واشنطن - عادل سلامة
تعتبر عملية ندف الثلج واحدة من أجمل الأشياء في الطبيعة، وهي عبارة عن جزيئات ماء متجمدة مذهلة الشكل، ولا يغيب عن الكثيرين أن واحدًا من أهم الأشخاص الذين رصدوا روعة ندف الثلج هو المصور ويلسون بنتلي الذي صار يلقب برجل ندف الثلج بعد أن التقط صورًا لها أصبحت اليوم جزءًا من متحف سيمثسونيان.
ولد ويلسون بنتلي عام 1865، وقضى جل حياته في المناطق الريفية في ولاية فيرنوت، حيث كان يعمل في مزرعة عائلته، وحصل على أول مجهر له في عيد ميلاده الـ 15، وكانت هذه الآلة سبيله لاكتشاف الأشياء المذهلة حوله بما فيها ندف الثلج، واستطاع بنتلي أن يميز اختلاف ندف الثلج عن بعضها البعض، وقرر أن يفعل شيئا لم يفعله أحد من قبله وهو تصوير هذا الأجزاء الصغيرة، وحفظها.
وتمكن من الحصول على كاميرا في عمر 19، وشرع في استكشاف امكانية التصوير المجهري، أي تصوير الأشياء المتناهية في الصغير والتي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وتستطيع الكاميرا الحديثة أن تلتقط صورا مجهرية لعيون الحيوانات على سبيل المثال، ولكن في الوقت الذي بدأ بنتلى تجاربه في القرن الأول للتصوير لم يكن هذا متاحا.
ويصف العالم البريطاني ورائد الفن هنري فوكس تالبوت التصوير الفوتوغرافي " بقلم رصاص الطبيعية" في اشارة لدقته، وأنه لا يمكن أن يكون أحدا التقط صورا أكثر كمالا للثلج من بنتلي نفسه، وحتى قبل بنتلي تمكن العلماء في القرن الـ 17 من اختراع امكانيات فنية مجهرية، وحاولوا رسم ما رأوه.
وحاول بنتلي رسم ندف الثلج ولكنه لم يتمكن من عكسها بالدقة التي يريدها، لذلك اخترع طريقة لربط كاميراته بالمجهر في عملية استغرقت أعوام طويلة، ولكن الامساك بندف الثلج ووضعها تحت المجهر لم يكن سهلا ايضا، فأصبح يجمعها على ريشة أو على صينية مغطاة بالمخمل المبرد، وقام بتبريد شريحة المجهر أيضا، وأصبح ينقل ندف الثلج في عملية حساسة جدا من خلال ريشة حبش ورقائق خشبية صغيرة.
ونتج عن هذه العملية المضنية صورا رائعة لندف الثلج، لينتج أكثر من 5000 صورة تعتبر من معجزات الفن والعلوم، وتمكن بنتلي من نشر مقالات علمية عن جمال الثلج، واعترف بعض العلماء في ذلك الوقت بإنجازاته، ولكن واقع كونه مزارع أخر في قبول اكتشافه.
وخلص بنتلي بعد تصوير الالاف ندف الثلج ودراستها أن كل ندفة فريدة من نوعها بتصميمها، وهذا ما نشره في كتابه " رؤية في بلورات الثلج" الذي الفه بالتشارك مع العالم الفيزيائي وليام همفريز وتضمن 2300 صورة له كدليل على ذلك.
ومع ذلك لم يكتمل اكتشاف رجل ندف الثلج، فبدلا من القول إن كل ندفة ثلج فريدة من نوعها تماما، اكتشف علماء الكيمياء الحديثة أن ندف الثلج جميعها تمتلك 35 نمطا أساسيا فهي تتكون من بلورات طبيعية، والبلورات تخضع لقوانين التماثل والرياضيات، فهي ليست معجزة ولكنها عجيبة من عجائب الطبيعية، وبنتلي هو من علمنا رؤيتها.