الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
متحف محمد السادس للفن

الرباط - المغرب اليوم

اختار متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر في الرباط أن يسلط الضوء، إلى 23 يناير/ كانون الثاني المقبل، على أعمال ثلاث فنانات مرموقات تجمعهن هوية مشتركة، من خلال معرض أخذ عنوان "الشعيبية طلال، فاطمة حسن الفروج، راضية بنت الحسين: رحلة إلى منابع الفن" , ويتعلق الأمر بثلاث فنانات يرتبطن ببيئة قروية، متشبعة بالتقاليد الشفهية والمدارك التقليدية المرتبطة بالحرف والفنون الشعبية بما في ذلك الحناء والوشم والنسيج والتطريز , بذلن شكلًا من أشكال النضال من أجل تحرير المرأة من خلال الفن.

وقال مهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، "إنه لفخر أن نبرز فنانين مغاربة، كما هو الحال بالنسبة للفنانات الثلاث ذوات السير الاستثنائية، وذلك عن طريق تنظيم ونشر تراثنا الفني الحديث والمعاصر، وأن نساعد في تقييمه والنهوض به".

واعتبر قطبي أن "الرحلة إلى منابع الفن"، التي يقترحها المعرض، ستكون بمثابة استكشاف للكثير من الزوار، من جهة أن هذا التعبير العفوي جزء من التراث الفني المغربي، إذ من خلال انفجار الألوان المتجلي في هذه الأعمال، يظهر لنا أن عفويتهن قد ساهمت في تطور الفن الحديث والمعاصر"  , وقال قطبي عن الشعيبية طلال (1929 - 2004) وفاطمة حسن الفروج (1945 - 2011) وراضية بنت الحسين (1912 - 1994) إنهن "فنانات حاملات، كجل نساء بلدنا، للتقاليد وتعبير شفوي ورمزي غني، مهدت هؤلاء الفنانات طريق الحرية للفن التصويري".

وفيما يخص الشعيبية طلال وفاطمة حسن الفروج وراضية بنت الحسين، يتعلق الأمر، وفق وثائق المعرض، بـ"مبدعات تعبرن عن خيالهن، وتجسدن صور تجاربهن، من دون أن تؤطر فنهن الأعراف والأنماط والقواعد والحدود، من خلال عفويتهن، نستطيع إدراك ما هو أبعد من المألوف: فن متحرر من المعايير الجمالية الأكاديمية، حيث للبعد الثنائي الأسبقية على مبادئ المنظور في اللوحة".

وتضيف ذات الوثائق المرتبطة بمسار المعرض، مشاهد من الحياة اليومية , الأعياد والطقوس التي تصور مراسم الزواج، أو المناظر الطبيعية القروية مع عرض لهيئات بشرية، حيوانية ونباتية، في كثير من الأحيان متداخلة، ملونة، مزخرفة ومزينة حتى الإشباع , فيما تعتبر فئة البورتريه جزءًا من الاهتمامات الفنية للفنانات الثلاث اللاتي صورن وجوه الناس اللذين يؤثثون فضاءهن اليومي، عبر صور فردية أو جماعية تبرز كيف شاهدت الفنانات الثلاثة الإنسان، بشكل يؤكد كيف تجاوزن السرد نحو تحويل وتوصيف الواقع , فنانات إذا كان لديهن نقاط مشتركة متعددة، يبقى أن كل واحدة منهن تجسد حساسية فنية معينة موسومة بتعبير منفرد؛ فهن، رغم تطرقهن إلى المواضيع نفسها ، تبقى معالجة كل واحدة منهن لهذه المواضيع مختلفة ومتفردة، بحيث يوضح نهج كل واحدة منهن بساطة الحلول التقنية والتصويرية التي اعتمدتها.

واختار المعرض، الذي يبقى فرصة لتقدير العوالم الفنية المختلفة للفنانات الثلاث، صيغة رحلته إلى منابع الفن من خلال مسار يتوزع بين الفضاء التصويري والمشاهد اليومية والمنظر والنباتات والمشاهد الاحتفالية وحيوانات رامزة والزخرفة والبورتريه , وفيما يتعلق بالفضاء التصويري، تتحدى العوالم التي تجسدها صباغة الفنانات الثلاث رموز منظور الصباغة الأكاديمية , وهكذا، فإن الفضاء في رسوماتهن كثيف للغاية، رغم شساعة الإطار والمحيط الممثلين , فيما تعطي المناظر الطبيعية والمشاهد انطباعًا بأن العمل يتجاوز أبعاد اللوحة التي تستمر في التطور خارج الإطار، مشيرًا إلى ما لا نهاية العالم الواقعي، فيما لا يمنع عدم وجود المنظور من تنظيم جيد للفضاء , واهتمت الفنانات الثلاث بمجتمعهن، حيث التقطن جوهر الحركة والألوان وإيماءات المجتمع الذي كن يمثلنه باهتمام صادق، بحيث تصبح اللوحة شهادة حقيقية للواقع اليومي , وسواء في مشاهد الطقوس التقليدية للشعيبية طلال وفاطمة حسن الفروج أو المشاهد المأتمية لراضية بنت الحسين، تظل هؤلاء الفنانات حريصات على رصد واقعهن اليومي لحكيه عن طريق التجسيد التصويري.

