مسقط ـ عبد الغني يحيى
نجحت مُنظمة شِراع عُمان في تكوين فريق نسائي للإبحار الشراعي، شارك بنجاح في البطولة العربية للإبحار الشراعي، Sailing Arabia The Tour 2013، وهي النسخة الثالثة من سباق الخليج العربي للإبحار الشراعي.
ويرأس الفريق النسائي البريطانية دي كافاري، وهي قائد موسمي للفرق التي تمارس هذه الرياضة
، وتقول كافاري إنها لا تعتبر نفسها كابتن الفريق فقط، بل تشعر دائماً أنها مدربة وأم للاعبات وأنها تخوض معهم تحدياً كبيراً، الذي حذرها منه الجميع ونجحت في
الوصول إلى صيغة، حوّلت البنات اللاتي تلعبن هذه اللعبة في الفريق إلى بطلات.
وأشادت كافاري بالانسجام الذي يسود الفريق، رغم انحدار الفتيات من بيئات وخلفيات ثقافية ودينية متنوعة. كما وصفت كافاري العمل مع الفريق النسائي للإبحار الشراعي بأنه تجربة فريدة، خاضتها وتستمر في خوضها مع الفتيات وتُجسد تحدياً كبيراً لها ولهن.
وبدأت مُنظمة شِراع عُمان عملها في العام 2008، وهي منظمة حكومية لتطوير رياضة الإبحار الشراعي في السلطنة، حيث تم اختيار منطقة المارينا الجديدة، وتسعى لتطوير الرياضة في الأحياء المجاورة. ويرأس هذا المشروع بريتون دايفيد غراهام ويعاونه في أعمال المنظمة 190 موظفاً. ويُعد الهدف الأساسي لهذه الأعمال في الوقت الحالي، هو جذب النساء إلى ممارسة الإبحار الشراعي، حيث يهيمن
الرجال على الرياضة.
وعن رياضة الإبحار الشراعي، تقول ريا الحبسي، (24 عاماً) خريجة إحدى المدارس في عُمان، إنها لم تسمع عن هذه الرياضة قبل أيلول /سبتمبر العام 2011، إلا أنها كانت تأتي مع أخواتها إلى التمرين في إطار أعمال مُنظمة شِراع عُمان لترى ما يحدث أثناء جلسات المران، فبدأت الفكرة تدور في رأسها، وبالفعل قررت الانضمام إلى الفريق، عندما وجدت في نفسها المؤهلات البدنية والرغبة في الاستمتاع بهذه الرياضة.
وينطبق ما سبق على طهيرة اليحيى، (21 عاماً) طالبة في كلية الهندسة في سلطنة عُمان، والتي أشارت إلى أن كل من تعرفهم من النساء حذّروها من الإبحار الشراعي، مؤكدين أنها رياضة تنطوي على خطر كبير، ولا تتناسب مع طبيعة المرأة، إلا أنها اعتبرت المسألة تحدياً للرجل، وساد الأمر برمته روح المغامرة، لتجد نفسها عضواً في الفريق النسائي الأساسي لشِراع عُمان.
وتسود مجموعة من المظاهر الإسلامية أداء الفريق، حيث ترتدي معظم الفتيات المشاركات في الفريق الحجاب أثناء وجودهن على اليخت الذي يبلغ طوله 9.5 متر. كما يتوقف اليخت لدقائق أثناء السباقات الطويلة، حتى تؤدي اللاعبات الصلاة، وتساعد مُنظمة شِراع عُمان الفتيات على الالتزام الديني، وتشجعهم عليه، حيث طلبت من مُورد الملابس الرياضية، مارينبول، إنتاج حجاب مدمج مضاد
للماء.
وفي ضوء الطبيعة الإسلامية السائدة على السلطنة، يُصادف المدربون بعض الظواهر الغريبة بالنسبة لهم، وبخاصةٍ أنهم أجانب، مثل انشغال العديد من المتدربين بالحياة العائلية، وعدم توافر وقت كاف للمشاركة في المران، حيث يتزوج معظم الشباب من زوجتين. ومع ذلك، أدت التركيبة السكانية إلى تقديم خدمة جليلة إلى مُنظمة شِراع عُمان، حيث أن 40% من سكان عُمان تحت سن الـ 15 عاماً، وهو ما جعل المُنظمة تفخر بتقديم 10 آلاف لاعب إبحار شراعي، الذين يملأون المياه نشاطاً وحيوية في مناطق المران والسباقات في بندر الروضة ووايف مسقط وموسانة.
ومن الأمور التي دعمت رياضة الإبحار الشراعي عوامل عدة، بعضها يرجع إلى طبيعة هذه الرياضة التي تتصل بالشواطئ والمياه والإبحار، وهي العوامل التي ربطت بين هذه الرياضة والتوجهات الاقتصادية لسلطنة عُمان، حيث أوشكت منابع النفط على أن تجف، وهي التي تُمثل ثُلثي الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهو ما يدفعها إلى البحث عن بديل وجدته في السياحة، التي يمكن من خلالها استغلال 1700 كيلو متر من الشواطئ الرملية الرائعة. وتعكفُ الحكومة العُمانية في الوقت الحالي على الانتهاء من صياغة رؤية، تتضمن تحقيق أهداف في إطار خطة تنمية سياحية تكتمل ملامحها في العام 2020. أهم هذه الأهداف الوصول بعدد السائحين من مليوني سائح في الوقت الحالي إلى 20 مليوناً، ويتزامن مع الموعد المحدد للانتهاء من خطة التنمية السياحية إقامة أولمبياد 2020، التي تأتي بعد أولمبياد ريو دي جنيرو 2016.
ويستعد فريق الإبحار الشراعي لخوض أولمبياد ريو دي جنيرو 2016 على أمل التحوّل من لاعبين إلى أبطال أوليمبيين، حيث يجري التدريب على قدمٍ وساق في مياه المناطق الأساسية حول المنظمة، على رأسها وأهمها على الإطلاق بندر الروضة الواقعة في خليج جنوب مسقط.
وتوفر حكومة عُمان الإمكانات جميعها اللازمة لتطوير هذه الرياضة المائية، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة أمام الفتيات والنساء لممارسة الرياضة، مما يعكس تَبَنِّيَاً لِتَوَجُّهٍ إيجابي نحو الرياضة، مما يُثير توقعات على نطاقٍ واسعٍ بأن نادياً آخر للإبحار الشراعي، سيتم افتتاحه قريباً في وايف مسقط، للمساعدة على منح الرياضة قدراً أكبر من الاهتمام، وتخريج أبطال يمثلون السلطنة في محافل رياضة الإبحار الشراعي جميعها