الجزائر – ربيعة خريس
عبر رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون، بمخطط عمل حكومته الجديدة التي انبثقت عن الانتخابات النيابية التي جرت يوم 4 مايو / آيار الماضي، إلى بر الأمان مدعومًا بغالبية أعضاء المجلس الشعبي الوطني "الغرفة السفلى" التي تضم الأحزاب المحسوبة على السلطة الجزائرية وأعضاء مجلس الأمة "الغرفة العليا" من البرلمان، حيث صادقوا الخميس، على لائحة مساندة ودعم لمخطط عمل الحكومة، وذلك طبقا للمادة 94 من الدستور الجزائري.
ورغم الدعم الذي حظي به مخطط عمل حكومة عبد المجيد تبون من قبل نواب السلطة في البرلمان الجزائري بغرفتيه، إلا أن المعارضة الجزائرية ومتتبعين للشأن السياسي في البلاد أجمعوا على الحكومة الجزائرية قد دخلت مغامرة غير محمودة العواقب واتخذت قرارات صامتة ستتحول إلى قنابل موقوتة بمرور الوقت أبرزها القرار القاضي بإصلاح نظام الدعم الحكومي للسلع والخدمات، هذا الملف الذي تسبب في نزيف حاد لاحتياطات نقدية في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية وتراجع عائدات الصادرات، رغم أن الحكومة الجزائرية الجديدة تفكر في إعفاء أصحاب الدخل الضعيف من الضرائب فيما يجب فرض رسوم وضرائب جديدة على الثروة.
ولم تشف الوعود التي أطلقها رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون, غليل المعارضة في الساحة وأجمعت على كل ما حملته وثيقة مخطط عمل الحكومة سيبقى مجرد حبر على ورق, وفي وقت حاول إقناعها على أنه سيحاول تطبيق كل ما تضمنه مخطط عمل طاقمه الحكومي في آجال زمنية محددة, وموافاة النواب بأدق التفاصيل عن انجازاته من خلال عرض بيان السياسة العامة الذي لطالما طالب النواب بعرضه إلا أن حكومات عبد المالك سلال السابقة تجاهلت هذا المطلب، إلا أن الجناح المعارض للسلطة داخل قبة البرلمان الجزائري أكد أن كل ما جاء به تبون يتناقض مع الواقع فإعادة بعث المشاريع في الظرف الراهن سيجر الحكومة إلى الاستدانة الخارجية خاصة في ظل نضوب احتياطات الجزائر من الصرف والأموال الموجودة داخل صندوق ضبط الإيرادات والتي تمثل فائض الجباية النفطية التي تم تحصيلها في السنوات السابقة عندما فاق سعر الذهب الأسود في الأسواق العالمية 100 دولار, كما أن الحكومة وبقرارها القاضي إعادة مراجعة ملف الدعم الاجتماعي الذي تعتمده منذ استقلالها عام 1962 والذي تستفيد منه كل الفئات سواء كانوا أغنياء أو فقراء، قد تجاوزت المنطقة الحمراء وارتمت بين أحضان حقل ملئ بالألغام, وكان رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون قد أكد أمام نواب البرلمان الجزائري عن برنامج إعادة النظر في سياسة دعم السلع والخدمات.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية لتحالف حركة مجتمع السلم الجزائرية، ناصر حمدادوش، في تصريحات لـ"المغرب اليوم" إن مخطط الحكومة الجديدة لا يتضمن حلولا جدية للضائقة المالية التي تمر بها البلاد، وكل المشاريع التي جاء بها تبون توحي أن الحكومة الجزائرية مجبرة على اللجوء إلى الاستدانة الخارجية نهاية العام الجاري في ظل تراجع احتياطي الصرف ونضوب أموال صندوق ضبط الإيرادات، وأوضح المتحدث أنه نسخة محينة عن سابقيه، رغم وجود اختلاف كبير بين ما كانت تتوفر عليه الجزائر في السنوات السابقة وما تتوفر عليه الآن, فهو يفتقر لأرقام حقيقة تعبر عن حجم الأزمة التي تمر بها البلاد وتضمن تعابير إنشائية مع غياب الرؤية والاستراتيجية والإرادة الحقيقية لمواجهة الأزمة.
وبخصوص قرار الحكومة القاضي بمراجعة ملف الدعم الاجتماعي, قال ناصر حمدادوش إن التقشف دفع بالحكومة إلى تجاوز الخطوط الحمراء فمراجعة هذه الملف ينذر باحتقان اجتماعي كبير, مشيرا إلى أن الحكومة الجزائرية لم تعد معنية بداية من العام الجاري بسياسة شراء السلم الاجتماعي ولن تجد من حلول أمامها سوى اللجوء إلى المديونية الخارجية, وكانت الجزائر قد شهدت احتجاجات كثيفة بسبب ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية وتمكنت الحكومة من إخماد فتيلها بحزمة من الإصلاحات والإجراءات الاجتماعية التي اتخذتها مستندة في ذلك إلى أسعار النفط التي بلغت 120 دولار للبرلمان.
وظهرت أولى ملامح رغبة الحكومة في ضرورة توجيه الإعانات لمستحقيها والتخلي تدريجيا عن سياسية الدعم الاجتماعي عام 2015 إلى أنه قوبل بمعارضة شرسة وبقي بعدها حبيس أدراج الحكومة.