الدار البيضاء : جميلة عمر
نظمت جهة الدار البيضاء-سطات ورشة عمل في قاعة المحاضرات بالمكتبة الوسائطية لمؤسسة مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء، حول إشكالية مستودعات الأموات والمقابر بتراب الجهة، هذا الموضوع الذي يكتسي أهمية إنسانية وحضارية كبرى، باعتبارها مجالات ينبغي أن تتبوأ مكانة مركزية تحترم كرامة الإنسان الذي انتقل إلى رحمة الله وأيضا الإنسان الحي الذي تعتبر المقابر جزءا لا يتجزأ من المشهد العام الذي ينظم اجتماعه البشري، فحالة المقابر يمكن اتخاذها مؤشرا على مدى تحضر الشعوب وتجذر القيم الإنسانية في نظرتها للكون والحياة والإنسان، وسواء كانت هذه المقابر تنتمي إلى المشهد الحضري في المدن أو إلى المشهد القروي في البوادي، فإن ثمة مقاييس ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار حين إيواء هذه المقابر في المجال العام، فلا يعقل بأي حال من الأحوال اعتبار المقابر مجالا "ميتا" لمجرد أنه يأوي "الموتى"، بل جزءا "حيا" من المشهد العام الذي يؤثث المشهد العمراني المعاش
وشكلت هذه الورشة فضاء للتواصل والتفاعل وفتح باب النقاش لإيجاد حلول بديلة لتأهيل وإعادة تهيئة مستودعات الأموات والمقابر، بإشراك جميع الأطراف المعنية بتدبير هذا القطاع على مستوى تراب الجهة وجعل مجالاتها ضمن أولويات خطط وإستراتيجيات البرنامج التنموي الجهوي ومخطط إعداد التراب لتأثيث فضاءاتها وفق رؤية تنموية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الجانب الوظيفي للمقابر من الزاوية الدينية والروحية وأيضا بعدها الجمالي الذي وجب أن تتبوأه داخل الفضاء العام، فتبني رؤية شمولية لتدبير إشكالية مستودعات الأموات والمقابر بتراب الجهة أصبحت اليوم تفرض نفسها بإلحاح. وقد كانت الغاية المرجوة من هذه الورشة التشاركية هي الخروج بمقترحات وتوصيات عملية دقيقة قابلة للتطبيق في أسرع وقت ممكن من أجل إنقاذ وإعادة الاعتبار والاعتناء بهاته المجالات، وتنظيمها وصيانتها والمحافظة عليها، اعتمادا على المعطيات الميدانية والمقاربة السوسيو-أنثربولوجية التي تسعى إلى فهم علاقة المواطن بالمقابر وكيفية تعامله معها، وكذلك كيفية تعامل المسؤولين على تدبير هذه "المنشآت العمرانية" التي هي جزء لا يتجزأ من المجال العام ويفترض أن تشكل جزءا من التدبير اليومي للقطاع الترابي