الرباط - سناء بنصالح
قرر القضاة المنضوون في نادي قضاة المغرب، الاعتصام، الأربعاء، داخل مقر النادي في المعهد العالي للقضاء بالرباط؛ للفت الانتباه إلى ما اعتبروها مشاريع "الانتكاسة والردة" وللمطالبة بتوفير الحماية للقضاة أثناء تأديتهم عملهم وتطبيق القانون على نحو فوري ومن دون تلكؤ في حالات الاعتداءات التي تعرضوا لها.
وأكدت نائبة رئيس نادي قضاة المغرب القاضية حجيبة البخاري، في تصريح إلى "المغرب اليوم"، أن قرار الاعتصام جاء في إطار اضطلاع نادي قضاة المغرب بدوره كجمعية مهنية في الدفاع عن استقلالية السلطة القضائية، وما يدعم هذه الاستقلالية على مستوى التشريع، وأيضًا لإحاطة الرأي العام حول حجم وخطورة التراجعات المضمنة بالنصوص المعروضة للنقاش في البرلمان، إشارة منها إلى مشروعي: القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة. وشددت البخاري، على أنّ تلك النصوص تناقض روح الدستور ولا تستجيب لأبسط مقومات الاستقلالية المنشودة ولا المكانة التي أرادها الملك والشعب لقضائه يوم قرر السمو به إلى منزل السلطة ومكنه من الإطار العام والضمانات الكفيلة كي تجعل منه حاميًا للحقوق والحريات عن حق ومساهمًا في تحقيق الأمن القضائي في البلد.
من جانبه، أوضح المكتب التنفيذي للنادي في بيان صحافي توصل "المغرب اليوم" إلى نسخة منه، أنّ نادي قضاة المغرب تلقى باستغراب التعديلات والمقترحات التي أدخلتها الحكومة والغالبية البرلمانية على مشروعي القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة. وأبرز البيان، أنّ المقترحات المذكورة تجسدت بتراجعات وصفت بـ"الخطيرة" التي لا تمس الدستور فقط، وإنما تجهز على كل الحقوق بما في ذلك التي كان يتمتع بها القضاة من قبل، ما سينعكس بصورة جلية على الموقف الدولي للمغرب أمام المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان.
وندد القضاة الذين قرروا الاعتصام؛ بالمقترحات التي تم إدخالها إلى فرض قيود تعجيزية على القضاة تجعلهم غير قادرين على العمل ولا يمكنهم تجاوزها؛ إلا بالامتناع عن تأدية واجبهم، ومن قبيل ذلك جعل الخطأ في القانون سواء الموضوعي أو الإجرائي سببًا في الفصل من مهنة القضاء بعدما اعتبرتهما فرق الأغلبية مدعومة من الحكومة خطأ جسيمًا، ضاربة بكل ذلك قواعد وإجراءات الطعن المنصوص عليها في قوانين المسطرة الجنائية والمدنية عرض الحائط.
وفي السياق ذاته، استغرب النادي موقف الغالبية التي يفترض فيها أن تحمي القانون وتسهر على تطبيق الدستور بالروح الديمقراطية التي أعلن عنها الملك محمد السادس، عندما عمدت إلى استغلال الزمن الضيق لانتهاء الدورة التشريعية من أجل تمرير قوانين سترهن حالة المواطن القضائية لعقود في دقائق معدودة قدمت خلالها تعديلات لم تكن محط نقاش عام أبدًا يفند أطروحة المقاربة التشاركية التي طالما التغني بها لضرب الآراء المخالفة.
هذا وكان نادي قضاة المغرب، تقدم بمذكراته في شأن القانونين التنظيميين، كما أنّ المجلس الوطني لحقوق الإنسان وغيره من منظمات المجتمع المدني تقدموا بتصوراتهم حول القانونيين المذكورين لأهميتهما؛ إلا أنّ ذلك كله لم يتم الالتفات له بالرغم من كونه موافقًا للدستور ومراعيا لمقتضيات، ما يجعل تلك القوانين لا تعبر عن الحد الأدنى للديمقراطية التشاركية وتعبر بصورة جلية على الروح التحكمية التي تعمل بها الغالبية في مجال أكثر حساسية.