وحظي موضوع المنظر والنباتات باهتمام الفنانات الثلاث، بحيث يمكننا أن نرى الألوان المشرقة للنباتات الكثيفة حيث المواضيع البشرية تختلط بمشاهد حيوانية تتسم بغنى الألوان، حيث تضاهي المشاهد البشرية في ارتفاعها علو الأشجار والنباتات، بخاصة في أعمال راضية بنت الحسين , ويزداد هذا التفاوت من خلال تحوير كامل للفضاء في أعمال الشعيبية طلال التي تقدم لنا رؤية فريدة عن المناظر الطبيعية والطبيعة الميتة , أما موضوع المنظر عند فاطمة حسن الفروج، فهو جوهري، غالبًا ما يكون حضريًا ومعماريًا، تسكنه مظاهر حياة طقوسها احتفالية.

ويعتبر المشهد الاحتفالي موضوعًا رمزيًا، فانطباع الاسترفاع الذي يوفره غياب المنظور يبرز ابتهاجًا جماعيًا للمواضيع، حيث يعطي المشهد تمثلات ثنائية الأبعاد لحركات راقصين وموسيقيين جاعلًا من الصورة الثابتة في اللوحة مشهدًا حيًا مرئيًا، يكاد يكون مسموعًا.

وتبرز المشاهد الممثلة في لوحات الفنانات التشكيليات الثلاث أن الإنسان والحيوان يتطوران في انسجام تام مع طبيعة العالم القروي , ففي أعمال راضية بنت الحسين، نادرًا ما يتم تجسيد الشخصيات خارج المنظر الطبيعي الذي تتزاوج فيه الصور الظلية المتنوعة بألوان الحيوانات، فيما تبرز مركزية الحيوان في لوحات الفنانات في أعمال فاطمة حسن الفروج التي اتخذت من الخيل موضوعًا جوهريًا , أما في العوالم القروية التي تجسدها لوحات راضية بنت الحسين، فالإنسان لا يبقى متفرجًا على الحياة النباتية والحيوانية، بل ينغمر داخلها؛ بينما تذكرنا الشعيبة طلال بتماهي الإنسان مع الطبيعة من خلال لوحتها الرجل الطائر.

وتميل الأعمال المعروضة للفنانات الثلاث تلقائيًا للزخرفة المستوحاة من الفنون الشعبية كالوشم والنسيج. وتتحقق هذه الصورة الباطنية من خلال الألوان الغنية بالأشكال النباتية والشخصيات المنجزة عند كل من راضية بنت الحسين والشعيبية طلال، وبخاصة في أعمالهن التي اتخذت من الزربية موضوعًا لها , وتبلغ الزخرفة مداها في المشاهد المتداخلة لفاطمة حسن الفروج، حيث تنسجم الأشكال الهندسية والنباتية المستوحاة من وشم الحناء.

ويعْبر الشكل البشري، مع بعض الاستثناءات، كل إبداعات الفنانات التشكيليات الثلاث , قد يعتقد الزائر أن البورتريهات الأمامية للشخصيات مستوحاة من نموذج، سوى أن الفنانات الثلاث تطرقن إلى تقنية "البورتريه" بشكل مختلف عن المعايير والتقنيات الأكاديمية؛ كما أن هوية الشخصيات، وإن تم الإفصاح عنها من خلال العنوان، ليس لها أهمية مقارنة بأولوية تشخيص الحالة الإنسانية.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

معرض الشارقة للكتاب يضم مشاركة 112 دولة والمغرب يحل…
حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…
وزارة الثقافة المغربية تدعم 412 مشروعاً في قطاع النشر…
وزارة الثقافة السعودية تحصد وسام أخلاقيات الذكاء الاصطناعي 2024
المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة

اخر الاخبار

إنعقاد المؤتمر الدولي بالداخلة حول "المبادرة المغربية للحكم الذاتي
وزير الداخلية المغربي يدعو إلى التصدي للنقل "غير القانوني"…
رئيس الحكومة المغربي والشيخة المياسة يفتتحان منتدى الأعمال القطري…
إرسال دفعة إضافية من المساعدات المغربية إلى مدينة فالنسيا…

فن وموسيقى

حاتم عمور يُؤكد أن ألبومه الجديد "غي فنان" عبارة…
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…

أخبار النجوم

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
أشرف عبدالباقي يعود للسينما بفيلم «مين يصدق» من إخراج…
أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

رياضة

محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024
الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم

صحة وتغذية

وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…

الأخبار الأكثر قراءة

حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…
وزارة الثقافة المغربية تدعم 412 مشروعاً في قطاع النشر…
وزارة الثقافة السعودية تحصد وسام أخلاقيات الذكاء الاصطناعي 2024
المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة
مركز أبوظبي للغة العربية يُقدم 53 منحة جديدة إلى…