الرباط - رشيدة لملاحي
بعد الجدل الساخن بين الإسلاميين والفرنكفونيين حول مسألة اللغة العربية قبل عامين، عاد التوتر من جديد بين الطرفين، وذلك على خلفية إصدار رجل الأعمال المثير للجدل نورالدين عيوش ما أسماه "معجم للهجة المغربية"، والذي اعتبره أول معجم من نوعه.
وصرح نور الدين عيوش عند تقديمه للمعجم، أن إنجازه تطلب أربع سنوات من العمل، وأشرف عليه خبراء في اللسانيات والتواصل والثقافة المغربية والعربية، وهو حسب عيوش فإنه اعتمد "الدراجة المغربية المستعملة في وسط المملكة، وخصوصًا محور الدار البيضاء سطات الرباط القنيطرة، وذلك لكونها أضحت مفهومة لدى جميع المغاربة".
ويضم القاموس إلى جانب الشروحات، أمثالًا وحكمًا مغربية، وصورا مكملة ومفسرة أكثر للمعنى. وإلى جانب النسخة الورقية، ينتظر أن تحظى الدارجة المغربية بقاموس إلكتروني، يتيح إلى كل المهتمين الاطلاع على الكلمات ومعانيها عبر الإنترنت, ولم يتأخر ردُ التيار الإسلامي، حيث وجه القيادي في حزب "العدالة و التنمية"، ورئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية فؤاد بوعلي، انتقادات لاذعة إلى نورالدين عيوش، وقال في مقال له: "إن عيوش يعرف أن الوسط الأكاديمي والعلمي لن يهتم بعمله الملفوظ قبل طرحه، لذلك نقل النقاش إلى ساحة الإعلام والإشهار علّه يكسب مناصرين من خارج أسوار الجامعة، ومختبرات البحث العلمي".
واعتبر بوعلي أن الجواب عن سبب لجوء عيوش إلى ندوة صحافية للاحتفاء بقاموسه، بدل التوجه إلى الجامعة، يكمن في أن المنجز المحتفى به ليس مشروعًا علميًا يمكن مناقشته داخل محراب البحث العلمي، ولا إنجازًا يمكن البحث في آلياته، ومفرداته المفهومية، بل هو عمل دعائي لمشروع قيمي يراد فرضه على المغاربة باسم القرب من دوائر القرار.
واعتبر بوعلي أن حديث عيوش عن كونه أول من أطلق قاموسًا للهجة المغربية غير صحيح، وأوضح أن المنجز العلمي القديم والحديث في اللهجات كثير ويصعب حصره، مثل معجم العامية المغربية لكولان، ومعجم لهجة شمال المغرب تطوان وما حولها لعبدالمنعم عبد العال وغيرهما كثير من البحوث والأطروحات التي عجزت عن الإحاطة بمجالات الاشتغال، وفي الوقت نفسه ظلت في رفوف المكتبات دون التأثير في الأدوار التواصلية للعامية.
وتابع بوعلي: "عودة عيوش إلى ساحة النقاش بعد هزيمته المدوية أمام العروي حول التدريج هي محاولة يائسة لإحياء النقاش حول التلهيج بغية إثبات قوة أطروحته، لكن الأكيد أن الطرح الدونكيشوتي، المؤسس على طواحين وهمية، سيصل إلى نفس سابقه، لأن جدار الممانعة الهوياتية غدا واعيًا بأصل الموجة، وغاياتها".