القاهرة - شيماء مكاوي
يشهد الموسم الدرامي الرمضاني لهذا العام أزمة كبيرة تبدو واضحة في إنتاج العديد من الأعمال الدرامية؛ فقد قلت عدد الأعمال الدرامية المقرر عرضها في شهر رمضان هذا العام مقارنة بعدد الأعمال الدرامية التي عرضت الأعوام الماضية .
وأكدت الناقدة خيرية البشلاوي أن الأزمة لا تكمن في عدد الأعمال الدرامية ولكن في محتواها؛ فالدراما سلاح ذو حدين من الممكن أن يدفعنا للأمام أو يرجعنا إلى الخلف؛ فالدراما تسهم في تشكيل الرأي العام خصوصا على متوسطي التعليم والأميين، وأي شخص يستخدم هذا السلاح لا بد أن تكون لديه مسؤولية اجتماعية وضمير وطني ويعرف نبض الشارع وينقله في شكل درامي، فعلى سبيل المثال مسلسلات العام الماضي كنا نبحث فيها عن صورة إيجابيه للمرأة ولم نجد إلا عملا واحدا وهو مسلسل " تحت السيطرة"، فيجب على القائمين على الدراما أن يقدموا الصورة الإيجابية للمرأة مثل مشاركتها في الانتخابات وغيرها، وللأسف الدور الحقيقي للمرأة غير موجود، والعام الماضي قدمت صورة المرأة بشكل سيئ وضد الصورة الإيجابية المحترمة للمرأة والرجل.
وأضافت البشلاوي أن مشكلتنا الرئيسية تكمن في ضخ الأموال وإنتاج أعمال لا قيمة لها، وأعتقد أن هذا الأمر سيحدث في شهر رمضان المقبل نظرا لقلة الأعمال المعروضة والتركيز فقط على الأعمال الجيدة.
ولكن المؤلف حسام موسى له وجهة نظر مختلفة فقد أكد أن الدراما المصرية في ورطه وأوضح أسبابها وقال: هناك العديد من الأسباب التي تبدو واضحة رؤي العين والتي تسببت في تلك الأزمة للدراما المصرية لهذا العام أولا ارتباط الدراما بالإعلانات؛ فالقنوات أصبحت تركز على الدراما أو النجم الذي سيجلب العديد من الإعلانات معه، ثانيا المغالاة في أجور الفنانين التي أصبحت خيالية مقارنة بالحالة الإنتاجية السيئة في مصر، ثالثا عجز قطاعات الإنتاج الدرامي في الدولة عن الإنتاج مقارنة بالماضي، ففي الماضي كان قطاع الإنتاج في الدولة له دور محوري في إنتاج أعمال درامية رمضانية ، ومن أسباب حدوث الأزمة أيضا تراكم الديون على القنوات المصرية الخاصة عبر السنوات الأخيرة لأن معظم القنوات اشترت المسلسلات بالتقسيط وعجزت عن دفع دفعات الأموال؛ مما تراكم عليهم العديد من الأموال وأثر بالتالي على المنتجين، لذا لا بد من حلول غير تقليدية لمواجهة هذه الأزمة، وأعتقد أن البداية هي عودة الدور الحقيقي للمؤلف والمخرج مع عودة قطاعات إنتاج الدولة لإنتاج أعمال مميزة تعتمد على البطولات الجماعية، ومحاولة تقليل نسبة الإعلانات فتكون الساعة ٥٠ دقيقه محتوى و١٠ دقيقة إعلان على الأكثر، وبذلك تعود الدراما لسابق عهدها ويصبح هناك سوق كبير للإنتاج الدرامي .
ويقول المنتج أحمد الجابرى: إن الدراما المصرية في كارثة لعدة أسباب من أهمها خداع أصحاب الفضائيات للمنتجين فبعض القنوات كانت تدفع على أقساط حتى امتنعت عن السداد تماما بسبب الأزمات المالية التي تمر بها هذه القنوات، كما أن هذا العام كان عدد الأعمال الدرامية نحو 20 عملا وبعد ذلك ستقل هذه الأعمال بالتدريج حتى يصل الأمر إلى أن الفضائيات لن تجد أي أعمال يعرضونها .
وأشار الجابري إلى أن قناة "إم بي سي " الوحيدة التي تسهم في تشغيل السوق ولو خرجت "إم بي سي" من المنافسة ستقع الدراما فهي القناة الوحيدة التي تلتزم بتعاقداتها المالية وتحترم اتفاقاتها على عكس القنوات الأخرى، كما أن التلفزيون المصري وقطاع الإنتاج خرجوا من السوق الدرامي سواء بالعرض أو الإنتاج؛ وبالتالي هذا أثر بشكل كبير على السوق الدرامي، والأزمة ليست في الدراما وحدها، الأزمة أزمة بلد بأكملها .
وأكد أن الإعلانات أسهمت بشكل كبير في تدهور الصناعة المصرية وأصبح المعلن أو الوكالة الإعلانية أو النجم المسيطرين على العمل الدرامي دون البحث عن جودة الموضوع، ويرى الجابري أن الحل هو عودة التلفزيون المصري للمنافسة مرة أخرى وهذا سينعش السوق الدرامي وسيتم ضبط الإيقاع لأنه رمانة الميزان، والكارثة الأكبر هي اتجاه الفضائيات لشراء أعمال درامية غير مصرية وهذا شيء محزن.
