللحظة توفير بيئة آمنة لتقييم الأوضاع في الميدان». ودعا إلى تمكين عمال ومنظمات الإغاثة من الوصول للأماكن التي تشتد فيها الحاجات، مؤكداً ضرورة إقامة «ممرات إنسانية تضمن سلامة موظفي الإغاثة للوصول للأماكن المتضررة وإنقاذ الأرواح». وأشار إلى أنه بالنظر إلى التصعيد الراهن، فإن قدرة العمليات الإنسانية في الوقت الحالي قد لا تسمح بتوفير الحجم المطلوب من المساعدات. ودعا كذلك إلى إعادة ربط سلاسل الإمداد، مضيفاً أن «هناك ضرورة ملحة» لإعادة فتح المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل للسماح بدخول المواد الإنسانية. وأكد أن «الوضع سيكون صعباً للغاية» مع عدم قدرة مجتمع العمل الإنساني على تقديم الخدمات الإنسانية، ومع عدم قدرة مقدمي الخدمات الأساسية على مواصلة عملهم.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
البرازيل تدعو لاجتماع لمجلس الأمن لمناقشة الحرب بين إسرائيل و«حماس»
انقسام في مجلس الأمن بشأن هجوم حماس وواشنطن تدعو جميع أعضاءه لإدانة الحركة