موسكو - المغرب اليوم
أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن وحدات عسكرية تابعة لها دخلت أمس، مدينة الرقة للمرة الأولى منذ بدء الوجود العسكري الروسي المباشر في سورية في خريف العام 2015، ومع التركيز على «المهام الإنسانية» التي بدأ الجنود الروس تنفيذها في المعقل السابق لـ«تنظيم داعش» عبر توزيع المساعدات الإنسانية ونشر الفرق الطبية، فإن الاهتمام الأكبر انصب على نقل مشاهد الدمار في المدينة مع الإشارة إلى مسؤولية القوات الأميركية عن «تعمد القيام بتقويض شامل لبناها التحتية». وحمل الإعلان الروسي حول دخول الرقة صبغة «احتفالية» على الرغم من أن القوات الروسية في سوريا لم تساهم في المعارك التي أسفرت عن تقويض قدرات «تنظيم داعش» في المدينة. وأفاد بيان عسكري روسي أصدره مركز المصالحة بين الأطراف المتنازعة أن العسكريين الروس انشغلوا فور نشر وحداتهم في المدينة بـ«توزيع نحو 2000 سلة من المواد الغذائية على السكان، كما باشر الأطباء العسكريون بتقديم المساعدات الطبية والصحية لجميع المحتاجين إليها في المدينة».
وقال فلاديمير فارنافسكي الضابط في المركز الروسي الذي يدير نشاطه من قاعدة «حميميم»، إن «البنية التحتية في الرقة دمرت بالكامل بسبب الغارات الأميركية والغارات العشوائية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة خلال عملية السيطرة عليها قبل نحو عامين». وأوضح الضابط الروسي «أصبح الآلاف من المدنيين ضحايا للهجمات الجوية والقصف المدفعي العشوائي الأميركي على مدينتهم. ولم تكمل المدينة بعد عمليات إزالة الأنقاض وتطهير المنطقة من الألغام والعبوات الناسفة، وهناك نقص حاد في المياه النظيفة والأدوية والغذاء». وكان «تنظيم داعش» سيطر على مدينة الرقة في ربيع العام 2013، ما أسفر في حينه عن فرار نحو 250 ألف شخص، وبعد مرور عام أعلن التنظيم الإرهابي عن تحويل المدينة إلى عاصمة لدولته، وتجمع فيها بعد ذلك آلاف من المتشددين من بلدان مختلفة مع أفراد عائلاتهم. وأعلنت واشنطن في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017 إنجاز عملية تحرير المدينة من قبضة «داعش» بعد معارك استمرت عدة أشهر شنتها «قوات سوريا الديمقراطية» التي يعد الأكراد عمادها، بدعم من طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
لكن موسكو ركزت بالدرجة الأولى على نشاط القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي وخصوصا لجهة إبراز أن واشنطن استخدمت القوى المفرطة من خلال القصف العشوائي المدمر، الذي أسفر عن «تدمير المدينة». وجاء هذا التركيز في حالات كثيرة خلال تصريحات لمسؤولين روس، في إطار إجراء مقارنات ردا على اتهامات دولية لروسيا بارتكاب انتهاكات وشن غارات على مواقع مدنية في مناطق سورية مختلفة. ونشرت وزارة الدفاع الروسية أكثر من مرة خلال العامين الماضيين صورا ومقاطع فيديو التقطت من الجو «تظهر حجم الدمار الكارثي الذي ألحقته غارات التحالف الدولي بقيادة واشنطن بأحياء سكنية في مدينة الرقة أثناء عمليته ضد (تنظيم داعش) هناك». وأكدت بيانات الوزارة أن «معظم المباني السكنية والمستشفيات والمدارس والمرافق الحيوية الأخرى دمرت في الرقة، والوضع الإنساني بائس وخطير ويصعب الوصول الإغاثي إلى غالبية المناطق». ولفتت الصور التي نشرها مرارا الموقع الإلكتروني لقناة «زفيزدا» التابعة لوزارة الدفاع الروسية إلى «الفارق المأساوي بين مشاهد لأحياء سكنية بالمدينة ملتقطة في العام 2014، أي قبل بدء غارات التحالف الدولي، ومظاهر الرقة بعد (تحريرها) التي تظهر فيها أنقاض في مناطق سكنية مستهدفة».
وردت مصادر عسكرية على اتهامات غربية لموسكو باستهداف مخيمات اللاجئين السوريين أخيرا، في مناطق محيطة بإدلب، ونقلت صحيفة «إزفيستيا» اتهامات مقابلة للمسلحين في إدلب بـ«استخدام الصحافيين الأجانب عبر ترويج مزاعم ملفقة بهدف الحماية من الضربات الجوية الروسية». وكانت أوساط غربية اتهمت القوات الروسية بالقيام بغارات على مخيمات ومستشفيات، واستندت في اتهاماتها إلى تسجيلات تم التقاطها لمحادثات الطيارين الروس مع مركز القيادة في قاعدة «حميميم». وقالت المصادر العسكرية الروسية لـ«إزفيستيا» أن محتوى التسجيلات والمحادثات بين الطيارين «لا تتوافق مع المعايير والإجراءات المتعارف عليها في الطلعات الجوية الروسية في سوريا، إذ تحدث الاتصالات اللاسلكية، حين يبلغ الطيار فقط عن بدء طلعته الجوية، ثم عن انتهائه من الغارة، كما أن الطيران الروسي لا يعمل مطلقا مع ضباط مرور جويين سوريين». وزادت المصادر أن محتوى المحاضر «المسربة» للمحادثات بين الطيارين الروس وقاعدة «حميميم» «لا يتوافق مع المصطلحات المهنية المتعارف عليها في الطيران الروسي».
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» بثت على موقعها الإلكتروني شريط فيديو يظهر إصابة أحد مباني المشافي بقنابل مضادة للدبابات، لكن المصادر الروسية قالت إن «الهدف لا يختلف عن المخابئ التي يستخدمها المقاتلون، وهو مهجور، فضلا عن أنه تم رصد كاميرا فيديو عالية الجودة مثبتة على حامل ثلاثي القوائم في مواجهته تماما. وهي ذات المعدات التي كانت المخابرات المركزية الأميركية قد وفرتها للمتشددين الإسلاميين». وصرح للصحيفة الخبير العسكري الروسي، فلاديسلاف شوريغين، بأن الحديث عن «فظائع الطيران الروسي» ليس جديدا، وأنه استخدم منذ بدء النشاط العسكري الروسي في سوريا، وزاد أنه «كان يهدف، في الأيام الأولى للعملية العسكرية في سوريا، إلى طرح قضية فرض منطقة حظر للطيران الروسي والسوري فوق أراضي المعارضة، وهو ما لا يعيق تقدم الجيش السوري فحسب، وإنما يخلق خطر المواجهة العسكرية بين الناتو وروسيا. وقد أمكن تجنب ذلك في وقته».
قد يهمك ايضا :
وحدات من الجيش السوري قادمة من الرقة تلتقي بوحدات متقدمة من الحسكة لمواجهة العدوان التركي