باريس ـ المغرب اليوم
وجّه رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، دعوة إلى رجال الأعمال المغاربة لتكثيف استثماراتهم في فرنسا، مؤكّدًا أنّ المغاربة استثمروا في 6 مشاريع جديدة في فرنسا خلال السنة الحالية، وساهمت بتوظيف 220 شخصًا، لافتًا بالقول "أنّها البداية فقط، ونحن نشجعكم على القدوم والاستفادة من سياستنا الجديدة لتشجيع الاستثمار".
وأعلن فيليب في افتتاح المنتدى المغربي - الفرنسي الثالث للأعمال الذي نظم على هامش الاجتماع رفيع المستوى بين البلدين برعاية مشتركة لرئيس الحكومة الفرنسية ونظيره المغربي سعد الدين العثماني، يوم أمس الخميس، في الرباط: "نحن نحتاج إلى الاستثمارات وإلى التنمية، وندعو الشركات المغربية للقدوم إلى فرنسا والاستثمار بهدف تنمية أعمالها في أوروبا"، موضحًا بأنّ مجتمعي الأعمال المغربي والفرنسي يساهمان بشكل كبير في العلاقات الاستثنائية التي تربط البلدين، مشيرًا إلى أنّ المغرب يأوي 900 شركة فرنسية تشغل نحو 100 ألف عامل، مشدّدًا بالقول لرجال الأعمال المشاركين في المنتدى: "إن مصير كل واحد منكم يشكل جسرًا بين بلدينا، ومن خلال ذلك بين ضفتي المتوسط".
وصرّح فيليب إلى أنّ مليوني سائح فرنسي يزورون المغرب سنويًا، و80 ألف فرنسي يعيشون في المغرب، ويوجد 37 ألف طالب مغربي في فرنسا بالإضافة إلى 1.3 مليون مهاجر مغربي يعيشون فيها، معلّقًا بقوله "هؤلاء يوجدون في قلب علاقاتنا وينسجون أواصر الصداقة التي تربطنا"، مشيرًا إلى أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خصّ المغرب بأول زيارة له خارج أوروبا بعد انتخابه رئيسًا لبلده، كما عيّن الكاتبة المغربية ليلى السليماني ممثلًا خاصًا للفرنكوفونية، وأسند لها مهمة الدفاع عن مستقبل اللغة الفرنسية عبر العالم، الشيء الذي يعبر عن مدى متانة أواصر الصداقة التي تربط فرنسا بالمغرب.
وأعرب رئيس الوزراء الفرنسي عن قلقه من تراجع حصة فرنسا في السوق المغربية خلال السنوات الأخيرة، داعيًا الشركات الفرنسية الكبرى التي لها أنشطة في المغرب إلى جلب الشركات الفرنسية الصغرى التي تعمل معها إلى القدوم إلى المغرب وفتح آفاق جديدة لمعاملات الشركات الصغرى والمتوسطة الفرنسية في السوق المغربية، كما دعا إلى بحث فرص الأعمال المشتركة بين المغاربة والفرنسيين في اتجاه الأسواق الأفريقية، وإلى اعتماد مقاربة شمولية تجاه أفريقيا، مشيرًا إلى أهمية منطقة المغرب العربي ودورها في القارة الأفريقية، مشددًا على ضرورة العمل من أجل عودة الاستقرار إلى ليبيا، معلنًا عن مضاعفة الاعتماد المالي الذي تخصصه الوكالة الفرنسية للمغرب، ورفعه إلى 400 مليون يورو، كما أعلن عن توقيع مذكرة تفاهم على هامش الاجتماع رفيع المستوى، تهدف إلى تمويل المشاريع التكنولوجية والمبتكرة المشتركة بين الشركات المغربية والفرنسية، سواء في المغرب أو أفريقيا، مضيفًا بأنّ التعاون بين البلدين يجب أن يعطي الأولوية للشباب والابتكار والتكنولوجية والمشاريع الجديدة المفتوحة على المستقبل.
