الرباط - كمال العلمي
بعد زخم كبير رافق الإعداد لها بسبب حشد الدعم للإعلان الرسمي عن عودة سوريا إلى حضنها العربي، لم تخيب القمة العربية التي احتضنتها مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية التطلعات، وأعلنت جملة من المواقف الداعمة لوحدة الدول واستقرارها.وشدد “إعلان جدة” على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية، والرفض التام لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة.كما أكد القادة العرب أن الصراعات العسكرية الداخلية لن تؤدي إلى انتصار طرف على آخر، وإنما تفاقم معاناة الشعوب وتثخن في تدمير منجزاتها، وتحول دون تحقيق تطلعات مواطني الدول العربية.
مضامين الإعلان
أبرز الإعلان أن التنمية المستدامة والأمن والاستقرار والعيش بسلام حقوق أصيلة للمواطن العربي، ولن يتحقق ذلك إلا بتكاثف الجهود وتكاملها، ومكافحة الجريمة والفساد بحزم وعلى المستويات كافة، وحشد الطاقات والقدرات لصناعة مستقبل قائم على الإبداع والابتكار ومواكبة التطورات المختلفة، بما يخدم ويعزز الأمن والاستقرار، والرفاه لمواطني الدول العربية.ولا تخطئ عين ملاحظ أن المحاور المتعلقة بالوضع السياسي في المنطقة العربية التي جاء بها الإعلان تبدو منسجمة تماما مع مبادئ السياسية الخارجية المغربية، التي لطالما عبرت عن تمسكها بها، ودافعت عن ضرورة الالتزام بها في جامعة الدول العربية.
ويبدو أن هذه النقاط جاءت لتؤكد وتعزز موقف وموقع المغرب في جامعة الدول العربية، إذ بينت أنها تدعم الرباط بشكل واضح في ملف وحدتها الترابية ضد الاستهداف المتكرر الذي تواجهه المملكة من قبل الجارة الشرقية؛ وبالتالي خرج المغرب بجملة من المكاسب من القمة السعودية.بل إن المملكة برئاسة الملك محمد السادس تلقت رسالة دعم واضحة من القادة العرب لدور لجنة القدس تحت رئاسة الملك محمد السادس، ووكالة بيت مال القدس، في الدفاع عن مدينة القدس وصمود أهلها، وهي رسالة تعبر عن تقدير العالم العربي للجهود الكبيرة التي يبذلها المغرب وملكه في الدفاع عن القضية الفلسطينية والمدينة المقدسة.
كما عبر القادة العرب عن التزامهم واعتزازهم بالقيم والثقافة العربية القائمة على “الحوار والتسامح والانفتاح، وعدم التدخل في شؤون الآخرين تحت أي ذريعة”، مع التأكيد على “احترام قيم وثقافات الآخرين، واحترام سيادة واستقلال الدول وسلامة أراضيها”، وهي العبارات التي مثلت تأكيدا جديدا من القادة العرب على دعم وحدة الأوطان العربية وعلى رأسها المملكة.
وحدة الدول
خالد الشيات، المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، رأى في إعلان قمة جدة، وحديثه عن “دعم وحدة الدول العربية ورفض كل الأشكال التي تدعم الانفصال والتفتيت والتشتيت”، “توافقا مع القيم التي تحملها جامعة الدول العربية”.وأضاف الشيات في حديث أن هذه القيم موجودة في المغرب، وتمثل “لفظا للحركات التي تدعي قيام الدول، كما هو الحال بالنسبة لجبهة البوليساريو”، معتبرا أن هذا الأمر “يتوافق مع القيم التي يحملها ويدافع عنها المغرب، والدول العربية؛ دول موحدة وكاملة السيادة بعيدا عن أشكال التدخل ودعم الانفصال”.
وأشار الأكاديمي المغربي إلى أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية اتضح أنه في إطار “التوافق حول هذه القيم، ودعم الوحدة وعدم دعم الحركات الانفصالية”، مشددا على أن هذه العودة “رهينة بالمنظور السعودي المغربي، أكثر من المنظور الذي كانت تدعو له الجزائر لاحتضان سوريا في منظومة معادية لقيم الوحدة والتكافل والتآزر العربي”.
إشادة ومكاسب
كما سجل الشيات أن “تثمين الأدوار التي يقوم بها جلالة الملك باعتباره رئيسا للجنة القدس يمثل تثمينا من الجامعة للرؤية التي يحملها المغرب بخصوص القضية الفلسطينية، لاسيما في مسألة القدس الشريف”، وفق رأيه.رأي الشيات تقاطع مع ما ذهب إليه إسماعيل حمودي، الأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس والمحلل السياسي، الذي أكد أن “هذا المعطى بين أن المغرب معني بشكل خاص بالقضية المركزية للأمة العربية، أي فلسطين”، مبرزا أن مخرجات القمة تؤكد هذا المعطى، حيث عبر الإعلان الختامي للقمة “إعلان جدة” عن “دعم جهود الملك محمد السادس على رأس لجنة القدس وذراعها التنفيذي وكالة بيت مال القدس”.
وأشار حمودي، ضمن تصريح، إلى أن حضور المغرب للقمة العربية في جدة “تعبير عن التزامه بالتضامن العربي ومقتضياته”، مؤكدا أن المغرب “جزء من أمته العربية الإسلامية، ومعني بالتهديدات والتحديات التي تواجه المنطقة، كما أنه معني بالفرص والتصورات التي تقدمها للعالم”.وعن المكاسب التي حققها المغرب خلال القمة، سجل حمودي أن المغرب انتزع فيها “الدعم العربي في استضافته الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؛ وهو أمر مهم لإشعاعه الدولي وسمعته بين الدول”؛ كما أفاد بأن تأكيد الإعلان الختامي على مبدأ سيادة واستقلال الدول وسلامة أراضيها “ينسجم مع الموقف المغربي الرافض لكل مس أو اعتداء على الوحدة التربية والوطنية، وهو الأمر الذي مثل نقطة جديدة من الأسرة العربية للوحدة الترابية للمملكة التي لا تقبل المساومة”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أحمد أبو الغيط يُدين السماح بمسيرة لمتطرفين إسرائيليين في القدس الشرقية