الدار البيضاء ـ جميلة عمر
استأنف قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال في الغرفة الأولى من محكمة الاستئناف في فاس محمد الطويلب، التحقيق مع الأمنيين ومخبر الشرطة، بمواجهتهم بالشهادات المدلاة في حقهم بشأن التستر على نشاط شبكة متخصصة في ترويج المواد المخدرة.
واعترف زعيم الشبكة ومساعدوه، لدى عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية في محاضرها المنجزة داخل مقرها في سلا، بأن المخبر لدى الشرطة والمعتقل معهم، كان يحضر عندهم كل سبت في الأسبوع لاستلام مبالغ مالية تتراوح ما بين ألفين وثلاثة آلاف درهم، ليسلمها إلى عناصر فرقة مكافحة العصابات الإجرامية والمواد المخدرة في مصلحة الشرطة القضائية في ولاية أمن فاس، بغرض التستر على نشاط الشبكة في ترويج المواد المخدرة والقرقوبي.
وكشف مصدر قضائي، أن جلسة أمس السبت، فاجأت قسم التحقيق، حين نفى المخبر كل ما حرر بمحضر الشرط القضائية، منكرا تلقي الأموال من تجار المواد المخدرة وتوزيعها على عناصر الشرطة.
وتوافقت أقوال المخبر مع الأمنيين الثلاثة الذين استمع إليهم قاضي التحقيق في جلسة يوم أول أمس، حين اعترفوا بمعرفتهم بمخبر الشرطة وتعاونهم معه في محاربة العصابات وتجار المواد المخدرة، لكنهم أنكروا كذلك تلقيهم مبالغ مالية من المخبر كوسيط بينهم وبين تجار المواد المخدرة.
قرر قاضي التحقيق تـأجيل الملف إلى جلسة الخامس من الشهر المقبل، لأجل إحضار كل من له علاقة بهذا الملف من شهود ومتهمين، وإجراء مواجهة ما بين المخبر وعناصر الشبكة الذين زعموا أنهم كانوا يسلمونه المبالغ المالية، وكذا الأمنيين الذين يشتبه بأنهم تلقوا رشاوى للتستر على نشاط التجار، بالإضافة إلى أربعة أشخاص من أرباب مقاهي "الشيشا" في مدينة فاس، تمكن عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية من الوصول إليهم، وتلقي تصريحات منهم كشفوا خلالها عن إجراء أمنيين، من بين المتهمين الـ12، لاتصالات هاتفية معهم بغرض تسليمهم مبالغ مالية.
وتفجرت فضيحة تورط الأمنيين مع تجار المواد المخدرة في فاس، إثر لجوء "مخبر للشرطة" المتابع في الملف، إلى إبلاغ مصلحة الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني في فاس، بأمر شبكة خطيرة تروج المواد المخدرة والقرقوبي على نطاق واسع في العاصمة العلمية وضواحيها.
ودخلت، على الفور، عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، على الخط، واستمعت إلى "مخبر الشرطة"، البالغ من العمر 52 عاما، والذي كان مهاجرا في أسبانيا وعاد إلى المغرب وامتهن تجارة بيع السيارات المستعملة في محل يملكه في مدينة فاس، إلى أن اختاره مسؤولون أمنيون عام 2000 للعمل معهم كمخبر سري.
واعترف زعيم شبكة المواد المخدرة والقرقوبي للمحققين بأنه بعد خروجه من السجن بداية عام 2000، عاد إلى تجارة المواد المخدرة معية شخص غادر معه سجن عين قادوس في نفس الفترة، حيث تركز نشاطهما على توسيع قاعدة الشبكة من حيث عدد المروجين والبقعة الجغرافية المستهدفة، همت الأحياء الشعبية في فاس وخارجها.
وكانت البداية بترويج مخدر "الشيرا"، غير أن قلة عائدات هذا المخدر، دفع الشبكة إلى الاهتمام بالأقراص الطبية المخدرة، والتي ساقت زعيم الشبكة إلى نسج علاقات من الصيدلاني المدان ابتدائيا بخمسة أعوام سجنا نافذا، بعد أن استغلت الشبكة إدمانه على تناول مخدر (الشيرا)، وتمكنت من استقطابه لتزويدها بالأقراص المهلوسة مقابل مبالغ مالية، بحسب ما صرح به الصيدلاني خلال محاكمته ابتدائيا.
المفاجأة التي غيرت مسار الملف، استنادا إلى مصادر قريبة من التحقيق، تقف وراءها تصريحات واعترافات زعيم الشبكة ومساعديه، حين كشفوا للمحققين في المكتب المركزي للأبحاث القضائية بأن "المخبر السري للشرطة" القادم من أسبانيا، معروف بنشاطه كمروج للمواد المخدرة في فاس، مما دفع المحققين بتعليمات من وكيل الملك، إلى اعتقال "المخبر" وإخضاع منزله للتفتيش، وهنا وقعت بين أيدي عناصر الـ "إف بي آي"، على " مذكرة يومية" خاصة بنشاط "المخبر السري" كان يحررها بخط يده، حيث وجدوا فيها أسماء عناصر شبكة المواد المخدرة والقرقوبي، إضافة إلى أسماء أمنيين ورتبهم بسلك الأمن في فاس وأرقام هواتف لأمنيين وأشخاص آخرين من أرباب المقاهي والملاهي الليلية وغيرها