واشنطن ـ رولا عيسى
بالتزامن مع حفلات رأس السنة واحتفالات أعياد الميلاد، يفرط البعض في تناول الكحوليات، ولكن دراسات بحثية جديدة حذرت من تناولها؛ إذ لا يقتصر تأثيرها على ارتفاع نسبة الحوادث وحالات الانتحار وإنما ترتبط بنوبات الغضب والبكاء والتشابك و9 آثار طبية أخرى مدمّرة للصحة.
وذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن أكثر من ربع البالغين يشربون أكثر من الكمية الموصى بها من الكحول، وهي 14 وحدة في الأسبوع للنساء و21 للرجال، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن مركز المعلومات الصحية والرعاية الاجتماعية "HSCIC"، والوحدة الواحدة تعادل 25 ملل من الويسكي، وثلث نصف لتر من البيرة، أو نصف كوب 175 مللي غرام من النبيذ.
وحذر الخبراء نساء الطبقة المهنية المتوسطة، اللاتي تتراوح أعمارهن بين 45-64 عامًا، من الإفراط في هذه المواد، مؤكدين أنهن يخاطرن بآثار خطيرة على صحتهن.
وتلخصت الآثار السلبية في العقم والإجهاض فالكحول يمكن أن يؤثر على الأداء الجنسي للرجل؛ لأنه يسبب مشاكل مؤقتة في الانتصاب، وعلى المدى الطويل يقلل من مستويات هرمون التستوستيرون، مما يؤدي إلى فقدان الرغبة الجنسية وتسمم الخصيتين، والتي تضر الحيوانات المنوية إما في كمية إنتاجها أو توقف وصولهم إلى البويضة، كما أن نتائج استهلاك الكحول المفرط يقلص الخصيتين، مما يؤدي إلى العجز الجنسي، ونمو الثديين وترقق شعر الجسم.
أما بالنسبة إلى النساء فالكحول يجعلهن أقل خصوبة، على الرغم من أنه لا يفهم تمامًا لماذا يسبب ذلك، ووفقًا لجمعية الخصوبة البريطانية فهو يسبب عدم التوازن في الهرمونات التي تتحكم في التكاثر، ويمكن حتى لكميات صغيرة منه أن تؤثر على انتظام الدورة الشهرية لدى المرأة أو توقف الإباضة تمامًا وبالتالي الانقطاع المبكر للطمث وتقليل فرص الحمل، وفي بعض الحالات التعرض للإجهاض.
وأظهرت إحدى الدراسات الدنماركية أن تناول بين 1-5 من المشروبات الكحولية في الأسبوع يمكن أن يقلل من فرص المرأة في الحمل، و10 مشروبات أو أكثر تقلل من احتمال الحمل إلى أبعد من ذلك.
وهناك أدلة قوية على أن تناول الكحول يزيد من خطر الإصابة بـ5 أنواع من السرطان "الفم والحلق والكبد والأمعاء وسرطان الثدي"، وفقًا للبروفيسور ليندا بولد، من مركز المملكة المتحدة لدراسات التبغ والكحول والوقاية من السرطان في معهد أبحاث السرطان في المملكة المتحدة.
وعند تم كسر المادة الأساسية المكونة للكحول مثل النبيذ والبيرة والمشروبات الروحية، والإيثانول، تنتج في الكبد مادة سامة تسمى الأسيتالديهيد، وهي التي تسبب الأضرار التي تلحق بالحمض النووي للخلايا، وهو الذي يشكل الخلايا السرطانية.
ويتفاعل الكحول أيضًا مع غيره من المواد الكيميائية التي تسبب مرض السرطان، مثل دخان التبغ، والذي يعمل كمذيب، مما يسمح باستيعاب الكحول بسرعة أكبر، وإلحاق الضرر بالخلايا، ويزيد من احتمال المرض بطريقة أخرى، عن طريق تغيير مستويات الهرمونات الجنسية، بما في ذلك هرمون الاستروجين في الجسم.
