الرباط-رشيدة لملاحي / تصوير أمين مرجون
اعترف الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة السابق، إلياس العماري، أنه ضمن الطبقة السياسية التي وجّه لها الملك محمد السادس انتقادًا شديدًا، مشيرًا إلى أنه معني بالخطاب الملكي ويستحق العقاب والمحاسبة خلافًا للمبتهجين من زعماء الأحزاب والسياسيين.
وأوضح العماري، الذي قدم استقالته من الأمانة العام للحزب، الثلاثاء، في مقر حزب"البام" في الرباط، أن قرار الاستقالة قرار شخصي لا علاقة له بتعليمات من جهات عليا لم تعد راضية عن قيادته للحزب في المرحلة الحالية، مؤكدًا أنه "لم يكن يعمل لحساب أي جهة، وأن قراره ليس له طابع سياسي وليس مزايدة".
وأضاف العماري أن قراره فاجأ مناضلي الحزب وللمكتب السياسي، مشيرًا إلى أنّ انسحابه من الأمانة لا يعني انسحابه من الحزب، ومبيّنًا أنّه من الرواد المؤسسين للتنظيم السياسي، وسيعمل من أي موقع كان، وأن قراره مبني على معطيات موضوعية، منها التقارير المختلفة عن وضعية الحزب، والتي دفعته للاستقالة بعدما كان مترددا في تقديمها"، حيث شدد على أنه يتحمل المسؤولية الكاملة ويستحق العقاب والمحاسبة عليها، على خلفية منح تزكيات إلى برلمانيين لم يلتزموا بضوابط الحزب وتغيبوا بشكل متعمد عن جلسات البرلمان المغربي، قائلا "أنا مسؤول عن ذلك لأنني أنا من اخترت هؤلاء ووقّعت التزكيات لهؤلاء المنتخبين ووجب أن أعاقب".
وكان المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، قد أعلن أنّ الأمين العام للحزب إلياس العماري، قد قدّم استقالته من قيادة حزب "البام"، مشيرًا إلى أنّه "بحكم مسؤولية إلياس العماري السياسية كأمين عام أشرف على مختلف المحطات خلال سنة ونصف، من بينها محطة الانتخابات، تقدم العماري باستقالته من منصبه أمين عام لحزب "الجرار" وأكد أنه سيظل كما كان، مناضلا ضمن صفوف الحزب وأجهزته"، وبيّن المكتب أنّه "بعد نقاش مستفيض أجمع أعضاء المكتب السياسي على رفضهم للقرار الفردي للسيد الأمين العام، وأمام تشبث السيد إلياس العماري بقرار الاستقالة، فقد قرر المكتب السياسي عرض الاستقالة على أنظار المجلس الوطني للحزب".
وأوضح المكتب، أن بعض رؤساء بعض المناطق في المغرب،عبّروا للحزب على أنهم لا يمكنهم الاستمرار في تأدية وظائفهم بشكل سليم نتيجة ضعف الإمكانيات وعدم التفاعل الإيجابي للحكومة معهم، كما أن البعض الآخر من رؤساء الجماعات سيعلن الحزب عن قرارات بحقهم بسبب عدم التزامهم بتوجيهات وقرارات الحزب.
وأضاف المكتب السياسي أنه "سينذر الحزب البرلمانيين الذين لم يحترموا مدونة السلوك، كما سيتم الإعلان عن أسماء المتخلفين عن جلسات البرلمان ولجانه الدائمة للرأي العام، وذلك إلتزامًا بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة واحتراما للشعار الذي رفعه الحزب خلال حملته الانتخابية وهو التغيير الآن". ووجّه العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة "عيد العرش"، انتقادات شديدة للطبقة السياسية، التي أفرزت مناخًا سياسيًا نتج عنه فقدان المواطن الثقة في النخبة السياسية، مؤكّدًا أنه لم يعد يثق في الطبقة السياسية وممارستها لمسؤوليتها تجاه المواطنين، حينما يتعلق الأمر بالإنجازات تسارع إلى الترويج لها والتهافت على الإعلام، دون تفعيل على أرض الواقع، ووجه خطابه بلغة غاضبة من الأحزاب السياسية المغربية، موضحًا تفهّمه لفقدان ثقة المواطنين في المسؤولين السياسيين، ومشيرًا إلى أنه الشعور يتقاسم معهم هذا الشعور"، مذكرًا بربط المسؤولية بالمحاسبة، "من حق المواطن أن يتساءل ما الجدوى من قيام الانتخابات وتعيين القناصل والولاة و المواطنين بكل بساطة لا يثقون في الطبقة السياسية وبعض الفاعلين أفسدوا السياسة"، مردفًا "إذا كان الملك لا يثق في هؤلاء فماذا عن الشعب أقول لهؤلاء كفى".
وعبّر الملك محمد السادس عن غضبه من بعض مسؤولي الإدارات العمومية الذي يتهاونون تجاه مسؤولياتهم الإدارية، محذرًا من هذه السلوكيات التي تضر مصالح المواطنين واعتبره ريعًا وظيفيًا، قبل أن يطالب من يبرر التهاون في مسؤولياته بمنعه عن العمل بتقديم الاستقالة فلا أحد سيمنعه من ذلك،، مضيفًا أنّ "الواجب يقتضي أن يتلقى المواطن أجوبة معقولة ولو بالرفض الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني عندما يتعلق الأمر بقضاء حوائجهم"، ووجه رسائل سياسية غاضبة للوزراء والمنتخبين في مختلف مناطق المغرب الذي يتعهدون في حملاتهم الانتخابية بتحقيق وعود للمواطنين، إلى جانب تحمّل بعضهم المسؤولية في فشل مشاريع اقتصادية والاجتماعية، قائلا "فشل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية خيانة للوطن".
وبيّن العاهل المغربي، أنّ تدبير الشأن العام ينبغي أن يظل بعيدًا عن المصالح الشخصية والحزبية، وعن الخطابات الشعبية، موضحًا أن الأحداث التي تعرفها بعض المناطق أبانت عن انعدام غير مسبوق لروح المسؤولية، حيث بيّن أنّه بدلًا من أن يقوم كل طرف بواجبه الوطني والمهني، ويسود التعاون وتضافر الجهود لحل مشاكل سكان، انزلق الوضع بين مختلف الفاعلين إلى تقاذف المسؤولية، وحضرت الحسابات السياسية الضيقة، وغاب الوطن، وضاعت مصالح المواطنين، ووجه الملك محمد السادس انتقادًا شديدًا للأحزاب المغربية، مشددًا على أن بعض الأحزاب تعتقد أن عملها يقتصر فقط على عقد مؤتمراتها..