تونس - حياة الغانمي
لا حديث هذه الايام الا عن التونسيين الذين ترغب البلدان الاجنبية وخاصة الاوروبية منها ترحيلهم بسبب وضعياتهم غير السوية أو بسبب شبهات في علاقاتهم او ارتباطاتهم بمجموعات او تنظيمات إرهابية. شباب تونس الذين ثاروا ضد الظلم وضد الديكتاتورية فصنعوا لنفسهم ثورة ومجدا وجعلوا من تحركاتهم الثورية البطولية قدوة لبقية الشعوب، اصبحوا غير مرغوب فيهم في بلدان كانت بالنسبة اليهم الحلم والملاذ.. فهؤلاء هاجروا لانهم عاطلون عن العمل، ولأن الدنيا اسودت في عيونهم ولانهم يحلمون بمستقبل جميل.. ركبوا الخطر ،غامروا، تجاوزوا القانون ورموا بانفسهم في احضان البحار العميقة رافعين شعار "يا نعيشوا عيشة فل يا نموتوا الناس الكل". هكذا يفكر اغلب المهاجرين السريين...شباب من مختلف الاعمار والفئات، اختاروا "الهجرة السرية" على البقاء في تونس بلا مستقبل...رحلات الهجرة غير الشرعية التي تكون على قوارب صغيرة"شقف" تنطلق من عدة نقاط ممتدة على طول الشريط الساحلي التونسي "1300 كيلومتر". ولأن كل مقومات الرحلة لا تستقيم، فان النهاية غالبا ما تكون مأساوية..فاما يفقد "الغارقون " في عرض البحر او يتم اعتقالهم في السجون الايطالية...
قرابة 40 الف شاب تونسي هاجر الى اوروبا بطريقة غير شرعية خلال الفترة التي تلت الثورة.قرابة 4 الاف من شبابنا يقبعون وراء القضبان في سجون البلدان الاوروبية التي هربوا اليها.مئات التونسيين لقوا حتفهم في البحار واخرون مصيرهم مجهول وعائلاتهم لا تعرف عنهم شيئا.
الفقر سبب هروبهم من تونس
عشرات الآلاف من الشباب التونسي ذكورًا وإناثًا، من العاطلين عن العمل وحاملي الشهادات الجامعية، توجهوا نحو البحر الأبيض المتوسط، خلال السنوات الخمس الماضية، فبينما تظهر دراسة حديثة أن حوالي 80% من المهاجرين السريين، ينحدرون من الجهات المحرومة والأحياء الشعبية الفقيرة، فهي أيضًا تذكر أن هناك تحولًا نوعيًا شمل أبناء الطبقة الوسطى، من معلمين وأساتذة وكوادر إدارية بنسبة 20%!...دراسة أخرى أعدها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تُبيّن أن 46% من المهاجرين، تتراوح أعمارهم بين 15 عامًا و24 عامًا، وأن 45% منهم من فئة العاملين اليوميين، في حين ان 24% هم من التلامذة، وهو ما يثير قلقًا بالغًا من انسداد الآفق أمام الأجيال الأصغر في تونس.وتظهر الدراسة أنّ اغلب المهاجرين غير الشرعيين يأتون إما من الأحياء الشعبية، سواء من العاصمة، أو من المناطق الريفية الداخلية التي تعـيش فقرًا مدقعًا.
ومن بين الاسباب التي دفعت الشباب التونسي،الى الهجرة غير الشرعية هو انه فقد الثقة في السياسيين "التوانسة"، وفي قدرتهم، أو رغبتهم أصلًا في التغيير . كما أن ظروف ما بعد الثورة، سهلت عمليات الهجرة غير الشرعية، كفقدان السّيطرة على الحدود، وحالة الانفلات الأمني التي تشهدها سواحل تونس، إضافة إلى تأزم الوضع في ليبيا، وغياب المراقبة الأمنية على الشواطئ الليبية, كذلك لا يُمكن إغفال جُهد المافيا وعصابات الهجرة غير الشرعية، التي تمكنت من جعل الهجرة غير الشرعية، تجارة مُربحة.
ويُعد تنظيم "داعش"، أبرز الجماعات المسلحة المستقطبة للشباب التونسي، إذ ارتفع عددهم في سورية وحدها إلى 5 الاف تونسي تقريبا .حيث ان استقطاب الجماعات المُسلحة، للشباب التونسيين، يُعد سببًا رئيسًيا في زيادة معدلات الهجرة غير الشرعية.
ومن نتائج الهجرة غير الشرعية كائن ما كانت أسبابها،تونسيون مفقودون في ايطاليا، اخرون مفقودين في العراق،غيرهم في ليبيا وعدد كبير منهم في سورية.. تونسيون في عمر الزهور غرتهم امانيهم فهاجروا الى بلدان اخرى فاختفوا تماما وتركوا عائلاتهم تطرق كل الأبواب عساها تعثر على معلومة تشفي غليلهم وتطفئ نيرانهم.
ولأن الحكومة لم تتمكن، حتى الآن، من وقف تلك الهجرة غير الشرعية، أو على الأقل الحد منها، كما تظهر الأرقام، اضطرت الدول الأوروبية المعنية، بمنع تدفق التونسيين إلى بلادها، لمساعدة الحكومة التونسية..