وتناول رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، الحديث عن السياسات التي يتبعها المغرب من أجل رفع تحديات النمو والتشغيل وتشجيع الاستثمارات، بارتباط مع قضايا الشباب، مؤكّدًا أنّ الحكومة المغربية تسعى "إلى توطيد أسس نمو اقتصادي قوي، مندمج، ومستدام، تكون المقاولة فيه هي المحرك الأساسي للتنمية، وبالتالي فإن الحكومة تضع في صلب أولوياتها تسهيل حياة المقاولة من خلال مواصلة تبسيط الإجراءات الإدارية، وتوفير مناخ تنافسي وجذاب للاستثمار والابتكار، كيّ يتسنى لها التركيز على مهمتها الأساسية وهي إيجاد الثروة وفرص الشغل المنتج"، مشيرًا إلى التقدّم الذي حققه المغرب في هذا المجال، والذّي مكنه من المرور من المرتبة 129 إلى المرتبة 69 على مؤشر البنك العالمي لممارسة أنشطة الأعمال في ظرف 8 أعوام، مضيفًا بالقول "لا أخفي عليكم أن قضية التشغيل من بين القضايا التي تؤرق بالي بشكل مستمر، وأدرك تمامًا أنّها إشكالية معقدة وشائكة حتّى في البلدان أكثر نموا وأكثرها استعدادا لمواجهتها"، لافتًا إلى أنّ إشكالية التشغيل تمنح المغرب طابعًا استعجاليًا وتستلزم تسريع إنجاز ورش الإصلاحات الهيكلية، خاصة "على مستوى ملاءمة منظومة التربية والتكوين مع حاجيات سوق الشغل، وإصلاح الإدارة العمومية، وتحفيز المقاولة المشغلة، وتوجيه الاستثمارات العمومية نحو خلق فرص الشغل من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل استراتيجية التشغيل وربطها بالإستراتيجيات القطاعية وتعزيز دور المؤسسات الحكومية في هذا المجال".
وشدّد العثماني على أهمية مساهمة القطاع الخاص في رفع تحديات النمو والتشغيل، داعيًأ رجال الأعمال والاقتصاد الفرنسيين إلى "الرقي بحجم الاستثمارات المشتركة بين شركات ومقاولات بلدينا، مع إيلاء عناية مميزة لنسيج المقاولات الصغيرة والمتوسطة لدورها في تعزيز أواصر التعاون المباشر بين المستثمرين من البلدين ولقدرتها على توفير فرص الشغل، خاصة في ظل العلاقات المغربية - الفرنسية الجيدة والمتميزة، في ظلّ الاستقرار النموذجي لبلدنا في المنطقة، والرؤية الواضحة التي توفرها الاستراتيجيات القطاعية التي تضمن أسس الاستدامة وتتيح فرصا استثمارية متنوعة ومحفزة، بالإضافة إلى القدرة على توفير الموارد البشرية المؤهلة في جميع المجالات والقطاعات".
وشارك في منتدى الأعمال المغربي الفرنسي 400 من رجال الأعمال وممثلي الشركات والمجموعات الاقتصادية من البلدين، وأكّدت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب مريم بنصالح شقرون بأنّ "الهدف الأساسي لهذه الدورة من المنتدى هو بحث فرص جديدة للتعاون في المجالات الصناعية والتكنولوجية"، مشدّدة على أنّ "التعاون المغربي - الفرنسي حقق نجاحات كبيرة في الكثير من القطاعات الصناعية خاصة صناعات السيارات والطائرات والطاقة، وأنه آن الأوان لبحث تعزيز هذا التعاون في قطاعات جديدة، خاصّة في مجال الثورة الرقمية والمدن الذكية، إضافة إلى بحث فرص التعاون من أجل تنمية أفريقيا".