الدار البيضاء - جميلة عمر
نظّم مركز الإصلاح والتهذيب التابع إلى سجن عكاشة صباح اليوم الثلاثاء الملتقى الوطني الأول للتأهيل والإبداع لفائدة الأحداث نزلاء هذا المركز، والذي تنظمه المندوبية العامة بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء والمجلس الوطني لحقوق الانسان، وتساهم في تنظيم فقراته عدة جمعيات تعمل في هذا المجال، وخلال كلمة افتتاحية صرّح المندوب السامي لإدارة السجون محمد صالح التامك، " بأن معاملة النزلاء الأحداث وتدبير ظروف اعتقالهم لا يمكن مقاربته بمعزل عن مقاربة شمولية تتفاعل مع الظروف الاجتماعية للأحداث وأسرهم، ومع أسباب جنوحهم وانحرافهم.
كما لا يمكن تأسيسها وتطويرها بمعزل عن تقييم دقيق وشمولي للسياسة الجنائية القائمة حول جنوح الأحداث، وتحديد واضح لأهدافها العقابية، على أساس اعتبار المصلحة الفضلى للحدث الجانح، التي تقتضي اندماجه وعدم عودته إلى الجريمة بعد الإفراج". مضيفا، أنه "في ضوء العديد من الدراسات التي أجريت حول جنوح الأحداث، تأكد أن العقوبة السالبة للحرية يجب أن تكون الإجراء الأخير والاستثنائي في مواجهة انحرافهم وجنوحهم، باعتبار أنهم، بحكم سنهم، لم يكتمل لديهم النضج الانفعالي ولا بناء الشخصية، فضلا عن كون سلوكهم يحكمه في غالب الأحيان الاندفاع والرغبة في الاختلاف والمواجهة وإثبات الذات، وهو ما يستلزم لمعالجة جنوحهم إعمال مقاربة علاجية تربوية تعتمد الفضاء المفتوح أو شبه المفتوح، أو الفضاء الطبيعي، وبتعبير أدق المدرسة والأسرة ودور الثقافة والشباب، وهي الفضاءات المثلى لتفعيل هذه المقاربة العلاجية".
مردفا ، أنه "من الضروري التذكير أيضا بالوضعية الاجتماعية والاقتصادية لهؤلاء الأحداث، التي تتسم بتدني المستوى التعليمـي والهدر المدرسي، حيث أن أكثر من 93 في المائة من الأحداث نزلاء السجون يقل مستواهم الدراسي عن الإعدادي، وضعف الدخل الأسري والنسب المقلقة لحالات العود في صفوفهم. وتستلــزم هذه العوامل بالضرورة رصد إمكانيات مهمـة علـى مستوى البنيــات التحتية والتجهيـــزات والتأطيــر المتخصص والملائم لحاجياتهم وخصوصياتهم لا تتوفر للأسف الشديد بالمستوى المطلوب لدى قطاع إدارة السجون وإعادة الإدماج".
وأكد ارتفاع عدد المعتقلين الأحداث بالسجون الذين لا يتجاوز سنهم العشرين سنة بنسبة 55 في المائة مع تسجيل ارتفاع أكبر في صفوف الأحداث الذين لا يتجاوز سنهم18 سنة،وذلك بنسبة 140 في المائة. فضلا عن ذلك، تتجاوز نسبة الاحتياطيين في صفوف هاته الفئة الأخيرة من الأحداث، وإلى حدود الشهر الجاري 83 في المائة".
وشهد الملتقى مشاركة أكثر من700 نزيل بمراكـز الاصلاح والتهذيـب بكل من الدارالبيضاء، سلا، وبنسليمان، تتوخى المندوبية العامة من تنظيمه تمكين النزلاء الأحداث من موعد سنوي يفسح المجال لهم للتأهيل والتباري في مجالات تعنى بالشأن الثقافي والتربوي والرياضي، بعد أن يكونوا قد تلقوا مسبقا في هذه المجالات تأهيلا وتدريبا على مدار السنة الدراسية. ويتضمن هذا الملتقى ضمن فقراته ست محاضرات تتناول المعطيات المتصلة بالاستراتيجيات الوطنية المعتمدة في مجال تأهيل الشباب وإدماج من هم في نزاع مع القانون، وكذلك الاشكاليات المتصلة بدور الأسرة في التنشئة الاجتماعية للطفل والمراهق، والعوامل المساهمة في انحراف الشباب، بالإضافة إلى دور القيم الدينية والتربوية في تحقيق أمنهم وتعلمهم واندماجهم بشكل سليم وفعال في المجتمع.
كما يشمل الملتقى مسابقات في أنواع رياضية مختلفة بالإضافة إلى ورشات تأهيلية في عدد من المجالات الثقافية والفنية وكذلك ورشتين حول معالجة الإدمان والمصاحبة النفسية الاجتماعية، ويشكّل هذا الملتقى نموذجا للبرنامج المنظّم لفائدة النزلاء الأحداث برسم السنة المقبلة وفرصة لإشراكهم وأسرهم في قياس ملاءمته لحاجياتهم ولمتطلبات ادماجهم بعد الإفراج من خلال تفاعلهم مع فقراته.