تونس - حياة الغانمي
يقدر أعداد الليبيين في تونس، بمئات الألاف، لا سيما بعد المعارك الدائرة في ليبيا، والتي أدت إلى هروب أعداد كبيرة منهم، واللجوء إلى تونس للإقامة فيها، ويُعرف عن الليبيين بأنهم فوضويين وغلاظ الطبع، ويقفون وراء غلاء الأسعار. ويقطن الليبيون في عدة ولايات في الشمال التونسي على غرار تونس العاصمة، وبن عروس واريانة ومنوبة ونابل، إضافة إلى مدن الساحل التونسي كسوسة والمهدية وبدرجة أقل في مدن الجنوب.
ويبلغ عدد اللاجئين الليبيين في تونس في حدود مليون لاجئ، أي 10 %من السكان في تونس. وتشير تقديرات أخرى إلى أعداد أكبر من ذلك تقترب من نحو 1.8 مليون. ولا شك أن هذا رقم كبير بدرجة يصعب معها على تونس استيعابه، وخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها حاليًا. وكانت التوتّرات ظلت إلى حد كبير تحت السيطرة.
وفي الوقت الذي يشتكي فيه الليبيون من استغلالهم من طرف عددًا من التونسيين بدعوى أنهم أثرياء، ويقع رفع الأسعار الموجهة لهم خاصة على مستوى الكراء والعيادات وغيرها، ويشتكي التونسيون بدورهم من ارتفاع أجور السكن والضغوط الواقعة على الخدمات. ويتضمن ذلك الشكوى من استخدام الليبيين للمواد المدعومة، بما في ذلك الوقود المستورد أصلًا من ليبيا. وفي 4 ديسمبر/كانون الأول 2014، طلب وزير الخارجية التونسي منجي حامدي من السلطات الليبية خفض أسعار واردات تونس من النفط الليبي، مشيرًا إلى أنه من غير المعقول توقع أن تشتري بلاده النفط الليبي بأسعار السوق كي يقوم الليبيون، باستخدامه بعد أن تدعم الحكومة أسعاره.
ورغم أنه لا يُسمح للأطفال الليبيين، بالالتحاق بالمدارس الحكومية، إلا أن المدارس التونسية الخاصة تقبلهم. وأن استمر هذا الوضع وقتًا طويلًا، فمن الممكن أن تنفد مدخرات المزيد من العائلات، وتعجز عن دفع تكاليف المدارس أو تلبية الضروريات الأخرى. وافتتحت الحكومة الليبية مدارس في مدينة تونس، لكن أعدادها مازال قليل جدًا. وحسب ما يؤكده عدد من الليبيين فإنهم اضطروا للتسول لتدريس أبنائهم بمدارس تونسية خاصة.
وتُعد تونس أيضًا ملاذًا لمن يسعون للحصول على الرعاية الطبية، حيث تمتلئ العيادات الخاصة في مدن مثل صفاقس بالمقاتلين الجرحى والمدنيين. وهنا أيضا، فإن الليبيين الذين يعجزون عن تحمل تكاليف العيادات الخاصة يمثلون عبئًا كبيرًا على كاهل المرافق الصحية العامة في البلاد. وفي نفس السياق يرى الليبيون أن عددًا من المصحات تقوم بتضخيم الفواتير والترفيع فيها لأن الليبيين "لهم المال".
وكانت ليبيا، توفر أكثر من 25 %من احتياجات تونس من الوقود بأسعار مدعومة. لكن صادرات النفط الليبية باتت حاليًا متقطعة في أحسن الأحوال، وانخفضت إلى نحو 200 ألف برميل يوميا من 1.3 مليون برميل يوميًا في عام 2011. ويؤثر هذا الانخفاض الحاد في نهاية المطاف على دخل الليبيين في تونس. كما أن هناك تكلفة أخرى تتعلق بعودة 100 ألف تونسي يعملون في ليبيا. وتمثل تحويلات التونسيين المالية ما نسبته 0.6 %من إجمالي الناتج المحلي في تونس، وهو ما شكل 276 مليون دولار في عام 2011.
ويثير هذا التدفق أيضا مخاوف أمنية. فليبيا لا تزال مدججة بالسلاح، وتعج بالمتطرفين، بما في ذلك بعض التونسيين. وهناك أيضًا توترات حادة داخل المجتمع الليبي نفسه. وقد هددت الحكومة التونسية بترحيل الليبيين المنخرطين في أنشطة سياسية، إذا لم يلتزموا بالقانون ويخطروا السلطات المعنية باجتماعاتهم. وكان لتدفق الليبيين إلى تونس كذلك جانب إيجابي. فقد عاد ذلك بالنفع على الفنادق والمطاعم والمستشفيات الخاصة والمدارس وتجارة التجزئة وشركات التوريدات والعاملين بها. وتشير بعض التقديرات إلى أن الليبيين يضخون سنويًا مليار يورو في الاقتصاد التونسي. كما تحولت بعض الاستثمارات الليبية إلى تونس.