وأكد أحد الأطباء وجود صلات واضحة جدًا بين تناول الخمر وسرطان الثدي، كما أنه يغير مستويات الفيتامينات والمعادن في الجسم، وخفض مستويات حمض الفوليك، الأمر الذي يؤدي إلى سرطان الأمعاء، ويؤدي نقص المعادن إلى تغيرات في الخلايا وتغيير بطانة الأمعاء، وأكد العلماء أن زجاجة من النبيذ في الأسبوع تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 10%.
وأوضح البروفيسور شيرون أن الكحول مثل الدهون ويحتوي على نفس كمية السعرات الحرارية التي تعادل وزن الزبدة، لذا فالجميع الذين يشربون بانتظام ينتهون بـالكبد الدهني، الذي يتوقف عن أداء الجهاز بشكل صحيح، وثلث الناس لديهم الخلفية الوراثية التي تؤدي إلى تليف الكبد، أما الآلية الدقيقة لتجنب تليف الكبد فغير معروفة حتى الآن.
وأضاف شيرون أن الذين يشربون الكحول بشراهة معرضون لـاتهابات الصدر والالتهاب الرئوي والتغذية السيئة أكثر من غيرهم؛ لأنه يضعف جهاز المناعة، مما يجعل الإصابة بالمرض أكثر احتمالًا.
كما يسبب الكحول المشاكل الجلدية وظهور أعراض التقدم في السن مبكرًا، وذلك بسبب أنه مُدر للبول فيسبب جفاف الجلد.
إلى جانب تأثيره على المخ فبعد كمية قليلة من المشروبات الكحولية، يصاب الشخص بالخجل والحزن، وفي أحيان أخرى يصبح أكثر سعادة، يتحدث بصوت أعلى، ويصبح لديه ثقة بنفسه، ولكن القليل منا يدرك أن الدخول في هذه الحالة بانتظام تؤثر على إعادة ترتيب الأسلاك في الدماغ.
وقد تم ربط الشرب العادي بالاكتئاب، والقلق، ومجموعة كبيرة من مشاكل الصحة العقلية الأخرى، فما يقرب من ثلث حالات الانتحار مرتبطة بالكحول.
وأظهر بحث أجرته "إن.إتش.إس" في أسكتلندا أن أكثر من نصف الناس انتهى بهم المطاف في المستشفى لأنهم أصابوا أنفسهم عمدًا بعد تناول الكحول مباشرة أو أثناء القيام بذلك، فنحو 27% من الرجال و19% من النساء أكدوا أن الكحول يتسبب لهم في إيذاء أنفسهم.
كما يسبب ارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب؛ إذ قال الدكتور كلاوس ويت، طبيب القلب في مستشفى ليدز العام، إن الكحول مادة سامة تتسرب مباشرة إلى خلايا عضلة القلب، فإذا كان الشخص يشرب بإفراط تموت خلايا القلب، مما يسبب له أمراض القلب المختلفة، نظرًا لأن عضلة القلب تصبح ضعيفة ورقيقة وغير قادرة على ضخ الدم في جميع أنحاء الجسم، مما يحرم الأنسجة من الأكسجين، وهذا يؤدي إلى ضيق التنفس، والتعب، وعدم انتظام ضربات القلب وتورم الساقين والقدمين، وفي الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي إلى قصور وظائف القلب.
أمراض الكُلى إحدى نتائج الإفراط في تناول الكحول؛ إذ وجد الباحثون أن الاعتياد على الخمر يضاعف خطر الإصابة بأمراض الكلى، وفقًا للمؤسسة الوطنية للكلى.
وكذلك ضعف العظام؛ فزيادة الشرب بانتظام يزيد من احتمال هشاشة العظام، وهذا يعني أن هؤلاء الناس هم الأكثر عرضة لكسر عظامهم وعدم التئامها مجددًا، فهناك تأثير مباشر من الكحول على إعادة تشكيل العظام في الجسم، لأن الدورة العادية للعظام التي تنكسر هي أن يتم بناؤها مرة أخرى، ولكن الكحول يزعج هذا التوازن من خلال تثبيط خلايا بناء العظام، وهو ما يسمى بالخلايا بانية العظم.
وهذا يعني أنهم يحصلون على أنسجة أقل من العظام، والتي تفتقر إلى الغلاف الخارجي، وهذا يحدث على أي حال بسبب كِبر السن، ولكن الكحول يسبب ذلك أيضًا وبشكل مبكر.