الشارقة ـ المغرب اليوم
أعلنت المنظّمة الإسلاميّة للتربيّة والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" عن إختيار إمارة الشارقة عاصمة للثقافة الإسلاميّة 2014، لما تتميّز فيه الإمارة من ثقافة إسلاميّة وإنسانيّة، تتجلى في الاهتمام بالأعمال العلميّة، والثقافيّة، والأدبيّة، والفنيّة، فضلاًعن أنّها قبلة للباحثين والمهتمين في مجالات العلوم
والثقافة والمعرفة، نظرًا لتوفر جامعتين فيها، ومراكز للبحث العلمي، ومكتبات للمخطوطات، والمراكز الأثرية التعليمية.
وأوضح مدير المكتب الإقليمي للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة في الشارقة الدكتور عبيد سيف الهاجري، خلال كلمة ألقاها في حفل إطلاق "الهويّة الترويجيّة للشارقة عاصمة الثقافة الإسلاميّة"، أنّ "وزراء الثقافة في دول (الإيسيسكو)، البالغ عددها 51 دولة إسلاميّة، اعتمدوا الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2014، إذ تهدف الإيسيسكو من برنامجها للعواصم الثقافية إبراز الغنى الثقافي العربي والإسلامي وتنوعه المادي والمعنوي والتعريف بتاريخ وحضارة المدن الإسلامية".
وجاء الاختيار نظرًا لما في الشارقة من مؤسسات أدبية وفكرية فاعلة في مجال تنشيط الحياة الثقافية للأفراد والجماعات،
وحظيت الشارقة بهذا التتويج بمصادقة المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء الثقافة، الذي انعقد في الجزائر، في كانون الأول/ديسمبر 2004، نظراً لما تتمتع به من تاريخ ثقافي بارز، وآثار ماديّة وفكرية تستحق التعريف، لاسيما أنَّ الشارقة ذات عراقة تاريخية مدوّنة، وصيت علمي واسع، استطاعت من خلاله أن تتبوء مكانة ثقافية بارزة في دولة الإمارات، والمنطقة العربيّة.
وكشفت إمارة الشارقة عن قيمة المشاريع التي تعتزم إنجازها في العام الجاري، تماشياً مع احتفالات الإمارة عاصمة الثقافة الإسلاميّة، والتي ستبلغ مليار ونصف المليار درهم، أي أكثر من 400 مليون دولار، تتوزع على 21 مشروعاً مختلفاً من المشاريع النوعية الكبرى، والأولى من نوعها على مستوى المنطقة، تتنوع بمدلولاتها وفكرها، بين جامعات، ونصب تذكارية، وحدائق إسلامية، وأسواق ومتاحف تراثية، ومكتبات، إضافة إلى صروح علمية وعمرانية.
وأكّد رئيس اللّجنة التنفيذيّة لاحتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي أنَّ "المشاريع تترجم نهج إمارة الشارقة المرتكز على الارتقاء بكل ما يخدم الفكر الثقافي الإسلامي، وتعميم فائدته على مختلف أنحاء العالم، من المكنوزات العمرانية الثرية".
وأوضح القاسمي أنّ "المشاريع التي تعمل إمارة الشارقة على تنفيذها تعدُّ من المشاريع النوعية المهمة والخالدة، وتشكل مرآة الثقافة الإسلامية، التي تعكس هوية وانتماء إمارة الشارقة، وتهدف إلى إبراز عظمة الثقافة الإسلامية، ونشر معارفها وأهدافها".
وأضاف أنّ "مشاريع إمارة الشارقة تكمّل ما تزخر به الإمارة من مظاهر ثقافيّة، وتراث إنساني، تؤرخ من خلالها حكايتها المعرفية والعلمية، التي تعزّز مكانة الإمارة، ودورها البارز في المنظومة الثقافية العالميّة".
ولفت إلى أنّ "العديد من المشاريع التي تعمل عليها إمارة الشارقة يجري الانتهاء من تنفيذها في هذه الأيام، منها مسرح (جزيرة المجاز)، الذي يعدُّ الأول من نوعه على مستوى المنطقة، كونه من أهم الصروح السياحية التي تمَّ تشيّيدها، والذي تمّ إنجازه في فترة قياسيّة، لم تتعدى الثلاثة أشهر".
وبيّن أنّه "مسرح المجاز تبلغ مساحته 7238 متراً مربعاً، ويتسع لنحو 4500 متفرج، إضافة إلى احتوائه على تجهيزات تقنية عالية وغير ومسبوقة في المنطقة، تسهم في تقديم عروض فنية على درجة عالية من التميز والإبهار"، مشيرًا إلى أنّ "كلفة المسرح، إضافة إلى الجسر الذي يوصل إليه، تجاوزت أكثر من 140 مليون درهم، وهو المسرح الأول في منطقة الشرق الأوسط الذي يستخدم أحدث التقنيات التكنولوجية، مع أكثر من 400 ضوء متحرك، و120 مكبر صوت، و21 بروجكتراً ذو تقنية مميزة"، منوهاً إلى أنّ "المسرح سيصبح مركزاً لأهم وأكبر الفعاليات الثقافية الفنية في الإمارة، كما أنه محطة محورية لاحتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية".
