الدار البيضاء - جميلة عمر
تقاطرت على لجنة الداخلية في مجلسي النواب والمستشارين المغربي، طلبات لاستدعاء وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، لتقديم توضيحات حول الاحتجاجات التي تعرفها الحسيمة، ومضامين التقرير المقدم أمام ممثلي أحزاب الأغلبية، التي خرجت بتصريحات نارية تحدثت فيها عن وجود "نزعات انفصالية"، وذلك في الوقت الذي كان نشطاء الحراك الشعبي في الحسيمة يحشدون لمسيرة الخميس، وسط تعزيزات أمنية كبيرة حلت بالمدينة.
وحسب مصادر مطلعة، فإن اجتماع فريق "العدالة والتنمية" في مجلس المستشارين، يوم الثلاثاء الماضي خلص إلى اتخاذ قرار طلب استدعاء لفتيت مع اقتراح تخصيص الجلسة الشهرية لتقييم السياسات العمومية، بحضور رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، لموضوع الاحتجاجات التي تشهدها الحسيمة وبعض المناطق المجاورة، ومساءلة الحكومة عن المقاربة المعتمدة للتعاطي معها
ويبدو أن تصريحات ممثلي أحزاب الأغلبية، عقب اجتماعهم بوزير الداخلية، قد أثارت غضبا كبيرا في صفوف أعضائها في المنطقة، حيث خرجت الكتابات الإقليمية لأحزاب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي والاستقلال ببيان مشترك أعلنت فيه رفضها لتصريحات ممثلي الأغلبية الحكومية، والتي تتهم بشكل صريح أبناء المنطقة بالنزعة الانفصالية، وفق تعبيرهم.
من جهته، أكد إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المظاهرات التي عرفها إقليم الحسيمة والنواحي تتسم بالسلمية وذات طابع اجتماعي مشروع، مشيرا إلى أن اللغة المستعملة من قبل بعض قيادات الحراك تتميز بالعنف وتسفيه الأحزاب والجمعيات، "وهو الأمر غير المقبول".
وأضاف اليزمي عقب استضافته في برنامح "ضيف الأولى" على القناة الأولى أن الاحتجاجات في المغرب تتطلب فقط التصريح وليس الترخيص، مشيرا إلى أن هناك "تصاعدًا في الحركات الاحتجاجية في المغرب، ما بين 10 آلاف و16 ألف احتجاج في السنة، وهي ظاهرة صحية تدل على أن المواطن واعٍ بحقوقه ويخرج للاحتجاج من أجلها".
وقال اليزمي إن المجلس لم يلعب دور الوساطة إلى حد اليوم، رغم أن الاحتقان يتطور بشكل ينبئ بأشياء غير محمودة العواقب، مضيفا أنه "يجب على المجلس أن يقوم بالوساطة في حالة فشل كل آليات الوساطة في أداء دورها، وفي حالة ما إذا كان هناك احتمال شبه أكيد لوقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
وأورد اليزمي في جواب له على سؤال حول كيفية التعامل مع نشطاء لا يعترفون بالأحزاب السياسية والسلطة المنتخبة والجمعيات، "من بين الإشكاليات المطروحة الشعور بالوعي داخل المجتمع، وقدرة المواطن على المطالبة بالحقوق"، مشيرا إلى أن "آليات الوساطة، يجب أن تتقوى أكثر في هذا الإطار". واعتبر أن هناك ضعفًا في التواصل من طرف الجهات الرسمية مما يؤدي الى غياب المعلومة الصحيحة.
من جهته، دعا مرصد الشمال لحقوق الإنسان، السلطات إلى ضمان حق الاحتجاج السلمي بالحسيمة، معلنا عن "تضامنه المطلق مع المحتجين بالحسيمة من أجل تحقيق ملفهم المطلبي العادل والمشروع". وطالب المرصد في بيان وصلت الى "المغرب اليوم "بنسخة منه، السلطات "بالسحب الفوري للعسكر من شوارع الحسيمة والنواحي، وإلغاء الظهير العسكري ووقف كل أشكال الترهيب، وفتح حوار مباشر مع المحتجين من طرف مسؤولين يتمتعون بالمصداقية لدى الساكنة".
واستنكر المرصد التصريحات الصادرة "عما يسمى بالأغلبية الحكومية، أو تلك الصادرة عن محمد اليعقوبي والي جهة طنجة تطوان الحسيمة في تخوين المحتجين ونعتهم بالانفصاليين". ودعا "باقي المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني، للتضامن مع سكان الريف والضغط على السلطات للتراجع عن مقاربته الأمنية تجاه المنطقة"