الجزائر – ربيعة خريس
تعّول حكومة الوفاق الوطني الليبية، برئاسة فايز السراج, على الجزائر لمنع التدخل العسكري المصري إلى ليبيا، وإقناع مصر في الاجتماع الإقليمي الذي ستحتضنه العاصمة الجزائر, الاثنين, لإعداد تقييم للوضع في ليبيا على ضوء التطورات الأخيرة على الصعيدين السياسي والأمني.
وستعمل الجزائر رفقة تونس من أجل إيجاد صيغة أكثر شمولاً, في وقت تشهد المساعي الدبلوماسي تفككًا ملحوظًا, حيث عاد الوضع في ليبيا إلى نقطة الانطلاقة بعد بروز خلافات بين رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فايز السراج، وقائد الجيش الوطني الليبي، اللواء خليفة حفتر، بسبب التصعيد العسكري الذي عرفته المنطقة منذ نهاية الأسبوع المنصرم.
وشهدت الأحداث في المنطقة تسارعا بشكل لافت في ظل الهجمات العسكرية التي شنتها قوات حفتر على قاعدة " الجفرة" الجوية إلى الجنوب, وشكل هذا التطور معرجًا خطيرًا للمشهد الليبي.
وعلى ضوء هذه المعطيات يرى متتبعون للمشهد الليبي أن الوضع في المنطقة يتجه نحو التعقيد, قد يدخل البلاد في متاهات إضافية هي في غنى عنها، وستلقي بظلالها كثيرًا على دول جوار ليبيا خاصة الجزائر, وأجمعوا على أن اللواء حفتر يريد بسط سيطرته على أكبر مساحة ممكنة في ليبيا, تحسبًا لأي مفاوضات مع حكومة الوفاق الوطني لأجل التفاوض معها من موقع قوة, ورغبته في اعتلاء كرسي قيادة الجيش الليبي في حالة توصله إلى اتفاق مع رئيس حكومة الوفاق الوطني، فيما دعت قيادات ليبية الجزائر إلى لعب دور أقوى والضغط على مصر لرفض التدخل العسكري والأجنبي في المنطقة.
واعتبر رئيس حزب العدالة والبناء في ليبيا, محمد صوان, في تصريحات صحافية, أن مواصلة القصف المصري على ليبيا هو انتهاك للسيادة الوطنية ومخالف لقوانين الجمهورية, مشيرًا إلى أن المنطقة ستتكبد أعباء إضافية ستثقل كاهلها، موضحًا أن رفض التدخل العسكري المصري في ليبيا يوحد الليبيين كافة في مختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم، كما علّق على الموقف الجزائري من هذه المسألة قائلًا " تداولت معلومات خلال الساعات الماضية تؤكد رفض الجزائر لأي تدخل عسكري في ليبيا, ونأمل أن تضغط الجزائر على مصر لوقف تدخلها العسكري".
وكشفت تقارير إعلامية أن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي, فايز السراج, اتصل شخصيًا بمدير ديوان الرئيس الجزائري أحمد أويحي وطالب منه تدخل الجزائر لوقف التصعيد في المنطقة، بينما كشفت مصادر دبلوماسية جزائرية أن الجزائر تشعر بالقلق من التطور المفاجئ الذي شهدته ليبيا، خاصة وأنها تنتهج مبدأ التدخل العسكري, ورفضت عام 2013 تدخل فرنسي عسكري في مالي, بينما وأعلنت الجزائر خلال الساعات القليلة الماضي حالة الاستنفار الأمني على حدودها الشرقية مع الجارة ليبيا تحسبا لحدوث أي طارئ.
وقال الخبير في الشؤون الأمنية , أحمد ميزاب, إن اللقاء الثلاثي لوزراء خارجية مصر وتونس والجزائر المقرر عقده الاثنين في الجزائر العاصمة, يندرج في إطار البحث عن حلول لاحتواء انفلات الوضع الأمني في ليبيا, ولم يستبعد المتحدث إمكانية تفعيل مخطط استعجالي لدول الجوار والضغط على القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر, للعدول على الخيار العسكري الذي سيغرق المنطقة في بحر من الفوضى وتغليب لغة الحوار ووضع مصلحة الشعب الليبي فوق كل اعتبار.