لندن - كاتيا حداد
أعلن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، عن كتابة صفحة جديدة بين بريطانيا والسعودية في 7 مارس/آذار، عند زيارة ولي العهد السعودي، معتبرًا الأمير محمد بن سلمان مُصلحًا يستحق كل الدعم والتشجيع. وقال جونسون "قبل 73 عامًا تقريبًا في مثل هذا اليوم، سافر ونستون تشرشل إلى واحة الفيوم في مصر لعقد اجتماع مع ملك المملكة العربية السعودية عبدالعزيز بن سعود، وكتب تشرشل عن هذا اللقاء قائلًا: "قدم لي ساقي الماء الخاص به كأسًا من ماء البئر المقدسة بمكة، لقد كان ألذ ما تذوقت في حياتي".
وتابع وزير الخارجية البريطاني "فإذا كان ذلك الاجتماع في الصحراء هو فصل أول في العلاقات بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية، فإننا سنكتب صفحة جديدة في 7 مارس/آذار عندما يزور لندن حفيد ابن سعود، ولي العهد محمد بن سلمان".
واعتبر جونسون أنه "خلال الأشهر الثمانية التي انقضت، منذ أن أصبح محمد بن سلمان ولياً للعهد، قامت المملكة العربية السعودية بالعديد من الإصلاحات، فقد ألغى حظر قيادة المرأة، وخفف الفصل بين الجنسين، وأعلنت المملكة هدفًا رسميًا، بأن تشكل المرأة ما نسبته 30% من القوى العاملة، وسمح للنساء في فبراير/شباط بتسجيل أعمالهن التجارية، كما أن النساء يحضرن الآن الأحداث الرياضية، وفي الشهر المقبل ستفتح دور السينما أبوابها أمام الجميع".
وشدّد على أن من يميل إلى رفض كل تلك التطورات، يرتكب خطأ فادحاً، معتبراً أن التغيير في السعودية ليس أمراً سهلاً، مع هذا حدث إصلاح حقيقي في بضعة أشهر بعد عقود من الركود. وأشار إلى شروع ولي العهد ووالده الملك سلمان معاً نحو تجديد اجتماعي واقتصادي في السعودية، إذ إنهما أطلقا برنامجًا وطنيًا يعرف باسم رؤية_2030.
وتطرق في مقاله إلى إعلان ولي العهد في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن الهدف الرئيسي من حملة الإصلاحات هو بناء "دولة إسلام معتدل مفتوحة لجميع الأديان والعالم، والقضاء على مروجي الأفكار المتطرفة". وأما للمشككين، فاعتبر جونسون أن الأمير محمد لم يكن يوجه خطابه وكلامه للأجانب، ولم يكن يتحدث باللغة الإنجليزية في عاصمة غربية، بل كان يتحدث بالعربية لجمهور في الرياض. وأضاف "لقد أثبتت كلماته صدقها، وذلك بإنشاء مركز جديد في عاصمته لمكافحة تمويل الإرهاب".
وأكد الوزير البريطاني أن ولي العهد، الذي يبلغ من العمر 32 عامًا، أثبت قولاً وفعلاً أنه يهدف إلى قيادة السعودية نحو توجه أكثر انفتاحًا. واعتبر أن أسوأ استجابة لذلك هي أن تقوم بريطانيا بتوجيه الانتقادات غير المباشرة أو التجاهل بدل التشجيع. واعتبر أن أهمية زيارة ولي العهد إلى لندن تأتي من كونها ستشكل فرصة لتعزيز علاقات بريطانيا مع السعودية، باعتبارها غاية في حد ذاتها، وأفضل وسيلة لتعزيز الإصلاح.
وذكر أن عشرات الآلاف من الوظائف البريطانية تعتمد على الصادرات إلى السعودية، والتي زادت إلى 6.2 مليار جنيه إسترليني عام 2016، وهذا ارتفاع بنسبة 41 في المئة منذ 2010. وأما في ما يتعلق بالأمن ومكافحة الإرهاب، فقال جونسون "عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على سلامة بريطانيا، فقد كانت الاستخبارات السعودية عاملًا مهمًا في مكافحة الإرهاب، بل إن حياة البريطانيين قد أنقذت، بسبب تعاوننا الأمني مع السعودية، وقد كانت هذه العلاقة منذ فترة طويلة مهمة للأمن العالمي".
وشدّد على أن السعودية كانت حليفًا قويًا أثناء الحرب العالمية، وأيضاً في خضم الاضطرابات في الشرق الأوسط، إذ تصرفت المملكة بشكل عام بصفتها قوة للاستقرار والاعتدال. وقد كان الملك الراحل عبد الله، الذي رمى بثقله الدبلوماسي، وراء حل الدولتين للصراع العربي الإسرائيلي من خلال اقتراح مبادرة السلام الجريئة.
وتابع كاتبًا "واليوم، تتعاون بريطانيا والسعودية في مواجهة سلوك إيران التخريبي في الشرق الأوسط وإنهاء الحرب في اليمن، وقد اتخذ الملك سلمان العام الماضي قرارًا حكيمًا في التقارب مع الحكومة في العراق، الأمر الذي سيساعد في استقرار البلاد بعد هزيمة "داعش". وختم قائلاً: "إن سياستنا الخارجية تعتمد على تعزيز الأمن والازدهار للشعب البريطاني مع التمسك بقيمنا بصفتنا قوة ساعية للخير، ولهذا لا يُمكننا تحقيق أي من هذه الأهداف ما لم نجتمع مع القيادة السعودية على أسس ودية ومتساوية. لقد كان نهجًا صحيحًا عندما شرب تشرشل الماء النابع من مكة مع الملك عبد العزيز بن سعود في عام 1945، ولا يزال نهجًا صحيحًا في يومنا هذا".