تونس - حياة الغانمي
أعلنت السلطات التونسيّة جبال “الشعانبي” و“سمامة” و“السلوم” و“خشم الكلب” و“الدولاب” و“عبد العظيم” من ولاية القصرين، وجبل مغيلة الواقع بين ولايتي القصرين، وسيدي بوزيد مناطق “عسكرية” مغلقة، فبعدما تحصّنت جماعات متطرفة في المنطقة، أصبح الدخول إليها يخضع إلى ترخيص مسبق من السلطات العسكريّة.
و رغم أن هذه المناطق تم إغلاقها لحماية سكان المناطق المتاخمة من الجبال من خطر التطرف االمحدق ، إلاّ أنّ غول الفقر و التهميش أخاف السكان أكثر من خوفهم من المتطرفين، فيتجه الكثير من الرعاة إلى سفوح الجبال بحثًا عن قوت يومهم مواجهين بذلك خطر الألغام والمتطرفين على حد سواء، ولهذا تبحث السلطات التونسية عن حماية تلك العائلات التي تقطن في تجمعات محاذية للجبال، ورغم مساعي الدولة لحمايتهم إلا أن كثيرًا من السكّان يتعرّضون إلى التهديد من طرف عناصر متطرفة في الجبال بسبب البلاغات التي يقدّمونها إلى السلطات ضدّهم، وبعضهم فقد حياته، كالأخوين السلطاني، بتهمة التجسّس لصالح الدولة، والبعض الآخر ذهب ضحيّة الألغام الأرضية التي تزرعها هذه العناصر في سفوح الجبال"، ويحاول سكّان الجبال، وعلى الرغم من أوضاعهم الصعبة، وبمبادرات ذاتيّة، التحرّر من جوّ الترهيب الذي تفرضه الجماعات المتطرفة ومن التهميش الذي تمارسه الدولة.
وسكّان المناطق الجبليّة وسفوح الجبال التونسيّة يعيشون أوضاعًا اجتماعيّة واقتصاديّة قاسية، إلى جانب احتكاكهم اليوميّ بالخطر المتطرف المباشر، من خلال التهديدات التي يتلقّونها من العناصر المسلّحة أو في شكل غير مباشر من خلال الألغام الأرضيّة الفتّاكة التي زرعتها هذه العناصر في الطرق والدروب الجبليّة التي يسلكها الأهالي لرعي الأغنام، أو لجمع الحطب والنباتات، لكنّ الدولة وعلى امتداد أكثر من ستّ سنوات من بداية الحرب على التطرف في المنطقة، لم تفعل الكثير من أجل تحسين أوضاع هؤلاء السكّان أو حمايتهم من الأخطار المتطرفة. فهي تقتصر على مواجهة التطرف بالقوّة العسكريّة والأمنيّة فقط.
ويرى الخبراء والمتابعون أن هذه الحلول لن تجعل الحكومة التونسيّة تكسب معركتها في وقت قصير، ويؤكدون أن عليها التحرك في مجال التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة للمناطق المستهدفة، والتي إذا تركت للتهميش والفقر، يمكن أن تتحوّل إلى حواضن اجتماعيّة للجماعات المتطرفة.