الرباط-المغرب اليوم
اليوم مع الأديب العربي بنجلون
منذ عدة سنوات، واتحاد كتاب المغرب يشكو من التشرذم. مختلف فروعه مجمدة. وبالرغم من المجهودات التي كان يقوم بها المكتب التنفيذي للاتحاد، من أجل بث الروح في هذا الجسد، فإن الوضع لم يتحسن قيد أنملة. ومما زاد الطين بلة، أن المؤتمر الوطني الأخير تعرض للفشل، وتم تبادل الاتهامات بين أطراف مختلفة. وكان لا بد من طرح السؤال: متى يتم وضع حد لكل الخلافات التي تعوق اتحاد كتاب المغرب عن مواصلة نشاطه؟إذن، في أفق المؤتمر الوطني الاستثنائي لاتحاد كتاب المغرب الذي يجري الاستعداد لعقده، كان لبيان اليوم حوار مع نخبة من الكتاب المنتمين لهذه المنظمة العتيدة، للحديث حول راهنها ومستقبلها.
كيف هي تجربتك الشخصية في اتحاد كتاب المغرب؟
أنا عضو عادي، كسائر الأعضاء المنتمين لاتحاد كتاب المغرب، ولا أتحمل أي مسؤولية إدارية أو أدبية في المكتب المركزي أو في أحد فروعه، ولا تربطني به إلا بطاقة العضوية. وكل أنشطتي، داخل المغرب وخارجه، تعتمد على مجهوداتي الذاتية، ولا علاقة لها بالاتحاد، الذي لو انتظرت منه أية مبادرة، لتقلصت كل أنشطتي، بل لتلاشت وانقرضت، كما حدث لكثيرين من الأعضاء الأدباء.
ما هي الأسباب التي أدت في نظرك إلى الأزمة الحالية للاتحاد؟
في الحقيقة، أن ما وقع لاتحاد كتاب المغرب، هو نفس ما حدث لأغلبية الأحزاب السياسية، لأن الاتحاد كان بيد الأدباء المنتمين للأحزاب، وبالتالي، كان هناك صراع محتدم، وهذا الصراع خلق تكتلات وأنشطة، كانت بمثابة شحنة تغذي الأدب، وتحفز الأدباء على الخلق والإبداع…لكن، بتراجع الأحزاب عن أداء دورها، تراجع الاتحاد نفسه، مما أتاح الفرصة لغير المنتمين بالانقضاض عليه، دون أن تكون لهم خلفية أدبية أو فكرية أو حتى سياسية، تحركهم وتوجههم، ما جعلهم يلتفتون إلى مصالحهم أكثر من ترميم الجسم الأدبي. فتضارب المصالح الشخصية، والبسيطة جدا أو التافهة، كانت أقوى من الرغبة في إصلاح الوضع الثقافي والنهوض به.
ما موقفك مما يقع حاليا في الاتحاد؟
ما يقع في اتحاد كتاب المغرب، هو جريمة نكراء في حق الأدب المغربي، والفكر والإبداع عموما، لأنه يساهم في تجذير الجهل والتخلف، ويفسح المجال لتفشي ظاهرة الأمية الفكرية، والحد من تطور الأدب المغربي، الذي كان، سابقا، يُضرب به المثل في العالم العربي، فكأن ما يحدث الآن، هو مؤامرة للقضاء على الأدب والثقافة، ولبث اليأس في النفوس من جدوى الكتابة والتفكير.
ماذا تقترح لتجاوز الأزمة؟
أعتبر التقارير التي أعدها المنسحبون من المكتب التنفيذي كافية لتشخيص الأزمة وتجاوزها، وأن على الأدباء الحقيقيين، أقصد المبدعين الذين يتوفرون على رصيد أدبي كبير، أن يتحملوا مسؤولياتهم في قيادة الاتحاد، لأن هؤلاء هم الذين سيحافظون على وضعية الاتحاد ومكانته وسمعته، وسيرفعون من مستوى أنشطته، أما أن نتركه لمن لا يحمل هَمَّ الأدب، فهذا تجنٍّ خطير على مستقبل بلدٍ، يجر من ورائه أرفع الآداب الإنسانية، من رحلات ومقامات وأشعار وسرديات في القصة والرواية، ومن أعمال نقدية رائدة، يشهد بها العالم.
هل ستشارك في المؤتمر القادم؟
بطبيعة الحال، سنشارك في المؤتمر القادم، لندلي برأينا وبصوتنا، كيلا نفوت الفرصة للمندسين الذين يملأون الدنيا لغطا وصخبا وصياحا، دون جدوى.
هل تقبل أن يتم تسيير الاتحاد من طرف المسؤولين في المكتب السابق؟
طبعا، ليس كل من كان عضوا في المكتب السابق سببا في الأزمة، بدليل أن أكثر من نصف الأعضاء، إما استقل لسوء التدبير والتسيير، وإما احتج بتقارير وحجج دامغة، نشرت على صفحات الجرائد، وأصبحت حديث الساعة بين الأدباء، وغيرهم ممن لا يمتون بصلة إلى الاتحاد، حتى صار يُضرب بهم المثل، فيقال: أيعقل أن ينتج كل هذا التجاوز عن أصحاب الفكر والكلمة، الذين كنا نعول عليهم في التوعية والتنوير أكثر من السياسيين والنقابيين؟!
لهذا أرى من الضروري أن يرشح بعضهم نفسه للمكتب اللاحق، وأن يخجل البعض الأخر من نفسه، فلا يكرر التجربة، لأنه أصبح، بكل صدق وصراحة، أضحوكة، يُتندَّر بها في اللقاءات.
* ما هي المؤهلات التي ترى ضرورة توفرها لدى الرئيس المقبل للاتحاد؟ أفضل سلوك، ينبغي أن يتوفر عليه الرئيس المقبل، هو ألا يُوهِم نفسه بأنه فوق الجميع، وكلمته هي العليا. فهذا الوهم، يزرع منذ البداية، الفرقة والشِّقاق بين جل الأعضاء، وبالتالي، تتوقف كل الأعمال والأنشطة. ثم التعاون مع الفروع،دون أدنى حساسية، أو إيلاء مناطق أهمية أكثر من أخرى، وإشراك القريب والبعيد في الأنشطة الوطنية والدولية، كلٌّ حسب اختصاصاته.
ما هي الأولويات التي ترى ضرورة طرحها للنقاش في المؤتمر؟
لا شك أن المؤتمر القادم، سيواجه تحديا كبيرا، متمثلا في إعادة الثقة إلى الأدباء الذين فقدوها من خلال تصرفات أعضاء طائشين، تسربوا إلى الاتحاد بلا رصيد أدبي راقٍ، ولم يكن لهم حضور من قبل، ولا الآن، في الحقل الأدبي، بل طلقوا الأدب والكتابة، لما اكتشفوا أنه بالإمكان تحويل الاتحاد إلى بئر نفط، ينهلون منه، بطرق ملتوية. والأهم في نظري، هو اختيار أديب محترم على رأس الاتحاد، لأنَّ مثل هذا الاختيار، سيجعل الرئيس لا يقدم على أية خطوة، إلا بعد تفكير عميق، ويحاول أن يوفق بين كل الأطراف…والأهم، سيحافظ على سمعته من الخدش. ولقد سبق لي أن اقترحت على أدباء الترشيح للرئاسة، فرفضوا بحجة أن الأفق يبدو لهم مظلما، أو أن الاختيار سبق وأن تم قبل انعقاد المؤتمر.
قد يهمك ايضا: