الرباط - كمال العلمي
قالت حركة “معا” إن الارتفاع المسجل في سعر الطماطم خلال شهر رمضان الماضي يرجع إلى مشاكل بنيوية ترتبط بكل مراحل الإنتاج والتسويق، التي تسود فيها مظاهر الريع وغياب منظومة حكامة ناجعة.وذكرت الحركة، ضمن دراسة لها بعنوان “ارتفاع أسعار الطماطم.. أزمة هيكلية بمبررات ظرفية”، إن هذه المشاكل يمكن إسقاطها على باقي المنتجات الفلاحية.
وكان سعر الطماطم قد سجل ارتفاعا كبيرا خلال شهر رمضان الماضي، حيث وصل إلى 13 درهما للكيلوغرام الواحد؛ وهو ما دفع الحكومة إلى وقف تصديرها لخفض سعرها في السوق المحلية.وأشارت تحليل حركة “معا”، التي تُعرف نفسها كحركة سياسية منبثقة من المجتمع المدني، إلى أن إنتاج الطماطم في المغرب يتم غالبا خارج الدورة الطبيعية، حيث يكون الزرع خلال شهري يوليوز وغشت على أساس جمع المحصول في الفترة الممتدة بين شهر نونبر وشهر أبريل، وهو نمط يحتاج رعاية خاصة وتحكما في درجات الحرارة.
وذكرت الدراسة أن إنتاج الطماطم يتم غالبا في البيوت الدفيئة البلاستيكية التقليدية؛ غير أنها لا تضمن التحكم في درجات الحرارة، التي شهدت تقلبا كبيرا باستمرارها مرتفعة خلال شهور الخريف والشتاء المعتادة في المناخ المتوسطي المغربي.ويستوجب التحكم في درجات الحرارة دفيئات حديثة زجاجية عالية الكلفة تصل إلى 8 ملايين درهم للهكتار، وأشارت الحركة إلى أنه من المستحيل استرجاع كلفة الاستثمار للولوج إلى التقنيات الحديثة المعتمدة على هذه الدفيئات في ظل بنية الأسعار الحالية المتراوحة بين 3 و4 دراهم للكيلوغرام كمعدل سنوي؛ وهو ما يكبح برامج الاستثمار ويعطل تحديث البنية التحتية الإنتاجية لقطاع الطماطم.
وقالت الحركة إنه “على الرغم من تنصيص مخطط المغرب الأخضر على منح مساعدات بسيطة في إعداد الدفيئات، فإن تعقيد المساطر الإدارية التي تتطلب سنة كاملة يثني الفلاحين المتوسط منهم والكبير عن هذا المسار، ويدفعهم إلى الاعتماد على إمكانياتهم الذاتية”.إشكال آخر تشير إليه الحركة يتعلق بالبذور والتسميد والأدوية وباقي المدخلات في العملية الإنتاجية، حيث تأثرت هذه الأخيرة بموجة التضخم وارتفعت أسعارها بشكل كبير؛ وهو ما يجعل من المستحيل الحفاظ على بنية تسعير السنة الماضية، ناهيك عن خضوع كل المدخلات للتضريب على القيمة المضافة وعدم إمكانية استرجاعها بحيث تصل إلى 50 ألف درهم لكل هكتار.
وبلغة الأرقام، تبلغ تكلفة زراعة هكتار واحد من الطماطم حوالي 550 ألف درهم، وبإضافة مصاريف التسميد والنقل قد تصل ما بين 600 ألف درهم إلى 620 ألف درهم، وبإنتاجية متوسطة تصل إلى 170 طنا في الهكتار، فإن تكلفة الإنتاج تتراوح ما بين 3.5 دراهم إلى 3.7 دراهم للكيلوغرام.ونبهت الدراسة أيضا إلى سوء الهيكلة الذي تعاني منه أسواق الجملة، فمن أصل 40 سوقا نجد أن 20 في المائة منها بدون بينة تحتية، و63 في المائة لا تتوفر على مخازن مبنية بالطوب، وتمثل معاملاتها 33 في المائة من إجمالي الإنتاج الوطني للخضر والفواكه، وفق تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وفي نظر خبراء حركة “معا”، ينبغي تحرير أسواق الجملة عوض جعلها خاضعة لنظام تدبير ريعي محض من خلال نظام المربعات الذي يفرض ضريبة تستفيد منها فئة من المستفيدين من رخص الاستغلال دونما مشاركة في عملية التسويق.وأشارت الدراسة إلى أن بنية تسويق الخضر والفواكه حاليا تخضع لهيمنة الوسطاء الذين يرفعون الثمن إلى أربعة أضعاف ثمن بيع الفلاح لمنتوجه، كما تتأثر بضعف مسارات التسويق خارج أسواق الجملة المتسمة بعدم الانتظام والعشوائية، ناهيك عن غياب نظام معلومات حول الأسعار وتحديد معايير الجودة.
وأكدت الحركة أن “تعدد الوسطاء في شبكة التسويق ناهيك عن ظروف النقل والتعليب والتخزين وبنية استقبال أسواق الجملة المهترئة تؤدي إلى هذه الأثمنة المرتفعة في السوق المحلية. وفي هذا الإطار، لابد من توضيح بخصوص تفسير ارتفاع أسعار الطماطم بتضخم أسعار المحروقات وارتفاع كلفة النقل”.وعلى مستوى التصدير، لاحظت الدراسة أن “المغرب ليست لديه رؤية واضحة بخصوص سياسته التصديرية. وكمثال على ذلك، تشير إلى أن “الاتفاقية الثنائية بين المملكة والاتحاد الأوروبي على وشك الانتهاء؛ وهو ما يستدعي إشراك المنتجين في جولات التفاوض”.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
حالة من القلق عقب ظهور إصابات بفيروس إنفلونزا الطماطم في الهند