وأكد المنتج عادل المغربى أن المحطات الفضائية تمر بأزمة مالية وهذا أثر على شركات الإنتاج التي توقفت عن الدخول في السباق الدرامي، فقناة "إم بي سي" هي السبب، فهي كيان يلعب لصالحه وهم المستفيدون الوحيدون من ذلك، بالإضافة لقيامها برفع أسعار الفنانين وأسعار ميزانية العمل الدرامي بأرقام ليست بسيطة× وهذا يمثل عبئا على المنتج، ولو المنتج لم ينجح في تسويق عمله لقناة " إم بي سي" فلن يستطيع أن يجمع أمواله من الفضائيات الأخرى، أو يتجه للبيع بالتقسيط المريح، لافتا إلى أن الأرقام التي تنافس بها " إم بي سي" في السوق الدرامي جديدة وغريبة على طبيعة السوق وأثرت بشكل كبير على المنتجين، مشيرا إلى أن أزمة شركات الإنتاج بدأت بعد الثورة التي جعلت الفضائيات تشتري الأعمال الدرامية بالتقسيط المريح حتى أصبحت تمتنع عن الدفع؛ وهذا جعل تراكم من المديونيات لدى الفضائيات وبالتالي جعلت بعض الشركات الإنتاجية تخرج من السوق الدرامي، وكان هناك منتجون ينتجون أعمالا درامية ذات تكلفة منخفضة حتى أصبح ليس لديهم قدرة على الإنتاج، وحتى نخرج من هذا النفق المظلم لا بد من تدخل الدولة وعودة الإنتاج المصري بالإضافة لمشاركة التلفزيون في الإنتاج وعرضه لأعمال درامية، وتخفيض الأجور.
اتفق معه المنتج ريمون مقار في أن قلة عدد المسلسلات الدرامية هذا العام يعود سببها للفضائيات وسياستها الجديدة التي أصبحت مقلة من شراء الأعمال الدرامية من أجل الالتزام بالدفع للمنتج، وهناك قنوات فضائية أعلنت عدم شرائها لأي مسلسلات هذا العام بسبب وجود مديونيات عليها لصالح شركات الإنتاج منذ أعوام وهي القنوات الوسطى، بالإضافة إلى مسألة البيع بالتقسيط التي كان يقوم بها بعض شركات الإنتاج الصغيرة والتي ابتعدت عن الصناعة بسبب عدم وجود سيولة مالية لديها تجعلها قادرة على الإنتاج وهذا كان بعد الثورة.
وأشار ريمون مقار إلى أن وجود عدد محدود من المسلسلات له فائدة وعيب،الفائدة هي أن القنوات الفضائية استطاعت أن تشتري مسلسلات وتسدد المبالغ للشركات المنتجة مما يحدث توازنا، والمنتج سيجود في عمله، أما العيب فهو أن السوق الدرامي سيصغر، ولكي نخرج من هذا المأزق ونحافظ على الصناعة لابد أن تكون الفضائيات قادرة على السداد حتى يزيد الإنتاج، وأيضا لا بد أن يعود التلفزيون للمنافسة مرة أخرى لأنه لا يوجد بلد في العالم ليس لديها تلفزيون رسمي قادر على حمايتها
وترى الناقدة ماجده موريس أن هناك ازمة مالية حقيقية جعلت الفضائيات تبتعد عن المشاركة في الإنتاج وأكتفت بشراء أعمال درامية غير مصرية مثل الدراما الهندية والتركية بأسعار مناسبه من وجهة نظرها،وفي رمضان تشتري حقوق العرض الحصري لبعض الأعمال بمبالغ كبيرة في ظل وجود ازمه وبالتالي فالفضائيات لن تشتري أي مسلسل أو حتى تدخل كشريك في الإنتاج،مشيرة إلي إن التليفزيون المصرى أصبح في مأزق ولديه مشاكل كثيره تخص العاملين به وهذا بالتالي يأخذ من جهد القائمين عليه،وأكدت على أن عودة القطاع الحكومي للإنتاج سيحل المشكله ولكن هذا للأسف لن يحدث خلال هذه الفترة لأن الأوضاع ليست مستقره والصورة غير واضحه،كما إن تنفيذ قوانين الإعلام سيحل جزء من المشكله وقتها سيعاد النظر في دوره وهل سيعود التليفزيون للإنتاج أم انه سيتم جمع الشركات في كيان واحد .
وأشارت إلي أن معظم شركات الإنتاج أعلنت خسارتها وأنسحبت من السوق الدرامي،ومنهم من أتجه لإنتاج أعمال درامية عابرة للعرض خارج رمضان لأنه يتم تسويقها وقد تكون مربحه بالنسبه للمنتج،والبعض الآخر يقبل على الإنتاج ويصطدم بأرتفاع أجور النجوم بشكل مبالغ فيه فيتوقف ولكنني أؤكد إنه إذا أستقرت الأوضاع فلن يتوقف السوق الدرامي عن الإنتاج .