باريس - المغرب اليوم
كشف المؤرخ الفرنسي جان بيار رييرا، أن حوالي 40 ألفا من الجنود المغاربة خاضوا تحت راية فرنسا كل المعارك الكبرى في الحرب العالمية الأولى، أي بما يقارب نسبة 7 في المئة من مجموع المجندين المتحدرين من المستعمرات الفرنسية آنذاك. وأوضح المؤرخ الذي شارك في تأليف كتاب "أنا..إخوة السلاح في الحربين العالميتين"، أن أؤلئك الجنود كانوا ينقسمون بين الرماة، أو أفواج القناصة المشاة كما كانوا يسمون من جهة، ومن جهة ثانية الخيالة أو "السبايسة". وأشار الى أنه جرى تجنيدهم بشكل طوعي في مرحلة أولى. وقدِموا بمعظمهم من البوادي، من دون أن يعرفوا ماذا كان ينتظرهم على جبهات القتال، شأنهم في ذلك شأن كل المشاركين في الحرب.
وقال رييرا في حديث لوكالة "فرانس برس" إن "السلطات الفرنسية قد خصصت مكافأة مالية لتشجيع المتطوعين، لكنها كانت أقل قيمة من الرواتب التي كانت تمنح للجنود الفرنسيين. وبما أن الحاجة كانت متزايدة لعدد أكبر من الجنود، فقد تمّ تجنيد بعضهم بالقوة.
وخاض الجنود المغاربة كل المعارك الكبرى للحرب العالمية الأولى. بمجرد وصولهم إلى فرنسا، وخصوصا مدينة "بوردو"، حيث شارك رماة من الجنود المغاربة في المرحلة الأولى لمعركة "لامارن" في 5 سبتمبر/أيلول 1914 ليخوضوا مواجهات شرسة. وفي أواخر ذلك العام، شاركوا في مطاردة الألمان خلال ما سمي بـ"السباق نحو البحر".
ويتابع رييرا يقول: "وفي 1915، كانوا ضمن المشاركين في هجومين كبيرين شنهما الجيش الفرنسي في منطقتي أرتوا وشامبان." وأردف المؤرخ الفرنسي: "أما في 1916، فشاركوا في معركة "فردان"، ثم في معركة "شومان دي دام" الشهيرة في السنة التالية. وعندما بدأ الألمان الزحف نحو باريس سنة 1918، شارك الرماة المغاربة في دعم القوات التي تصدت لهم. كما شاركوا في المعارك التي تلت هذه المواجهة ومكنت من تحرير التراب الفرنسي".
وقد بلغت خسائر الجنود المغاربة في هذه الحرب حوالي 26 بالمئة بين قتيل وجريح ومفقود. وهو ما يقارب نسبة 24 بالمئة من الخسائر البشرية المسجلة في صفوف الجنود الفرنسيين. وقد سجلت أعلى الخسائر في صفوف الرماة مقارنة مع الخيالة لأن موقعهم كان على الخطوط الأمامية لجبهات القتال في كل الهجومات الكبرى. لكن رييرا نفى أن يكون ذلك من باب استعمالهم دروعا بشرية، بل كان ناتجا عن قدراتهم القتالية الهائلة.