الجزائر – ربيعة خريس
لم تجد دعوة رئيس الحكومة الجزائرية، عبد المجيد تبون، إلى حوار مفتوح بين الحكومة والمعارضة بشأن الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية، أذان مصغية من قبل أحزاب المعارضة الجزائرية، رغم أنها رحبت بها، واعتبرت أن كل ما قال عبد المجيد تبون هو محاولة للتهدئة السياسية ومن أجل نفي كل الوعود التي أطلقها يتطلب هذا إرساء معالم التوافق الوطني.
وكسر رئيس الوزراء الجزائري، عبد المجيد تبون، قاعدة سابقين في المعاملة، وقال أخيرا إن الحوار وحده وتضافر الجهود بين الخيريين من السلطة والمعارضة كفيل بإخراج الجزائر من الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة التي تمر بها البلاد، كما أن كل التصريحات التي أدلى بها منذ تعيينه على رأس الحكومة الجزائرية جاءت مخالفة تماما لتصريحات رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال، الذي نفى أيام قبيل مغادرته الطاقم الحكومي وجود أزمة، ووجه اتهامات لاذعة للمعارضة مفادها محاولة تأجيج وتهويل الوضع الاقتصادي والسياسي في الجزائر.
ووضعت حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإخوانية في الجزائر، شروطا لدعم حكومة تبون، وهي أن يكون هناك أفق سياسي متبوع بإصلاح اقتصادي. وقال رئيس "مجتمع السلم" في الكلمة الافتتاحية للدورة التاسعة لمجلس الشورى الذي انعقد منذ يومي، إن تشكيلته السياسية مستعدة لمساعدة حكومة تبون في الإصلاح لكن بشروط، وعلى رأسها أن يكون هناك أفق سياسي يرتكز على إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم ومراقبة الانتخابات، وأن يكون هذا الأفق السياسي متبوعا بإصلاح اقتصادي.
وخاطب عبد الرزاق مقري، "حين كنا نتحدث عن مخاطر السياسة المنتهجة من قبل الحكومة بشأن الاقتصاد الوطني، وبينها مثلاً صناعة السيارات بالطريقة الخاطئة التي هي عليها إلى الآن، كانت أحزاب الموالاة تدافع عن الحكومة المسؤولة عن هذا، واليوم أصبحت الحكومة ذاتها ممثلة في الوزير الأول (رئيس الحكومة) تقول نفس ما كنا نقوله، لولا كشف المعارضة هذا الأمر لما تغيرت الموازين داخل السلطة ذاتها". ويرى عبد الرزاق مقري أن اعتراف رئيس الوزراء الجزائري، عبد المجيد تبون، بالوضع الاقتصادي والمالي الراهن هو جزء من تكتيك سياسي، يستهدف إفراغ مواقف المعارضة من محتواها.
واعتبر أن "السلطة اليوم تخشى من اتساع شعبية المعارضة بسبب تأكد توجهاتها في مختلف المجالات، فهي تحاول سحب الملفات منها بتبنّي أفكارها، وأحزابها المغلوبة على أمرها تتبعها". وقالت جبهة العدالة والتنمية التي يرأسها الشيخ عبد الله جاب الله، أبرز الأحزاب الإسلامية في الجزائر، إن دعوة رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون إلى الحوار والعمل مع كل أبناء الجزائر دون تمييز ودون أحكام مسبقة من أجل مصلحة الوطن ورقيه، لن يكون فعالا إلا إذا أفضى إلى توافق وطني لمعالجة القضايا المصيرية للأمة، حتى يساهم في إعادة بناء جسر الثقة بين المواطن ومؤسساته، ويتجاوز بالتالي إشكالية ضعف شرعية المؤسسات المنتخبة.
وشدد الحزب، في بيان له على أن مخطط عمل الحكومة ومهما تضمن من وعود اقتصادية واجتماعية وسياسية للتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية والتنصيص الصريح على الفصل بين المال وممارسة السلطة، فإنه يظل ناقصا بسبب ضعف شرعية الهيئة التشريعية، وعدم الحزم في محاربة الفساد والتبذير والإفلات من العقاب، وغياب التوافق الوطني لرسم معالم المستقبل.
وقال القيادي في حزب العمال والنائب في البرلمان الجزائري، رمضان تعزيبت في تصريحات لـ"العرب اليوم": "بداية نحن نرحب اليوم بهذا الحوار، وأيضا بالنوايا الحسنة التي جاء بها عبد المجيد تبون، لكن لا يمكننا إطلاقا التخلي عن مواقف حزب العمال الجزائر مثلا الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، فهو مكسب للجزائريين ولا يمكن إعادة النظر فيه، بخاصة وأن البلاد محيطة برف إقليمية صعب وأي هشاشة في الظرف الحالي بإمكانها المساس بالسيادة الوطنية والأمن القومي للبلاد "، مشيرا إلى أن دعوته هي بمثابة تهدئة سياسية أو إعلان هدنة مع المعارضة لكن لا يمكن الحكم عليها مسبقا فرغم كل شيء خليفة عبد المالك سلال في قصر الدكتور سعدان أظهر نوايا حسنة.