الدار البيضاء - جميلة عمر
أدى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، صلاة الجمعة في مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء، واستهل الخطيب خطبته، بالتأكيد على أن واجب العلماء، عند تبليغ الدين، على المنابر وفي مختلف المناسبات، هو بيان فضائل الإسلام وقيمه وأخلاقه، وهي قيم وأخلاق لو اتّبعت وعمل بها لتحقّق الإصلاح في جميع المجالات، ولتنزّلت البركات في الأموال والخيرات، ولتجنّبت المجتمعات الإسلامية كثيرًا من الأمراض والآفات، مضيفًا أنّه وجب التذكير بهذه القيم وتكرار شرحها لأن الذكرى تنفع المؤمنين، إنها أخلاق مثلى تمس وتعالج جوهر الإنسان لأنها تستند إلى الوحي، وإلى العقيدة الإسلامية التي تنبني على الثواب والجزاء الأخروي، وهذا ما يميّز المنظور الإسلامي للقيم، لأنه يرسخ مفهوم العبودية والاستخـلاف في الأرض
وأشار الخطيب إلى أن القيم الإسلامية شملت كل نواحي حياة الإنسان، علاقته بخالقه، علاقته بغيره، وعلاقته بنفسه، فهي قيم توجه السلوك العام داخل الأسرة والمجتمع، وبين كل واحد من أفراد الأسرة، ثم تتوسع الدائرة لتشمل الجار القريب والبعيد، والجار المسلم وغير المسلم، إلى أن يصل مداها إلى المجتمعات الإنسانية كلها.
وذكر الخطيب، أنه من أرفع قيم هذا الدين أنه نظم العلاقة بين أفراد الأسرة والمجتمع على أساس احترام الكبير، وتوقير الصغير، والتودد للأطفال، والعدل بينهم، وحماية حقهم في التربية على مكارم الأخلاق، وتعليمهم ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، كما ألزم الأبناء ببر الوالدين خاصة عند كبرهما، فأمر بطاعتهما في المعروف، وأوجب النفقة عليهما عند الحاجة والعوز، والدعاء لهما بعد موتهما، وإكرام وصلة أصدقائهما، وعد ذلك من البر بهما.
ونبّه الخطيب، إلى أن مخالطة الناس تحتاج إلى التحمل والتجمل بالصبر على أذاهم، وأمر بالنصيحة لهم، والعفو والصفح عمن أساء منهم، مصداقا لقوله تعالى "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين"، مؤكّدًا أنّ الإسلام دعا إلى تجنب كل ما يسيئ إلى العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، من غيبة ونميمة، وظلم واعتداء على الأنفس والأموال والأعراض، وقطيعة الرحم، وكل غرور وتكبر، وغير ذلك مما يفسد المودة بين الناس، ويهضم الحقوق، وينشر العداوة والحقد، ويورث البغضاء، وسجل أن كل تلك الأوامر والنواهي تشكل نظاما قويا للعلاقات الاجتماعية التي أرسى الإسلام دعائمها، وجعلها قوة دافعة لفعل الخير، ورادعة لفعل الشر.
وأشار الخطيب إلى أن توجيهات الإسلام لا تقف عند هذا الحد، بل تتعداه لتشمل كل السلوكات التي تقوي وشائج المحبة والمودة والقربى، والتآزر والألفة بين المسلمين، وبينهم وبين غيرهم، وتلك واحدة من أعظم مظاهر هذا الدين، مبرزًا أن هذه الأخلاق قيم خالدة وكونية، لا تتغير بتغيير الزمان والمكان، وذكر بأن الإسلام وضع ضوابط شرعية لكل جانب من جوانب حياة المسلم، تضبط نفسه، وتعامله وتعايشه مع غيره، ومع المحيط الذي يعيش فيه، وعزز ذلك بمنظومة متكاملة من القيم والمثل العليا التي إذا أحسن الإنسان الاستفادة منها أفلح في الدنيا والآخرة.