الرباط - المغرب اليوم
بدأ البرلمان المغربي بتعاون مع الاتحاد البرلماني الدولي، في مناقشة إشكالية الهجرة انطلاقا من الدور الذي يمكن أن يقوم به برلمانات العالم من أجل حماية حقوق المهاجرين في زمن بدأت تتعالى فيه الخطابات والسياسات الشعبوية المناهضة للهجرة وبخاصة في بلدان الاستقبال.
واحتضن مقر مجلس النواب في الرباط، الخميس، اجتماعا برلمانيا رفيعا شاركت فيه البرلمانات الأعضاء في الاتحاد البرلماني الدولي والمنظمات البرلمانية الجهوية والدولية ومختصون وفاعلون دوليون.
قال الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، في افتتاح أشغال المؤتمر البرلماني الدولي بشأن الهجرة، إن اعتماد الميثاق العالمي حول الهجرة في مراكش يعد "حدثاً دولياً فاصلاً ويُدَشِّنُ لمرحلة مهمة في العلاقات الدولية، يكاد لا يُضَاهِيهِ سِوى اعتماد ميثاق الأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 (الذي نحتفل بعد ثلاثة أيام بمرور 70 عاما على صدوره)، والعهود الدولية اللاحقة لهما".
ودعا المالكي البرلمانات إلى تحمل مسؤوليتها، بعد مصادقة الحكومات على الميثاق العالمي للهجرة، مشيرا إلى أن "البرلماناتِ الوطنية، كما على المنظماتِ البرلمانية متعددة الأطراف، تقعُ مسؤوليةٌ كبرى في التَّرافُعِ من أجل التصدي لأسباب الهجرة، وفي مقدمتها تحقيقُ التنمية في البلدان الأصلية ومواجَهَةُ انعكاساتِ الاختلالات المناخية وترسيخُ البناء الديمقراطي المؤسساتي وتيسيرُ التماسك الاجتماعي وتخفيفُ الفوارق الترابية والاجتماعية".
وشدد رئيس مجلس النواب على أن المغرب "سيظل يرافعُ ويدافعُ عن مقاربة جديدة في مجال الهجرة، تجمع، كما أكد ذلك محمد السادس، بين الواقع والتسامح وتغلب العقل على المخاوف"، مذكرا في السياق ذاته بالسياسة المغربية في مجال الهجرة منذ 2013، و"التي مكنت اليوم من تسويةِ أوضاعِ أكثر من 50 ألف مهاجر ومهاجرة، أغلبهم من بلدان أفريقية شقيقة، وتمكينهم من حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية كاملة".
ويضيف المالكي أن المملكة المغربية "تحتضن الأشقاء الأفارقة الذين دخلوا البلاد بطريقة قانونية، وهم إما طلبةٌ أو أطرٌ في القطاع الخاص أو عمال إلى جانب أشقائهم المغاربة"، قبل أن يؤكد أن ما يقوم المغرب يعد "سياسة إرادية دامجة وثابتة، وتعتمد التضامنَ أولا وأخيراً"، ومن بين الحلول التي يقترحها المالكي لمعاجلة آفة الهجرة "تيْسِيرِ التنمية في البلدان مَصْدَرَ الهجرة من خلال تحويلِ الاستثمارات ورؤوس الأموال من حيثُ تتوفرُ بكثرة، ونقلِ التكنولوجيا، ودعمِ التربية والتكوين، قصدَ توفيرِ الشغل خاصة للشبابِ الـمُتَطَلِّع إلى الشغل والكرامة، وهو الذي يَرْصُد ويُتَابِعُ بفضل تكنولوجيا المعلومات، الغِنَى والرخاء الذي تنعمُ به مجتمعاتٌ أخرى".
وأكدت غابرييلا كويفاس، رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي، أن الميثاق العالمي المرتقب توقيعه في مراكش يعد خارطة طريق للحكومات لتفعيل هذه الوثيقة التي جاءت بعد أعوام من المفاوضات لحلحلة جل المشاكل المرتبطة بالهجرة والمهاجرين.
وأضافت غابريلا: "الخوف من الهجرة لا أساس له، كما أن الميثاق العالمي لا يعني فتح الحدود في وجه المهاجرين غير الشرعيين، بل هو مدخل لتعزيز التلاقح والترابط الثقافي".
وأكدت المتحدثة أن "البرلمانات تقع على عاتقهم مسؤولية الضغط على الدول من أجل الاعتراف بالهجرة النظامية والمنظمة وتنظيم قنوات الهجرة بالتعاون مع بلدان العبور والإقامة"، موردة أن شخصا واحدا من أصل ثلاثة في العالم يعتبر مهاجرا.
وربطت رئيس الاتحاد البرلماني الدولي توسع رقعة الهجرة العالمية بالبحث عن ظروف العيش الكريم، داعية إلى تحسين حياة المواطنين في البلدان المصدرة للهجرة؛ "لأنه إذا وجد أي مهاجر حياة أفضل في بلده، فأكيد أنه لن يبحث عن الهجرة واللجوء".