الدار البيضاء : جميلة عمر
دعا الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، أنيس بيرو، خلال ندوة نظمت في فندق وسط العاصمة البلجيكية بروكسيل، حول الهجرة والثقافة، إلى تفادي ربط الإسلام في أوروبا بالراديكالية، مشيرًا إلى أن المتطرفين والإرهابيين لا يمثلون إلا نسبة ضئيلة من المجتمع المسلم ببلجيكا، والذي لا يتحمل أي مسؤولية فيما يقع من أحداث إرهابية.
وأضاف الوزير، أن المجتمع المسلم في بلجيكا يتكون من أطباء ومهندسين ومحامين ومنتخبين وعمال اندمجوا اندماجا كاملا ويسهمون في رقي بلدان الاستقبال. مؤكدا أن الجيلين الثاني والثالث يخلفان الجيل الأول الذي اشتغل في المناجم ومعامل السيارات، ودفع الثمن غاليا من أجل العيش وسط المجتمع الأوروبي.
وأكد الوزير المغربي على ضرورة بذل مجهود مشترك من أجل تفادي الصورة النمطية والتحرر من الشك تجاه المسلمين، والمساهمة بشكل قوي في توضيح الأمور، مبرزا أن الجيل الأخير بنجاحاته واندماجه يمكنه المساهمة كمحرك للتحرير من الأحكام المسبقة، مشددا على أنه يستحق أن يحترم وأن يقدر.
وأشار إلى أن والتطرف يجب أن يحارب بالعمل المشترك بين جميع مكونات المجتمع، معتبرا أن الأمر يتعلق بمعركة معقدة على المدى البعيد وتحتاج للتعاون والتقارب وللتفكير المشترك لإسقاط حاجز الخوف وهدم دعوات الكراهية والعودة إلى الثقة. واسترسل الوزير في كلمته قائلا: "لنتشبت بعادتنا الدينية والثقافية، كما قال العاهل المغربي"، مضيفا، وندعو كذلك إلى مواطنة فاعلة ومشاركة في بلد الاستقبال من أجل العيش المشترك في سلام.
وقدم الوزير خلال هذه الندوة، أهم التحركات والمبادرات المغربية في مجال محاربة التطرف، ذاكرًا منها ما تقوم به مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ومجلس الجالية المغربية بالخارج ومؤسسة الحسن الثاني لمغاربة الخارج.
وافتتح وزير الثقافة والشباب الفلامني، سفين كاتز، مداخلته بالتأكيد على تتبعه خطاب الملك محمد السادس الأخير حول التطرف، واصفا إياه بالشجاع، وزاد: "خطاب شجاع وواضح جدا؛ وذلك ما نحتاجه في رجالنا ونسائنا، الشجاعة لمواجهة الأخطار المحدقة بنا؛ واعتبر الوزير الفلامني أن بلجيكا تضم ديانات وجنسيات مختلفة، مشيرا إلى أن ذلك التعدد والاختلاف لا يجب أن يكون مانعا في طريق البحث عن مواطنة موحدة تجمع البلجيكيين، مؤكدا أن ذلك هو الحل الكفيل بـ"تجاوز المحنة التي نعيشها الآن".
وشدد سفين كاتز، خلال مداخلته، على ضرورة العمل في الواقع وعدم الاكتفاء بتقديم خطابات، داعيا إلى العمل على خلق مبادرات فاعلة وقادرة على تغيير الواقع، مؤكدا تأييده الكامل لمداخلة الوزير المغربي أنيس بيرو. وكشف الوزير الفلامني أن الحكومة ماضية في العمل لتحسين ظروف معيش الشباب وتحقيق مطالبهم، موردا أن نسبة البطالة سجلت انخفاضا تاريخيا، معترفا بأن ذلك غير كاف بالرغم من وصول فئة كبيرة إلى سوق الشغل.
وفسح المجال، في ختام الندوة، لتوقيع اتفاقية بين الوزير المغربي والوزير الفلامني حول المركز الثقافي "دارنا"، والذي كان يحمل اسم "داركم" سابقا قبل أن يتقرر باتفاق مشترك بين الجانبين تغيير مقره وطريقة تدبيره؛ وشارك في هذه الندوة كل من وزير الثقافة والشباب الفلامني سفين كاتز، وحضور سفير المغرب في بلجيكا سمير الدهر، وفعاليات جمعوية وحقوقية والسياسية المغربية والبلجيكية.