القاهره ـ المغرب اليوم
في إطار تشويقي؛ تدور أحداث مسلسل "لما كنا صغيرين"، حيث دراما الغموض والإثارة، إذ تبدأ "عقدة" المسلسل مبكرًا، في نهاية الحلقة الثانية، مع مقتل إحدى بطلات العمل "نهى" التي تجسدها (نسرين أمين)، بسكين في رقبتها، لتدور الأحداث طارحة السؤال المعتاد: "من يكون القاتل؟".ليست فكرة حادثة قتل تنسج حولها الأحداث ثيمة مستجدة على الدراما، لكن التناول الدرامي، وتكنيك العمل، هو الذي وصفه النقاد بأنه مختلف يجمع العمل اثنين من الفنانين المصريين الكبار "محمود حميدة" و"خالد النبوي"، مما جعل المسلسل مباراة في فنون الأداء التمثيلي بين كلا الفنانين، الذي يمثل كل منهما مدرسة خاصة، في التمثيل بعد مشاركاتهما المتعددة والطويلة في الأعمال التلفزيونية والسينمائية، ويلتقيان مجددًا بعد أن التقيا أمام عدسات المخرج يوسف شاهين من خلال فيلم "المصير" قبل نحو 23 عامًا.يزيد من سخونة هذه المباراة أن البطلين "حميدة" و"النبوي" - أو "سليم" و"ياسين" - يظهران في العمل غريمين، مما جعل هذا التنافس دافعًا لأن يظهرا أفضل ما عندهما، وهو ما دفع نقاد مصريين إلى الإشادة بأدائهما المخضرم.يظهر "حميدة" (سليم) كـ"مايسترو" يعزف لحنًا راقيًا، أمام أعضاء فرقته الخمس، أو "شلة الأصدقاء"، الذين يرؤسهم في وكالته الإعلانية، ريهام حجاج (دنيا) وكريم قاسم (وائل) ونسرين أمين (نهى) ونبيل عيسى (حسن) ومحمود حجازي (يحيى)، حيث يظهر "تناغم" الأداء بينه وبينهم، وساهم في خلق مساحة من التلقائية المشتركة، بما حقق متعة المشاهدة.
أما خالد النبوي، فقد واصل إطلالته القوية على الشاشة، بعد نجاحه في بطولة مسلسل "ممالك النار"، وجسد في "لما كنا صغيرين" دور (ياسين) - المحامي الذي يحاول البحث عن دليل براءة شقيقه من تهمة القتل التي تزيد دومًا من سخونة الأحداث وتطورها.مجموعة الأصدقاء هم محور الأحداث، وتبدو "دنيا" (ريهام حجاج) هي الصديقة التي تحزن لأجلهم، وتعاني بسببهم، وهي أكثر المتأثرات لمقتل "نهى"، وتشارك المحامي (ياسين) في رحلة البحث عن الجاني.ورغم أزمة ما قبل العرض، بسبب "بوستر" المسلسل، وتصدرها له فيما يأتي "حميدة" و"النبوي" من خلفها، التي نالت بسببه انتقادات عدة، إلا أن أداء ريهام حجاج خالف التوقعات واتسم في العمل بالنضج، ليكون بمثابة دور مهم في رحلتها الفنية، وقد يكون نقلة لما هو قادم، بحسب متابعين ونقاد.
لا يختلف أداء باقي الأصدقاء، فـ"نهى" (نسرين أمين)، رغم مقتلها في الحلقة الثانية وظهورها "فلاش باك" فإنها تجيد في دورها الذي يشهد تحولات عديدة. كما تمتد روح الأصدقاء إلى أداء كريم قاسم (وائل) ونبيل عيسى (حسن) ومحمود حجازي (يحيى)، فلكل منهم شخصيته المختلفة عن الآخر التي تظهر منذ الحلقة الأولى.إذا كان المسلسل يقدم النجوم الكبار والشباب، فإنه يقدم أيضًا أجيالًا جديدة بأداء لا يقل جودة، حيث يبرز منهم هلا السعيد (مي) وسالي حماد (نادين) وحسن عبد الله (عصام).على صعيد الإخراج، يواصل المخرج محمد علي الإلمام بأدواته، التي نفذ من خلالها للجمهور بأعمال سابقة يأتي على رأسها "أهل كايرو" و"الحساب يجمع" و"لدينا أقوال أخرى" و"الهروب" و"فرعون".كذلك، يأتي صوت المطربة سميرة سعيد ليضفي خصوصية على "تتر" المسلسل، تتواكب مع متعة المشاهدة.
ورغم سقوط "سليم"، وانتصار الخير على الشر قبل 4 حلقات من نهاية المسلسل، فإن الناقدة الفنية ماجدة موريس، ترى أن مسلسل "لما كنا صغيرين"، يتمتع بقدر كبير من التشويق، كما يمتاز بجاذبية العرض من ناحيتين، الأولى حياة الأصدقاء، الذين تجمعهم علاقة خالصة من المحبة منذ سنوات طويلة، إلى أن يفاجأ المشاهد بأن "نهى" في شهور حملها الأولى من "حسن"، ومن هنا تبدأ القضية، حتى جريمة القتل، ليأخذنا المسلسل بعد ذلك لينسف هذه العلاقة الجميلة بينهم خطوة خطوة، وتأخذنا الأحداث ليكشف كل واحد فيهم نفسيًا وإنسانيًا، وتتابع الحلقات لنشاهد مرحلة تعرية لكل الأبطال.والناحية الثانية من جاذبية العرض هو علاقة هؤلاء الأصدقاء بـ"سليم"، نرى فيه بداية جزء أبوي واحتضانهم وقت الدراسة، ثم في العمل، إلى أن يظهر الوجه الآخر لـ"سليم" بتجارته ورأسماليته.
وبالتالي فالسيناريو يفكك الصورة التي قدمها في البداية على الناحيتين، وهو أمر فيه براعة في الكتابة، حيث يحذرنا من أخذ الصورة المُشاهدة على أنها أمر مُسلم، بل إن تفاصيلها مثيرة ومقززة. كما أن السيناريو حلل شخصيات الأبطال، وكيف أنها تدور في دوائر متشابكة، وهو ما امتد أيضًا إلى الأدوار الصغيرة.وتؤكد ماجدة موريس أن "وجود اثنين من الفنانين الكبار - محمود حميدة وخالد النبوي - حقق جاذبية حقيقية للعمل، فنرى ممثلين محترفين لا نشعر معهما ولو للحظة أنهما يؤديان فقط مشاهد مكتوبة، بل نشعر بالصدق نتيجة الاحترافية والأداء المدهش الأشبه بتقاذف كرة البنغ بونغ، من خلال الصراع بينهما في الأحداث".وحول الإخراج، تقول: "خلف الكاميرات يوجد مخرج كبير، نقف دومًا أمام أعماله رغم قلتها، يفهم جيدًا ويفهم ماذا يقدم، ونرى كيف تمكن من حبك تكنيك (الفلاش باك) دون إرباك للمشاهد، بل إنه استخدم جيدًا لتفسير المواقف الغامضة".
قد يهمك ايضا:
عمل جديد بالتعاون مع أبو ظبي للثقافة والفنون
طارق الشناوي يؤكّد أنّ "الفتوة" من أهم الأعمال الدرامية في رمضان الجاري