عمان ـ المغرب اليوم
افتتح العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، السبت، "المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، تحت شعار "تمكين الأجيال نحو المستقبل"، وذلك في مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات في منطقة البحر الميت، وكان إجماع المتحدثين على ضرورة الإصغاء إلى ما يريده الشباب في المنطقة.
وشارك في افتتاح المنتدى رؤساء دول و1100 شخصية من قادة الأعمال والسياسيين، وممثلو مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية والشبابية من أكثر من 50 دولة، وقال ولي العهد الأردني، الأمير الحسين بن عبدالله، في جلسة الافتتاح: "تتمحور نقاشات المنتدى هذا العام حول مفهوم التحول وتمكين الأجيال نحو المستقبل في الوقت المناسب".
إذ رأى الأمير حسين، أن "صناع القرار في عصرنا يحتاجون إلى توظيف مهارات التحليل والإدارة والتخطيط بدقة، ليواكبوا حجم التغيير والتحول في عالمنا وسرعته"، موضحًا أن "الشباب في الشرق الأوسط يعيش في بحر واسع من المتغيرات المستمرة، لكن بحرنا يتجاذبه تياران متعاكسان ومتساويان في القوة ومختلفان في الاتجاه، فأحدهما يدفع في اتجاه غادِر ويستدرج شبابنا نحو واقع ظلامي يغرقنا في مزيد من العنف والتعصب والفكر المتطرف الذي يتخذ من المنخرطين فيه وقودًا له، والآخر يأخذنا إلى شواطئ مشرقة وواعدة تتسم بالاعتدال، حيث تعيش هويتنا العربية والإسلامية بسلام وتناغم إلى جانب التقدم والحداثة، وإلى واقع يمكّننا من المساهمة بإيجابية في العالم حولنا".
وأكد الأمير حسين: على "عدم السماح لأي تيار بأن يجرفنا، فالخيار بأيدينا وما يريده الشباب العربي هو ذاته ما يريده أقرانهم في كل مكان، أي الفرص العادلة ليكون صوتهم مسموعًا ولإحداث التغيير"، مشددًا على أن "الشباب في منطقتنا هم من أكثر الفئات استخدامًا لوسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، ونحن جيل ناشط في استخدام الهواتف الذكية والألعاب الرقمية والتواصل اللحظي، ونحن أيضًا الطلاب الذين ينهلون من المعرفة العالمية من خلال الإنترنت، والرياديون الذين يوظفون التكنولوجيا الرقمية لبناء الأسواق والتوسع بمشاريعهم".
ولفت الأمير حسين: إلى أن "شباب منطقتنا لا يكتفون فقط بتبني التكنولوجيا وتطويعها فهم أكثر من مجرد مستهلكين، وستجدون في منطقتنا شبابًا وشاباتٍ يقودون الابتكار والتغيير، إذ ابتكروا حلولًا وخدمات تواكب عصرنا الحديث وأنتجوا محتوى عربيًا جديدًا على شبكة الإنترنت، وأبدعوا أفكارًا جديدة لخدمة منطقتنا وعالمنا".
وأعلن الأمير حسين، أن "أبناء وبنات جيلي يلمسون أثرها العميق في حاضرهم ومستقبلهم، وهم يحتاجون في شكل ملح إلى دعمكم جميعًا ماليًا ومعنويًا ليتركوا بصمتهم، ولتطوير مشاريعهم ليتمكنوا بأنفسهم من استشعار الفرق الذي يمكنهم إحداثه، كما يحتاجون إلى منظومة دعم تمتد عبر المنطقة تمنحهم الأمل والفرص".
واعتبر الحسين، أن "الشراكة التي نحتاج إليها تقوم على علاقة متبادلة، فإذا أردنا تغيير حياتنا واغتنام الفرص، علينا نحن الشباب تقبّل الدعم والاستعداد للاستفادة منه إلى أبعد حدود، ما يتطلب العمل الجدي لنمكِّن أنفسنا بالأدوات والمهارات المطلوبة"، مشيرًا إلى أن "كل شيء حولنا في تطور مستمر من الأسواق والمهن والتجارة والصناعة والتكنولوجيا، وكذلك المؤهلات المطلوبة لمواكبة تلك التغيرات".
وقال الحسين: "إذا أدى كل منا واجبه، فنتمكن من استثمار فرصة لن تتكرر لدى جيلنا في قيادة التغيير الجذري في تلك المنطقة، وفي المحصلة القضاء على التطرف"، مفترضًا أنها "قد تكون تلك فرصتنا لإطلاق العنان لمواهب الملايين من الرجال والنساء وطاقاتهم وآمالهم، وكذلك فرصتنا لردم الهوة بين ما يراه الشباب ويتوقون إليه في العالم الافتراضي، وما يتاح لهم في الواقع".
ومن جانبه، شدد الملك الإسباني، فيليبي السادس، على أهمية خطاب الأمير الحسين، معلنًا حرص بلاده على "تعزيز التعاون بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من جهة وأوروبا من جهة أخرى، لا سيما في مواجهة التحديات"، ولم يغفل ضرورة "تحرير التجارة بين الدول، وأهمية دور الشباب في التنمية الاقتصادية"، مؤكدًا لهم أن "الأمل موجود، وسنتحمل مسؤولياتنا وسنقدم أفضل ما لدينا".
وفي مجال التعاون الاقتصادي، أشار الملك فيليبي إلى "استعداد الشركات الإسبانية للتعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية ومعالجة المياه في المنطقة"، قائلًا "نريد تهيئة الظروف للقطاع الخاص كي نكون قادرين على المشاركة في التنمية الاقتصادية والتشارك بالتالي في الازدهار".
وعلى سياق متصل، كشف الرئيس العراقي فؤاد معصوم، أن على العراقيين "الاستعداد لمعركة البناء وإعادة الإعمار والتي لا تقل أهمية عن الحرب ضد الإرهاب والتطرف، ويضع العراق عمليات إعادة الإعمار ضمن أولوياته إلى جانب إعادة النازحين إلى مدنهم"، مشددًا على أهمية "الاستمرار في تقديم الدعم إلى العراق لضمان تسريع إنجاز مشاريع إعادة الإعمار وتعزيز النظام الديمقراطي وتبسيط الإجراءات ومكافحة الفساد وإدخال التكنولوجيا في العمل"، من دون أن يغفل "بناء الشراكة بين القطاعين العام والخاص"، مؤكدًا أن "العراق مفتوح أمام المستثمرين، والقانون يقدم مزايا وضمانات لحماية استثماراتهم".
ومن ناحيته، اعتبر رئيس جمهورية النيجر، محمد يوسفو، أن "تهيئة ظروف التحول للأجيال المستقبلية يتطلب توفير الأمن والسلام في المنطقة وإنهاء النزاعات"، داعيًا إلى "الاستفادة من الأفكار الطموحة التي يطرحها المشاركون في المنتدى ومن التجارب العالمية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية".
بينما نوه رئيس المنتدى كلاوس شواب، أن حجم المشاركة في المنتدى "يؤكد ثقة قطاع الأعمال في منطقة الشرق الأوسط ومستقبلها، لا سيما أن شبابًا رياديين كثرًا يشاركون إلى جانب القادة السياسيين ومجتمع الأعمال"، ورأى أن الشبــــاب "مـــصرون على المشاركة في تحمل المسؤولية، وعلينا كقادة سياسيين وأعمال الإصغاء إليهم"، كاشفًا عن "أهمية المبادرات التي ستُطلق خلال اجتماعات المنتدى، والتي تركز على تعزيز الريادية وتمكين الشركات الناشئة في المنطقة".