وتابع "يتميز المسرح المفتوح في الهواء الطلق بأنه على طراز المسارح الرومانية، يضم مدرجات مقسمة على مجموعات عدة، وتتوسطه منصة عرض كبيرة يعتليها الفنانون لأداء عروضهم، كما أنه سيزود بنظام صوتي متطور عالي الجودة، فضلاً عن حزمة من مشاريع البنية التحتية، والعديد من المرافق والمنشآت الخدمية التي تضم قاعات للمؤتمرات، وكبار الشخصيات، وصالات عرض، إلى جانب عدد من المحال التجارية والمطاعم والمساحات الخضراء".
واستطرد "سيحتضن المسرح نخبة من العروض الثقافية النوعية من المنطقة والعالم، التي تلبي تطلعات سكان الشارقة، وزوار الإمارة والدولة، أولها عرض (عناقيد الضياء)"، موضحًا أنّه "أضخم عمل ملحمي عالمي يستعرض بدايات الإسلام منذ ولادة الرسول وحتى وفاته، ويشارك فيه أكثر من 300 ممثل، من دول عربية وأجنبية، من بينها الإمارات، والكويت، ولبنان، والمغرب، وغيرها، وستكون مدة عرض العمل ساعة و42 دقيقة، ويصل عدد فريق العمل كاملاً من ممثلين وموسيقيين وملحنين ومخرجين ومنتجين ومصممين ومبدعين إلى 750 شخصاً".
ويشارك في التسجيلات الموسيقية لـ"عناقيد الضياء"، التي قام بتلحينها الفنان العربي الكبير خالد الشيخ، أكثر من 70 عازفاً من الأوركسترا الألمانية، وكل من الفنان الإماراتي حسين الجسمي، والفنان التونسي لطفي بشناق، والفنان المصري علي الحجار، والفنان الفلسطيني الشاب محمد عساف.
ومن جانبها، أوضحت رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق"، ورئيس لجنة المشاريع لاحتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية، الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي "أهمية هذه المشاريع الكبرى، التي تعمل إمارة الشارقة على تنفيذها، لما لها من دور بارز في خدمة الثقافة الإسلامية، وإفادة الأجيال المتلاحقة، وترسيخ مكانة الإمارة كعاصمة للثقافة الإسلامية على مر الأزمان".
وأشارت إلى أنَّ "إمارة الشارقة تستثمر في كل ما من شأنه الارتقاء بالفكر الإنساني وبناء ثقافته وعلمه"، كاشفة عن أنه "سيجري الإعلان عن هذه المشاريع تباعًا، خلال العام الجاري"، مؤكّدة "الأهمية السياحية والمعرفية لمشاريع الشارقة، التي تجعل من الإمارة مقصداً عالمياً بارزاً في السياحة الثقافية، وتضيف إنجازات حضارية هامة لمنظومة إنجازات الشارقة المختلفة، التي قادتها لتأخذ مكانتها عاصمة للثقافة الإسلامية".
وتتضمن المشاريع الأخرى مشروع الحديقة الإسلامية، الذي تبلغ تكلفته 12 مليون و550 ألف درهم، ومشروع النصب التذكاري للشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية، الذي تبلغ تكلفته 8 ملايين درهم، كما يجري العمل على تنفيذ حديقة أخرى بتكلفة 25 مليون درهم، تعدُّ الأولى من نوعها من ضمن ثلاثة حدائق جديدة من مشاريع الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية، التي تضيف عناصر جمالية وقيمة ثقافية واجتماعية مهمة.
ويسهم الشعار الرسمي للشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية 2014، في بناء علامة تجارية تمتاز بالتجديد والانسيابية، وتحافظ على هويتها الثقافية الإسلامية في آن واحد، حيث يرمز الشعار إلى التنوع والغنى والانفتاح في الثقافة الإسلامية، من خلال شكله الواضح وخطوطه الهندسية الثابتة التي لا يمكن تغييرها أو تعديلها.
وتمّ اختيار باقة من الألوان المتنوعة بدرجات مستوحاة من الزخارف والرسوم الإسلامية القديمة، بغية استخدامها في مطبوعات ومنشورات الفعاليات المختلفة، إذ يتخذ الشعار الشكل المربع المتكامل، كون الإسلام الدين الكامل والشامل، وفي الشعار إيقاع وتراكيب لأحرف اسم الحدث "الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية"، مع المبالغة في التقطيع والحركة، في إشارة إلى التنوع في الفعاليات والمشروعات المختلفة، التي سيتم تنظيمها لاحقاً.